أوروبا والحق الذي لا تملكه في تفعيل “آلية الزناد”
يرى محللون سياسيون أن من أبرز أسباب رفض طهران للترويكا الأوروبية، إلى جانب ضعف استقلاليتها وعجزها في مجال العلاقات الدولية، هو قدرة إيران على إدارة العقوبات متعددة الأطراف الصادرة عن مجلس الأمن، استناداً إلى تجارب السنوات الماضية.
وكالة تسنيم الدولية للأنباء - خلال الأيام الثلاثة الماضية، أولت الحكومات ووسائل الإعلام الغربية اهتماماً خاصاً باحتمال تفعيل «آلية الزناد» من قبل الترويكا الأوروبية (ألمانيا، بريطانيا، وفرنسا)، واعتبرت ذلك مثالاً على براغماتية الاتحاد الأوروبي في مواجهة إيران النووية. وفي أحد هذه الأمثلة، زعمت صحيفة "تلغراف" أنه في حال قيام القوى الأوروبية بتفعيل «آلية الزناد» الخاصة بالاتفاق النووي وإعادة فرض عقوبات مجلس الأمن ضد إيران، يبدو أن الجمهورية الإسلامية حالياً لا تمتلك القدرة على مواجهة تداعياتها الاقتصادية.
وفي نقد هذا التناول الإعلامي يكفي القول إنه، وبحسب ما أقرّ به مسؤولون أوروبيون، فإن إيران منذ نحو ثلاثة أسابيع لم تتواصل مع الترويكا الأوروبية ولم ترد على دعوتها لعقد اجتماعات غربية دعائية عديمة الجدوى. بل إن طهران طلبت من الدول الأوروبية، بدلاً من ابتزاز إيران، أن تبرر دعمها الوقح وغير الإنساني لواشنطن وتل أبيب خلال العدوان الذي استمر 12 يوماً على الأراضي الإيرانية. وفي هذا السياق، تبرز نقطتان أساسيتان يجب الانتباه إليهما:
أولاً: إن عودة العقوبات متعددة الأطراف الصادرة عن مجلس الأمن (في حال تنفيذها عملياً) تشكل تهديداً، لكنها قابلة للإدارة. فجزء كبير من العقوبات الأحادية التي فرضتها الولايات المتحدة يتقاطع ويتكامل في تأثيراته مع العقوبات الأممية، بل إن العديد من المحللين الاقتصاديين يرون أن نطاق العقوبات الثانوية الأميركية على طهران يتجاوز ما ورد في قرار مجلس الأمن رقم 1929.
لذلك، فإن من أبرز أسباب رفض طهران للترويكا الأوروبية – إلى جانب انعدام فاعليتها واستقلاليتها في السياسة الدولية – هو قدرة إيران على إدارة العقوبات الأممية استناداً إلى تجارب السنوات الأخيرة. وكما أُشير سابقاً، فإن إدارة هذه العقوبات أمر صعب لكنه ممكن. وفي هذه الظروف، فإن "كلفة خضوع إيران لابتزاز أوروبا" تفوق بكثير "كلفة مواجهة العقوبات الأممية".
ثانياً: أن الأوروبيين لا يملكون من الأساس الحق في إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن ضد إيران لسببين رئيسيين:
أنهم فشلوا في تنفيذ الحد الأدنى من التزاماتهم في الاتفاق النووي، وهو إخفاق ثابت ومؤكد.
أن تفعيل «آلية الزناد» يتطلب إجراءات تمهيدية، أهمها طرح نقاط الخلاف في اللجنة المشتركة للاتفاق (المؤلفة من إيران، الصين، روسيا، والترويكا الأوروبية) على ثلاث مراحل، مدة كل منها 15 يوماً (بمجموع 45 يوماً). وبذلك، فإن الرسالة الأوروبية الموجهة إلى الأمم المتحدة، من الناحية القانونية، باطلة وخاطئة، والمخاطب في هذه المرحلة يجب أن يكون اللجنة المشتركة، لا مجلس الأمن.
وأخيراً، حتى لو تمكن الأوروبيون من تفعيل كامل لـ«آلية الزناد»، فإن إيران ستتعامل معهم كـ«طرف فاعل في حرب اقتصادية-أمنية ضدها»، ما سيحرمهم من مزايا التعاون مع طهران ويجعلهم يواجهون عواقب سلبية وحتمية لنهجهم. وعليه، من الأفضل لأوروبا ألا تترقب هذه التجربة المريرة بشغف.
/انتهى/