آلية الزناد: متغيّر بلا تأثير في معادلة إنتاج وتصدير النفط الإيراني
تشير إحصاءات صندوق النقد الدولي إلى أنّ تفعيل "آلية الزناد" وعودة 6 قرارات العقوبات الصادرة عن مجلس الأمن لن يترك أي أثر يُذكر على مستوى إنتاج وتصدير النفط الإيراني.
وكالة تسنيم الدولية للأنباء - ففي الوقت الذي تُضخّم فيه وسائل الإعلام الغربية من شأن تفعيل هذه الآلية وتدّعي أنّ العقوبات الأممية ستلقي بظلالها السلبية على مختلف جوانب حياة الإيرانيين، تُظهر البيانات أنّ قطاع النفط –الذي يُعد العمود الفقري للاقتصاد الإيراني ويشكّل نحو نصف إيرادات الموازنة– لم يتأثر تاريخياً بهذه القرارات.
قبل دخول الاتفاق النووي حيّز التنفيذ عام 2016 وتعليق مفاعيل العقوبات الأممية، كان إنتاج إيران النفطي عام 2015 نحو 2.92 مليون برميل يومياً، وهو مستوى قريب جداً من إنتاج عام 2024 البالغ 3.027 مليون برميل يومياً. بل إنّ الإنتاج في السنوات 2011 إلى 2014 لم ينخفض عن 2.7 مليون برميل يومياً. ما يعني أنّ إيران خلال فترة العقوبات الأممية كانت تنتج تقريباً المقدار ذاته الذي تنتجه حالياً.
مع تطبيق الاتفاق النووي عام 2016 قفز الإنتاج إلى 3.675 مليون برميل يومياً ثم إلى 3.814 مليون برميل في 2017. لكن هذا الارتفاع لم يكن نتيجة رفع العقوبات الأممية، بل بفعل الإعفاءات من العقوبات الثانوية الأمريكية. والدليل على ذلك أنه بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق عام 2018 تراجع الإنتاج إلى 3.282 مليون برميل يومياً، ووصل إلى أدنى مستوى له في 2020 عند 2.024 مليون برميل يومياً.
أما مع تبني الحكومة الثالثة عشرة في إيران سياسات مضادة للعقوبات، فقد عاد الإنتاج للارتفاع منذ 2022 ليبلغ في 2024 مجدداً 3.027 مليون برميل يومياً.
الاتجاه ذاته ينطبق على الصادرات: ففي 2015، أي في ظل العقوبات الأممية، صدّرت إيران فقط 280 ألف برميل أقل مما صدّرته عام 2024. وأدنى مستوى للصادرات في الفترة بين 2011 و2015 بلغ نحو 991 ألف برميل يومياً. لكن القفزة الحقيقية جاءت في 2016 مع إعفاءات العقوبات الأمريكية الثانوية حين وصلت الصادرات إلى 1.775 مليون برميل يومياً، ثم إلى 1.85 مليون برميل في 2017، قبل أن تهبط مجدداً إلى 1.394 مليون برميل في 2018 وإلى أدنى مستوى بـ 444 ألف برميل في 2020. ومع تغيّر الحكومة والالتفاف على العقوبات، استعادت الصادرات مسارها التصاعدي.
قرارات بلا وزن اقتصادي
القرارات التي أصدرها مجلس الأمن الدولي ضد إيران، والتي يُتوقع أن تُفعّل مجدداً مع تشغيل "آلية الزناد"، هي على النحو التالي:
القرار 1696 (2006): يطالب إيران بتعليق جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب ومعالجة اليورانيوم.
القرار 1737 (2006): يجمّد أصول الأفراد والجهات المشاركة في البرامج النووية والصاروخية الإيرانية.
القرار 1747 (2007): يفرض حظراً على بيع السلاح لإيران، ويقيّد منح القروض الدولية لها.
القرار 1803 (2008): يوسّع نطاق تجميد الأصول وحظر السفر، ويمنح صلاحية تفتيش الشحنات المشبوهة المتجهة من وإلى إيران.
القرار 1835 (2008): يؤكد القرارات السابقة من دون إضافة عقوبات جديدة.
القرار 1929 (2010): يحظر بيع الأسلحة الثقيلة لإيران، ويضع بعض القيود المصرفية عليها، ويمنع الأنشطة المتعلقة بالصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية.
ومما يتضح، فإنّ الطابع الاقتصادي في هذه القرارات محدود للغاية، إذ لم يتضمن سوى القرار 1929 إشارة إلى عقوبات مصرفية، وهي لا تقارن بوطأة العقوبات الأمريكية والأوروبية الثانوية.
النفط الإيراني في المعادلة العالمية
رغم العقوبات الغربية، واصلت إيران إنتاج وتصدير ملايين البراميل من النفط. ووفقاً لتقرير وزارة الطاقة الأمريكية عن إيرادات "أوبك"، بلغت عائدات إيران النفطية في 2024 نحو 43 مليار دولار، مع توقعات بأن تحقّق في 2025 نحو 34 مليار دولار رغم تراجع أسعار الخام عالمياً. أما إجمالي إيرادات "أوبك"، فسيهبط في العام ذاته بـ 95 مليار دولار ليصل إلى 455 مليار دولار.
النتيجة أنّ "آلية الزناد" لا تمثّل متغيّراً مؤثراً في معادلة إنتاج وتصدير النفط الإيراني، بل إنّ أداء القطاع النفطي ظلّ مرتبطاً بالعقوبات الثانوية الأمريكية أكثر من ارتباطه بالعقوبات الأممية.
/انتهى/