"الاقتدار المستدام 1404": مناورات إيران رسائل حازمة إلى عمق تل أبيب


"الاقتدار المستدام 1404": مناورات إیران رسائل حازمة إلى عمق تل أبیب

"الإقتدار المستدام 1404" اسم المناورات التي أجرتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ يومين، في وقت تشهد المنطقة توترات كبيرة وكثيرة، أنهت القوات البحرية الإيرانية مناورتها الواسعة وسط ترقّب إقليمي وتوجّس إسرائيلي واضح.

تسنيم/ أمل شبيب

 

"الإقتدار المستدام 1404" التي امتدت على مدى يومين، لم تكن عرضاً عسكرياً عادياً، بل مثلت تحولاً نوعياً في طبيعة الرسائل الإيرانية، ومضمونها، ووجهتها، وجسّدت إصرار طهران على تعزيز قدراتها الصاروخية والبحرية، ما أثار قلق الكيان الصهيوني وأجبر وسائل إعلامه على الاعتراف بحجم التهديد الإيراني المتصاعد، بعد إطلاق صواريخ متطورة واستخدام طائرات مسيرة متقدمة، أظهرت إيران أنها تمتلك القدرة على الردع والتأثير في ميزان القوى بالمنطقة، مؤكدة أن أي مغامرة إسرائيلية قادمة ستقابل بقوة ردع لا يستهان بها يختلف عنّ القدرة والإقتدار التي أظهرتها إيران خلال عملية الوعد الصادق 3.

 

القوة البحرية الإيرانية , الصواريخ الإيرانية , حرب الـ 12 يوما , إيران ,

 

مناورة بحجم الاستراتيجية

جرت المناورات في شمال المحيط الهندي وبحر عُمان، وشاركت فيها وحدات بحرية سطحية وتحت سطحية، منصات صاروخية ساحلية، طائرات مسيّرة انتحارية واستطلاعية، ومراكز قيادة متطورة.

أطلقت القوات الإيرانية صواريخها الإبداعية محلية الصنع، والتي أصابت أهدافاً بحرية محددة بدقة، وفقًا لبيانات وزارة الدفاع الإيرانية. كما استخدمت الغواصات لتوجيه ضربات صامتة، وشاركت المدمرات في عمليات محاكاة هجومية.

فقد  نجحت الطائرة المسيّرة الانتحارية (باور 5) في تدمير هدفها المحدد، وجرى تنفيذ عملية تدمير الهدف المسبق التخطيط بواسطة "باور 5" في المنطقة العامة للمناورات وتمكنت الطائرة من قطع مسافة 400 كيلومتر وإصابة الهدف بدقة عالية.

وتُعد (باور 5) طائرة مسيّرة هجومية ذكية وانتحارية، قادرة على الإقلاع من على متن الوحدات البحرية ومنصات الإطلاق، وتتمتع بقدرة على تدمير الأهداف الساحلية وكذلك الأهداف البحرية المتحركة.

وفي إطار المراحل الرئيسية لمناورات "الاقتدار المستدام 1404" ، أُطلقت القوات البحرية أنواع مختلفة من صواريخ الكروز البحرية ذات المديات المتنوعة من الساحل ومن على متن السفن السطحية، وأصابت بنجاح أهدافها في شمال المحيط الهندي وبحر عمان.

 وقامت الفرقاطة الصاروخية "جناوه" والمدمرة "سبلان" بإطلاق صواريخ الكروز (نصير) و(قدير)، إلى جانب إطلاق صاروخ (قادر) الساحلي المضاد للسفن من منظومة (ولاية 2)، حيث أصابت جميعها الهدف السطحي المحدد في البحر بدقة عالية وأدت إلى تدميره.

والجدير ذكره أن صاروخ الكروز البحري (قادر) يُعدّ صاروخاً مضاداً للسفن متوسط المدى، يتميز بقدرته التدميرية العالية ودقة استهدافه، وصُمم للتعامل مع القطع البحرية والأهداف الساحلية.

أما صاروخ الكروز البحري (قدير) فهو صاروخ بعيد المدى مضاد للسفن، يتخفى عن الرادار، يتميز أيضاً بقدرة تدميرية عالية ودقة إصابة كبيرة، ويُستخدم ضد القطع البحرية.

