د. عصام حجاوي لـ تسنيم: العقيدة الامنيه الصهيونيه لن تتعافى من الرد الإيراني الحاسم على المدى الاستراتيجي
دخل وقف اطلاق النار بين الجمهورية الاسلامية الإيرانية والكيان المحتل حيز التنفيذ مع وضع ايران اصبعها على الزناد لان لا امان لقوى الاستكبار ان كان من العدو الصهيوني او الادارة الاميركية، رغم ان الكل يجمع ويؤمن بقوة ايران وقدرتها ومقدراتها على الوقوف في وجه هذا العدوان الهمجي الارهابي وانتصارها عليه.
وكالة تسنيم للانباء، حاورته: وردة سعد
وحول هذه العناوين اجرينا هذا الحوار مع د. عصام حجاوي عضو التجمع الوطني الفلسطيني.
تخوض الجمهورية الاسلامية معركة قوية على الساحة الدبلوماسية بموازاة التصدي بقدراتها العسكرية للعدوان الصهيوأميركي المستمر عليها، ما تقييمكم لهذا الجهد الذي تقوم به الدبلوماسية الايرانية؟ وما هو الهدف منه في هذه المرحلة؟
"نعم .. لقد انتصرت الجمهورية الاسلامية الايرانيه في المعركه..مع الصمت المؤقت لهدير الطائرات والصواريخ في الشرق الاوسط في معركة الاثني عشر يوما الاخيرة، وعلى وقع اتفاق اطلاق النار الذي عرضه الرئيس الامريكي ترامب، يستمر صوت المحللين والنشطاء بحثا وتقييما لتلك المعركه، فبالاضافة للموقف الرسمي لاطرافها والتي يدعي كل منهم الانتصار بها، فأين الحقيقة من كل ذلك، ومن هو المنتصر حقا؟.
بداية، لا بد من التأكيد على بعض الحقائق التاريخيه، وأولها ان الكيان الصهيوني وبحكم طبيعته الاستعمارية، الاستيطانية والاقتلاعيه وبمشاركة حلفاءه، كان المبادر ومنذ انشاءه في العام ١٩٤٨ على شن حروب استباقيه على اية قوة يستشعر انها يمكن ان تشكل خطرا على وجوده، وقد اعتمد الكيان على مجموعة من الاسس الاستراتيجيه في خوضه لتلك الحروب تتناسب مع واقعه الجيوسياسي اهم تلك الاسس، هو خوض حروب سريعة و خاطفه يجند فيها كل مقدراته لالحاق اكبر قدر من الدمار الشامل عسكريا، اقتصاديا، بشريا واجتماعيا بالطرف المستهدف وهذا ما يعرف في العلوم العسكرية باستراتيجية الصدمه والرعب، معتمدا على ما يعتقده من تفوق تكنولوجي وعملياتي، وذلك لعجز الكيان الصهيوني على خوض حروب استنزاف طويلة الامد لا تتفق مع مقدراته وطبيعة مجتمعه الاستيطاني الغير متجذر لا في المكان ولا في الجغرافيا ولا في التاريخ.
وانتقالا للاساس الاستراتيجي الاخر لحروب الكيان والمتمثل بخوض الحروب خارج حدود سيطرته الجغرافيه لتأكيد وتعزيز وهمه الأيدولوجي العنصري والذي يخدم مشروعه الاستيطاني وتغذية اللاسامية، والقائم على الادعاء الزائف بان الكيان، هو المكان الاوحد الذي يوفر المكان المطلق للشعور بالامان ليهود العالم، وعليه فليس هناك خيار امامهم سوى ترك مواطنهم الاصليه والهجرة للكيان".
لم تتوقف المطرقة الصاروخية الايرانية عن دك حصون الكيان الصهيونى العسكرية والامنية والاقتصادية.. ضمن استراتيجية العقاب التي وضع عنوانها سماحة السيد القائد.. هل دخلنا في مرحلة حرب استنزاف طويلة الامد لهذا الكيان؟ وما توقعاتكم لهذه المواجهة التي تتطلب الكثير من الصبر والامكانات المادية؟
"لقد جاء الرد الايراني الحاسم ليوجه ضربة قاسمه لتلك الاسس الاستراتيجيه في العقيدة الامنيه الصهيونيه لن يتعافى منها على المدى الاستراتيجي ، صحيح ان الكيان وحلفاءه وعلى مدار ايام المعركه قد الحقوا خسائر بشريه، عسكريه واقتصاديه بايران، الا ان استراتيجية الصدمه والرعب لم تأتي بؤكلها كما كان متوقعا ، فرغم حجم الضربة الاولى وشموليتها ، الا ان الدولة الايرانيه لم تحتاج لاكثر من عدة ساعات لتلملم جراحها وتنتظم مؤسساتها جميعا لتبدأ بردها الذي حطم اسس الاستراتيجيه الامنيه للكيان سالفة الذكر.
