هزيمة ترامب المركبة

هزیمة ترامب المرکبة

ما أصبح واضحًا اليوم أكثر من أي وقت مضى للرأي العام العالمي هو "ذلّ حلفاء أمريكا" و"صلابة اللاعبين المستقلين". لا شك أن تبعات هذه الهزيمة المركبة ستكون وخيمة وثقيلة على الإدارة الحالية وحتى الإدارات المستقبلية التي ستتوالى على البيت الأبيض.  

وكالة تسنيم الدولية للأنباء– منذ أن تولى رئيس الولايات المتحدة قمة الهرم السياسي في واشنطن، أطلق العشرات من التهديدات (الاقتصادية والعسكرية) تجاه دول العالم المختلفة، ولم يرحم حتى حلفاءه وعملائه! استسلام الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو لمطالب الولايات المتحدة أوهم ترامب بأن العالم يشهد عودة النظام الأحادي القطبية، وأن واشنطن هي "المتغير المستقل" (بينما الآخرون مجرد متغيرات تابعة لها). لكن المواقف الحازمة الأخيرة للدول المستقلة في النظام الدولي وجهت ضربة قوية لواشنطن، وتحدت أوهام وافتراضات ترامب.  

مؤخرًا، رفضت الخارجية الصينية طلب الولايات المتحدة بوقف شراء النفط من إيران وروسيا، معلنة: "لا ضغط سيمنعنا من تلبية احتياجات بلادنا من الطاقة. الصين ستضمن دائماً أمنها الطاقي وفقًا لمصالحها الوطنية. لن تنجح سياسة الترهيب والضغط. سندافع بحزم عن سيادتنا وأمننا ومصالحنا التنموية."

هذا ليس الموقف الحازم الأول في وجه تهديدات الرئيس الأمريكي الواهم: فقد رفضت إيران الإسلامية بقوة المطالب الوقحة لواشنطن (قبل الحرب الأخيرة وبعدها)، وذكّرت أمريكا وحلفاءها مرارًا بقصف قاعدة العديد. أما روسيا، فتجاهلت تمامًا الإنذارات الزائفة التي أطلقها ترامب وحلفاؤه، وأكدت التزامها بحماية وتعزيز مصالحها وخطوطها الحمراء الاستراتيجية في النظام الدولي (بما في ذلك ملفات مثل الحرب الأوكرانية).

حتى الهند، التي تربطها علاقات سياسية واسعة مع أمريكا، رفضت طلب ترامب الأخير بوقف شراء النفط الروسي واعتبرت تنفيذه مستحيلًا.  

كل هذه التطورات ترمز إلى هزيمة ترامب في حربه المركبة ضد الدول المستقلة. وما يتجلى اليوم للعالم أكثر من أي وقت مضى هو "ذل حلفاء أمريكا" و"صلابة اللاعبين المستقلين". ولا شك أن تبعات هذه الهزيمة المركبة ستكون ثقيلة على الإدارة الحالية وحتى الإدارات القادمة في البيت الأبيض.  

بكلمات أوضح: فشل ترامب ليس فقط اقتصاديًا، بل أيضًا أمنيًا وسياسيًا في تحقيق أهدافه المعلنة والمخطط لها مسبقًا. لذا، يجب اعتبار واشنطن – منذ الآن – وريثة هزيمة متعددة الأبعاد ومركبة. 

استمرار نهج ترامب الحالي سيزيد دون شك من حدة ونطاق هذه الهزيمة الفادحة. فالرئيس الأمريكي لم يعد يملك القدرة على تغيير قواعد اللعبة، وبالتالي لن يستطيع منع مصيره المظلم في هذه المعركة. لحظات مظلمة تنتظر ترامب وأمريكا.  

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة