الدروز: أقلية دينية ذات هوية غامضة عمرها ألف عام
من هم الدروز؟ وكيف انضم البعض منهم الى "جيش" الكيان الإسرائيلي؟ ولماذا يعمل الكيان على الإهتمام بهذه الطائفة سواء في فلسطين المحتلة أو في الجولان السوري المحتل؟.
الدروز طائفة إسماعيلية ذات تعاليم سرية وهيكلية مغلقة، تأسسّت على الإيمان بألوهية "الحاكم بأمر الله"، الخليفة الفاطمي السادس. تعود جذور هذه الطائفة الغامضة إلى القرن الخامس الهجري.
من بين حوالي مليون ونصف المليون درزي، يعيش حوالي 700 ألف منهم في سوريا اليوم، معظمهم في محافظة السويداء وضواحي دمشق. كما يوجد 350 ألف درزي في لبنان و145 ألفًا في مرتفعات الجولان.
يُعتبر "شيخ الحكمة" أعلى سلطة روحية بين الدروز، ويتمتع الدروز بحضور قوي في أي منطقة أو بلد يتواجدون فيه، وعادةً ما يتولى واحد أو أكثر من شيوخ الحكمة دور القيادة الروحية للطائفة الدرزية.
ولشيوخ الحكمة دور هام في الحفاظ على الهوية الدينية والاجتماعية والثقافية لهذه الطائفة، وقد بدأ دمج أجزاء من الجسد الدرزي في السنوات الأولى لتأسيس نظام الاحتلال الصهيوني، كما ولعب وجود الشباب الدرزي في هيكل جيش الكيان الإسرائيلي، إلى جانب الشباب اليهودي، دوراً محورياً في خطط تل أبيب طويلة المدى لدمج الدروز في الهيكل السياسي والاجتماعي للنظام الصهيوني، كما أن مشاركة الدروز في حرب عام ١٩٤٨ أدت إلى تشكيل كتيبة درزية في هيكل جيش الكيان الإسرائيلي.
إضافة إلى ذلك، منذ عام ١٩٥٦، طُلب من الرجال الدروز الخدمة في جيش الكيان الإسرائيلي بموافقة زعيمهم الروحي، مما مهد الطريق لاندماجهم في المؤسسات العسكرية والأمنية الصهيونية.
بعد هذا التطور المهم، انتهجت إسرائيل سياسة فصل الهوية، وبناءً على ذلك، أُنشئت مدارس مستقلة، ووسائل إعلام خاصة، وهيكل تعليمي منفصل للدروز. حتى كلمة "عربي" أُزيلت من وثائق هويتهم، واستُبدلت هوية "درزي إسرائيلي". كان الهدف من هذا الإجراء المشؤوم قطع الروابط الثقافية والسياسية بين دروز فلسطين المحتلة والمجتمع العربي الفلسطيني.
في عام ١٩٦٧، خلال حرب الأيام الستة، نجح جيش الكيان بإحتلال مرتفعات الجولان السورية، وفي عام ١٩٨١ أعلن ضمه للأراضي المحتلة.
على الرغم من السيطرة الصهيونية على المنطقة، رفض العديد من دروز الجولان قبول الجنسية الإسرائيلية وأصروا على الحفاظ على هويتهم السورية، حتى مع تكثيف عملية اندماج الدروز في الهيكل السياسي والعسكري لإسرائيل في مناطق أخرى.
ورغم التزام الأجيال الأكبر سنًا من دروز الجولان بهويتهم السورية ومشاركتهم الواسعة في المسيرات المتعلقة بالأيام الوطنية السورية، حاول الكيان الإسرائيلي جذب جيل جديد من الدروز من خلال تطوير البنية التحتية وتقديم الخدمات وتعليم اللغة العبرية في مدارس الجولان.
وكانت نتيجة هذه السياسة الثقافية الصهيونية ظهور جيل جديد من سكان دروز الجولان، وهم شباب لم يندمجوا تماماً في الثقافة الإسرائيلية ولا تربطهم صلة قوية بالهوية السورية التقليدية. يطلقون على أنفسهم اسم "الجولاني"، وغالبًا ما يكونون متعددي اللغات، ويطالبون في الوقت نفسه بالاستقلال الثقافي والسياسي والاجتماعي للجولان.
تزامنت خطط تل أبيب الخبيثة لمرتفعات الجولان الاستراتيجية، التي تُوفر اليوم ثلث مياه الشرب في الأراضي المحتلة، مع موافقة حكومة نفتالي بينيت في مارس/آذار 2022 على خطة تطوير هذه المنطقة، بهدف بناء 3300 وحدة سكنية للمستوطنين الصهاينة في منطقة "كاتسرين". وقد عززت الحركات اليمينية الإسرائيلية في المنطقة هذه الخطة بشكل واضح، بهدف زيادة عدد السكان اليهود وتهميش الهوية الدرزية.
في الواقع، تزامن إطلاق هذا المشروع مع ضعف الحكومة المركزية في سوريا خلال الحرب الأهلية التي استمرت 12 عامًا، حتى دق ناقوس الخطر لدى مسؤولي حكومة نتنياهو بشأن احتمال ظهور مركز تهديد أمني جديد ضد النظام الصهيوني بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، وصعود "أحمد الشرع" (المعروف بأبو محمد الجولاني)، الزعيم السابق لهيئة تحرير الشام في دمشق.
حكومة نتنياهو، التي ادعت ظاهريًا مواجهة التيار التكفيري المتطرف بقيادة لواء جولاني، سعت في الواقع إلى استكمال الحزام الأمني على الحدود الشمالية للأراضي المحتلة، وتحركت تحت ستار دعم القادة الانفصاليين الدروز، مثل "حكمت الهجري". وبالإضافة إلى تزويد القادة الانفصاليين الدروز بالسلاح، قامت بقصف القصر الرئاسي ومبنى وزارة الدفاع السورية في دمشق، لتوجيه رسالة واضحة إلى الحاكم السوري الجديد: رسالة مفادها أن على سوريا الجولانية، بالإضافة إلى تطبيع العلاقات مع تل أبيب، التخلي نهائيًا عن أراضي الجولان الاستراتيجية والقيّمة.
/إنتهى/