في حين يُعتبر صاروخ الكروز البحري (نصير)  قصير المدى، مضاداً للسفن، يتمتع بخصائص التخفّي عن الرادار، ودقة استهداف عالية، وقوة تدميرية كبيرة، ويُستخدم لمواجهة الأهداف البحرية.

اللافت في هذه المناورات لم يكن فقط في نوعية الأسلحة المستخدمة، بل في طريقة إدارتها،  إذ أظهرت إيران قدرتها على التنسيق بين مختلف الأفرع العسكرية البحرية والجوية، باستخدام أنظمة قيادة وتحكم محلية بالكامل.

 

القوة البحرية الإيرانية , الصواريخ الإيرانية , حرب الـ 12 يوما , إيران ,

 

الكيان الغاصب في مرمى الرسالة

فرضت مناورات "الإقتدار المستدام 1404"  نفسها داخل العمق الإسرائيلي لا سيما بعد الردّ القوي والمقتدر من الجانب الإيرانية خلال عملية الوعد الصادق 3،  وجاءت الرسالة الإيرانية كالتالي: البحر لم يعد محايداً، تل أبيب ليست خارج الحساب.

مقالات في بعض الصحف العبرية مثل "يديعوت أحرونوت" و"هآرتس" وصفت المناورات بأنها "تحول مقلق في ميزان الردع البحري"، مؤكدة أن تل أبيب "تراقب بقلق قدرة إيران على إطلاق صواريخ كروز من البحر وامتلاك غواصات هجومية مزوّدة بصواريخ دقيقة".

 

المناورات الإيرانية في الإعلام العبري: قلق تحت غطاء التعتيم

رغم محاولات التعتيم الإعلامي الملحوظ، لم تمر مناورات "الاقتدار المستدام 1404" مرور الكرام في الإعلام العبري، إذ رصدت بعض القنوات الإسرائيلية، وخاصة التابعة للوحدة 8200 في "جيش" الاحتلال، هذه المناورات ووثقتها بشكل جدي، حيث زعمت قناة التلغرام التابعة للوحدة أن إيران اختبرت صاروخاً بالستياً جديداً بالتزامن مع التدريبات البحرية.

وفي تغطية خاصة، أورد موقع "واي نت" العبري أن إيران أجرت أول مناورة عسكرية لها منذ انتهاء الحرب التي استمرت 12 يوماً مع "إسرائيل"، مشيراً إلى أن البحرية الإيرانية استخدمت خلالها صواريخ وطائرات مسيرة في عملياتها.

مراسل الموقع، ليئور بن آري، أكد أن المناورات التي تحمل اسم "اقتدار 1404" شملت بحر عمان والمحيط الهندي، واستخدمت فيها صواريخ متطورة، إضافة إلى أسلحة الحرب الإلكترونية التي استهدفت أهدافًا بحرية مفترضة، مع التركيز على تحسين مستوى الأمن والدفاع الإيراني.

ونقل "واي نت" عن الناطق الرسمي للمناورة، عباس حسني، أن التدريبات استمرت يومين وشارك فيها وحدات بحرية وبرية وجوية، بالإضافة إلى منصات إطلاق صواريخ ساحلية وبحرية ووحدات حرب إلكترونية، مشدداً على أن هذه المناورات تمثل تجسيداً  لسنوات من الخبرات التشغيلية المتراكمة، وتضمنت استخدام صواريخ جوالة ذات دقة توجيه عالية ومتنوعة المدى.

وأشار التقرير إلى أن "المناورات جاءت في ظل تحذيرات وتصريحات إيرانية متكررة موجهة إلى "إسرائيل" والولايات المتحدة، حيث نقل "واي نت" عن قائد القوات المسلحة الإيرانية، اللواء سيد عبد الرحيم موسوي، قوله إن إيران حققت إنجازات دفاعية استراتيجية حاسمة خلال المواجهات الأخيرة، وأنه "لا سبيل لحماية البلاد إلا بتعزيز القدرات الدفاعية والردعية عبر تحديث أنظمة الأسلحة البرية والبحرية والجوية والفضائية، بالإضافة إلى تطوير الحرب السيبرانية والإلكترونية".

صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية أيضاً ركزت في تقريرها على أن هذه هي أول مناورات واسعة تنفذها إيران بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل في يونيو الماضي، مؤكدة على إطلاق البحرية الإيرانية صواريخ من نوع "نصير" و"قدير"، إلى جانب استخدام طائرات بدون طيار هجومية من طراز "باور 5" وطائرات خفيفة مقاتلة وتدريبية من طراز "ياك-130".

وفي تصريح لوزير الدفاع الإيراني، العميد طيار عزيز نصير زاده، نقلته الصحيفة، جاء فيه: "الصواريخ التي استخدمناها خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً تعود إلى سنوات ماضية، أما اليوم فنمتلك صواريخ ذات قدرات أعلى بكثير، وإذا قام العدو الصهيوني بمغامرة جديدة، فسنستخدم هذه الصواريخ المتطورة."

"تايمز اوف اسرائيل" قالت أن إيران أطلقت أول مناورة بحرية لها منذ الحرب التي دامت 12 يومًا، تحت اسم "Sustainable Power 1404"، وشملت إطلاق صواريخ كروز من فرقاطتي "سبلان" و"جناوه"، بالإضافة إلى استخدام الطائرات المسيّرة وأساليب الحرب الإلكترونية.

هذا القلق العلني وغير المعلن في الإعلام العبري يوضح حجم التأثير الحقيقي لمناورات "الاقتدار المستدام 1404"، وكيف أن صدى هذه التدريبات لا يزال يتردد في أروقة "الأمن" الإسرائيلي، في ظل إدراك تل أبيب المتزايد لتنامي القدرات العسكرية الإيرانية ورفع سقف الردع في المنطقة.

 

القوة البحرية الإيرانية , الصواريخ الإيرانية , حرب الـ 12 يوما , إيران ,

 

صواريخ إيران تهز الأجواء... والعالم يراقب بصمت وترقب

 بالإضافة الى الإعلام العبري، ذكرت صحيفة ذا ناشونال أن " الهدف من المناورة هو إرسال رسائل ردع واضحة وإنهاء حالة التوتر بعد الحرب الماضية، مع إشراك وحدات بحرية وساحلية وجوية، وتشديد على الاستعداد لأي مواجهة مستقبلية".

في الوقت الذي آثرت فيه معظم الدول الغربية الصمت حيال المناورات، فإن مراكز الأبحاث والتحليل العسكري في واشنطن ولندن لم تُخفِ قلقها. تقارير صدرت عن "مؤسسة راند" و"معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" رأت أن "إيران باتت تمتلك نظرية بحرية هجومية لا تعتمد فقط على قوارب سريعة وزوارق استشهادية، بل على قدرات تقنية طويلة المدى".

أما في الخليج الفارسي، فقد تابعت الأوساط العسكرية الحدث بكثير من الترقب.

 

القوة البحرية الإيرانية , الصواريخ الإيرانية , حرب الـ 12 يوما , إيران ,

بحر إيران لا يعرف الصمت

في التحليل الأخير، تؤكد مناورات "الاقتدار المستدام 1404" أن إيران ترسّخ وجودها المباشر في الميدان البحري، بأسلحة تصنعها وبإشارات تقرأها العواصم القريبة والبعيدة.

وإذا كان الصاروخ الإيراني قد أصاب هدفه البحري في عرض المحيط، فإن صداه السياسي بلغ أعماق القيادة في تل أبيب، التي تدرك جيداً أن كل تحديث في القدرات الإيرانية البحرية، يعني أن صفحة جديدة تُفتح في دفتر التوازنات الحساسة في المنطقة ككل...

ويبقى السؤال: ماذا تحمل إيران من مفاجآت بعد مناورات "اقتدار مستدام 1404"؟.

والجواب سيكون حتماً في الميدان...

/ إنتهى/

 
 
المواضيع ذات الصلة
المواضيع ذات الصلة
الأكثر قراءة الأخبار ايران
أهم الأخبار ايران
عناوين مختارة