عراقجي: إيران وباكستان يمكنهما جني منافع كبيرة من شراكة دائمة ومستقرة


عراقجی: إیران وباکستان یمکنهما جنی منافع کبیرة من شراکة دائمة ومستقرة

في مقال نُشر تزامناً مع زيارة الرئيس الإيراني إلى باكستان، أكد وزير الخارجية الإيراني، سيد عباس عراقجي، أن إيران وباكستان قادرتان، من خلال التعاون المستدام، على تحقيق منافع كبيرة، بل والمساهمة في تشكيل مستقبل المنطقة بأسرها.

وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأنه جاء في المقال الذي نُشر في صحيفة The News الباكستانية: "إحدى المبادئ الأساسية في السياسة الخارجية الإيرانية هي بناء علاقات قوية ومستقرة ومربحة للطرفين مع دول الجوار. وفي هذا الإطار، تحتل العلاقة مع باكستان مكانة خاصة، إذ لا تُبنى فقط على الجغرافيا، بل أيضاً على قرون من التجربة الحضارية المشتركة، والانتماء المذهبي، والقرب الثقافي، وتلاقي المصالح الاستراتيجية."

وأضاف عراقجي: "بصفتنا دولتين مستقلتين تقعان على مفترق طرق حيوي في آسيا، تمتلك إيران وباكستان إمكانية جني فوائد جمّة من شراكة طويلة الأمد، كما يمكنهما تقديم إسهام فعّال في مستقبل المنطقة."

وأشار إلى أن زيارة الرئيس مسعود بزشكيان إلى باكستان تأتي في سياق تصاعد إيجابي للعلاقات، مبني على تاريخ من اللقاءات رفيعة المستوى، من بينها زيارة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي إلى إسلام آباد، وزيارة رئيس الوزراء شهباز شريف إلى طهران.

"هذه التبادلات، إلى جانب المشاورات الدبلوماسية المستمرة بين كبار المسؤولين في البلدين، تعكس تحوّلاً من العلاقات التقليدية إلى شراكة استراتيجية، قائمة على خيار واعٍ وطموح لتعزيز التعاون الثنائي."

وأكد أن الحدود المشتركة التي تمتد لـ900 كيلومتر بين إيران وباكستان ليست مجرد خط فاصل، بل جسر حضاري يربط الشعوب والثقافات منذ قرون. حيث كانت تمرّ عبره اللغات، والأفكار، والأديان، والشعر، والتجارة، مما خلق شعوراً عميقاً من الألفة والثقة يشكّل أساساً طبيعياً للتعاون السياسي.

واعتبر عراقجي أن القرب المذهبي والروحي بين البلدين، باعتبارهما شعبين مسلمين عزيزين، يعزز من عمق الشراكة، حيث يشتركان في قيم العدالة والرحمة والتضامن. هذه المبادئ لا تقتصر على الداخل، بل تُشكل أيضاً دليلاً للعمل في القضايا الدولية مثل الدفاع عن قضية فلسطين، ورفض الظلم، والسعي نحو السلام عبر التعاون والاحترام المتبادل.

من الناحية الاقتصادية، وصف عراقجي العلاقة بين البلدين بأنها تكاملية بطبيعتها، حيث تمتلك باكستان قطاعاً زراعياً ديناميكياً، في حين تملك إيران ثروات طاقوية ضخمة. كما أن الطموح المشترك لتطوير البنية التحتية والربط الإقليمي يشكّل أرضية طبيعية للتعاون في مجالات الطاقة، والنقل، والتجارة.

"بناء اقتصاد منفتح، عادل، ومبني على التعاون الإقليمي هو هدف مشترك، ويمكن لإيران وباكستان من خلال توحيد رؤاهما أن تؤسسا لشراكة اقتصادية تقوم على التكنولوجيا والتكامل، تُحدث تحوّلاً حقيقياً في حياة الناس وتكون نموذجاً للتنمية المحلية."

التعاون الأمني في وجه التهديدات المشتركة

وأشار عراقجي إلى أن التنسيق الأمني بين البلدين في مواجهة الجماعات الإرهابية العابرة للحدود لم يعد خياراً، بل أصبح ضرورة ملحة، لا سيما في ظل التهديدات التي تشكّلها الاعتداءات الإسرائيلية على غزة، واحتلال سوريا ولبنان، والهجمات الأخيرة على الأراضي الإيرانية.

"لقد حان الوقت لتعميق التنسيق الأمني، واعتماد موقف موحّد وواضح في المحافل الدولية."

وفي هذا السياق، ثمّن عراقجي الموقف المبدئي لباكستان في إدانة العدوان العسكري غير المبرر من قبل إسرائيل والولايات المتحدة على إيران في يونيو 2025، مؤكداً أن باكستان وقفت بثبات إلى جانب القانون الدولي واستقرار المنطقة، في وقت انحازت فيه القوى الغربية إلى الجانب الخاطئ من التاريخ.

كما أعرب عن امتنان الشعب الإيراني للدعم الشعبي العفوي والمؤثر من الشعب الباكستاني، حيث عبّر المواطنون الباكستانيون عن تضامنهم بصوت مرتفع، مما ترك أثراً عميقاً في نفوس الإيرانيين.

"هذا التضامن لن يُنسى أبداً، فقد أظهر مرة أخرى عمق الروابط بين شعبينا وقوة القيم التي تجمعنا."

وعلى صعيد التعاون الإقليمي والدولي، أشار عراقجي إلى سجل مشترك حافل بين البلدين في الأمم المتحدة، منظمة التعاون الإسلامي، منظمة شنغهاي، منظمة التعاون الاقتصادي (اكو)، ومجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية (D-8)، حيث يعمل البلدان معاً من أجل السلام، والعدالة، والاقتصاد المتكامل، والحوار المتعدد الأطراف.

"هذا التعاون ليس مجرد استجابة للأزمات، بل يعكس تقارباً استراتيجياً أوسع في الرؤية والسياسة."

كما شدد على أهمية التعاون في الملف الأفغاني، باعتبار أن إيران وباكستان تتشاركان الحدود والمصالح، ويتعيّن عليهما معاً مواجهة التطرّف ودفع مسار التنمية والاستقرار في أفغانستان.

وأشار إلى أن بناء ممرات تجارية ونقل حيوية بين البلدين على أساس المصالح المشتركة، سيعزز رفاه شعبيهما ويُرسّخ مكانتهما كمصمّمين لنظام إقليمي جديد.

دعوة للعمل المشترك وبناء المستقبل

واختتم مقاله بالتأكيد على أن الطريق أمام البلدين يتطلب وحدة الهدف والإرادة السياسية لتحويل الآمال إلى مؤسسات دائمة ونتائج ملموسة.

"توسيع الحوار الدبلوماسي، تقوية العلاقات الاقتصادية، وتبادل الخبرات الثقافية والتعليمية، والتعاون الأمني والتنموي، كلها عوامل ستُضفي عمقاً ومتانة على العلاقات الثنائية."

واستحضر في ختام مقاله كلمات الشاعر والفيلسوف الباكستاني محمد إقبال، الذي قال: "الأمم تولد في قلوب الشعراء، وفي أيدي السياسيين إما تنمو أو تموت."

وختم قائلاً: "الصداقة بين إيران وباكستان ليست إرثاً من الماضي، بل هي استثمار استراتيجي للمستقبل. ففي الوحدة تكمن القوة، وفي التعاون يظهر الهدف، وفي الاحترام المتبادل تتشكل أسس السلام الدائم والتنمية المشتركة. تحيا الصداقة بين إيران وباكستان."

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار ايران
أهم الأخبار ايران
عناوين مختارة