محمد الزلباني طفل أسير ... حيث تحكم الطفولة من بين دفاتر المدرسة
في أحد أزقة مخيم شعفاط، كان محمد الزلباني يركض بحقيبته المدرسية، قبل أن تختطف طفولته على حاجز الاحتلال، لم يكن قد تجاوز الثالثة عشرة حين اعتُقل، وتعرّض لتحقيق وتعذيب، ثم صدر بحقه حكم قاسٍ بالسجن 18 عامًا بتهمة قتل جندي، رغم أن الرصاصة لم تكن منه، بحسب عائلته.
تقول والدة الطفل فداء الزلباني لوكالة تسنيم الدولية للأنباء: "في يوم عادي ونظام بيتي عادي تفاجأت باخبار تقول ابني استشهد، لكن الحمد لله لم يكن فيه اصابات ، جيش الاحتلال اعتقله وتم اعتقالي انا واولادي وزوجي وهناك تم اخباري بادعائهم ان ابني قد عمل عملية ولكن في الواقع حدث شيء اخر، الذي حدث ان محمد ركب في الحافلة كان في ماخرتها وعندما حدث تفتيش من قبل جنود الاحتلال وابني صغير بعمر 13 عام لا يملك هوية او شيء، تلبك في ذلك الوقت وهو طفل صغير شيء طبيعي وردة فعل طبيعية ويبدو ان حركاته اقلقت الجندي منه رغم صغر سنه، الجندي تلبك وقام بضرب محمد على راسه واغمى عليه وفي هذه اللحظة محمد كان فاقد الوعي، جندي اخر ارتبك وقام باطلاق الرصاص على الجندي الاخر الذي كان بجانب محمد".
سيخرج محمد وقد غادر عمر البراءة، وسيدخل عمر الرجولة من بوابة السجن، لا المدرسة... الطفل محمد، الذي كانت أحلامه لا تتعدى دفتره ولعبته، وجد نفسه خلف القضبان.
تضيف الزلباني على قولها لوكالة تسنيم: "ابني انظلم جدا لم يتقبلو اي شيء بخصوص قضية ابني حتى سائق الحافلة والراكبين جميع شهود العيان الذين كانو متواجدين شهدو لصالح ابني لكن جيش ومحكمة الاحتلال لم يقبلو اي شيء، في ذات اللحظة عندما تم اعتقال طفلي اتصل بي ويقول لي ( انا اريد ان اتناول الطعام واخرج للعب)، انه طفل تفكيره ليس بهذه الامور ابدا".
بينما والدته تروي بمرارة تفاصيل العذاب: منزل فُجر، وعائلة نُكّلت بها، وغرامة مالية أثقلت القلب قبل الجيب.
تقول فداء وهي منهكة لوكالة تسنيم: " من 13\2\2023 تغيرت كل حياتي، قدمنا استئناف لمحكمة الاحتلال وتم رفضه، رفضوا تقلييل العقوبة، رفضو تقليل الغرامة المالية والتي تبلغ 250 الف شيكل، ورفضوا احتساب السنتين التي قضاهم في السجن قبل الحكم ب18 عام، يعني تخيلوا ان تعاقبوا وتحاكموا طفل بعمر ال 13 عام وتقول له انه سيسجن 18 عام ماذا ستكون ردة فعله او نفسيته او وضعه داخل السجن ونحن نعلم ماذا يعاني منه المعتقلين داخل السجون".
داخل الزنازين، لا يبدو أن الطفولة تشفع لأحد. فالأسرى الأطفال يُعاملون كمجرمين كبار: تحقيقات دون محامٍ، حبس انفرادي، حرمان من التعليم والزيارة وحتى من الشمس. أطفال يُحاكمون بلغة لا يفهمونها، ويُتركون في الظلام ليكبروا قبل أوانهم، مثقلين بالخوف، منسيين من عدالة لا تصل.
يقول رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الاسرى والمحررين لوكالة تسنيم: "وصل عدد الاسرى الاطفال المعتقلين تحت السن القانوني داخل السجون الاسرائيلية وهم موجودين في ثلاثة سجون اسرائيلية النقب ومجدو وعوفر وعددهم قرابة 425 اسيرا طفلا، تم اعادة اعتقال عدد كبير من الاطفال الذين افرج عنهم في صفقة التبادل الماضي، بمعنى انه لا يوجد هناك حصانة لاي اسير طفل محرر من اعادة اعتقاله مرة ثانية من قبل سلطات وجيش الاحتلال الاسرائيلي".
في نظر الاحتلال، الطفولة جريمة، واللعب تهمة، والضحكة تحريض. أكثر من 450 طفلًا يقبعون في السجون، بينهم 87 معتقلًا إداريًا دون تهم، في مشهدٍ يُجسّد طفولةً مسلوبة ووطنًا يُغتال في عيون الصغار.
/انتهى/