فعلا صعيد المعركة السريعة والخاطفة التي ارادها الكيان في الثاني عشر من حزيران ٢ ٢٥، لم يكن قادرا على التحكم بنهاياتها لدرجة انه وبعد عدة ايام فقط من بدئها، بدآ باستجداء الحلفاء والوسطاء لوضع حد لها رغم فشله في تحقيق ايا من اهدافه المعلنه للمعركه، فلا استطاع وقف البرنامج النووي السلمي لايران، ولا وضع حدا لانتاج الصواريخ الايرانية الاستراتيجية بعيدة المدى، ناهيك عن تراجعه عن وهمه بخلق حالة ايرانية داخليه مراهن عليها لاسقاط النظام.
اما في المقلب الاخر وفي سابقة تاريخيه غير مشهوده، وهو الاهم بما يخص خوض الكيان وحلفاءه لمعاركهما تاريخيا خارج حدود الجغرافيا التي يسيطروا عليها، فقد وجدوا انفسهم يخوضون معركة الاثني عشر يوما ليس فقط على جغرافية الجمهورية الاسلاميه في ايران، بل في شوارع مدنهم المغتصبه من فلسطين من شمالها لجنوبها بالضافة لقواعد امريكا في قطر ايضا.
وبذلك تكون الجمهورية قد وجهت ضربة قاضيه لاستراتيجية الكيان القاءمه على وهم ان المكان الامن الوحيد لمستوطنيه هي جغرافية الكيان فقط، ان مشاهد هرولة مستوطني الكيان بعشرات الالاف لركوب القوارب باتجاه قبرص وعبر الحدود البرية لدول الجوار، واضطرار الكيان لفرض حظر على السفر جوا بدواعي امنيه، لاكبر دليل ليس فقط على الانتماء المصطنع لمستوطني الكيان لجغرافية وتاريخ فلسطين المغتصبه رغم مرور اكثر من سبعة وسبعون عاما على اعلان قيام دولتهم، فشلوا خلالها وبالملموس من خلق مقومات وجود شعب موحد في ثقافته ولغته وتاريخه وفي جغرافيته، مما ادى لطرح الاسألة الوجودية بما يتعلق بمستقبل الكيان وامكانيات بقاءه علنا وعلى لسان قادته ومفكريه.
لقد ادارت الجمهورية تلك المعركة بكفاءة وابداع قل نظيرها ليس في الميدان العسكري فقط، وانما في الميادين الاخرى وخاصة السياسه والدبلوماسيه ايضا ولكن ليس على حساب مبدأية موقفها التاريخي من الكيان وموقفها من مظلومية الشعب الفلسطيني. لقد تداعت غالبية دول وشعوب العالم بالتنديد بالموقف الصهيوامريكي منذ بداية العدوان ولا زالت مما سيكون له تداعيات كبرى مستقبلا على سياسات تلك الدول بما فيها تلك الدول التي ايدت العدوان، فحالة الرفض الشعبي لسياسات حكامها ستفرض عاجلا ام آجلا تغييرا وان يكن بطيئا على من ايدوا العدوان حين يلمسون ان مواقفهم تلك سيتم دفع ثمنها في صناديق الاقتراع في قادم الايام".
نحن أمام تصاعد كبير في مجريات المعركة، والعدو بلا شك سيواصل ارتكاب جرائم بحق المدنيين، وقد يُقدم على استهداف منشآت نووية إضافية، إلا أن القادم سيكون أكثر إيلاماً وأكبر في الأثر، فهل خرجت المعركة من إطار الرد التكتيكي إلى استراتيجية ردع شامل ومؤلم؟
"صحيح ان تقدير الجمهورية بان المعركة الراهنة ليست معركة انهاء الكيان نظرا لاكثر من معطى اقليمي ودولي، ولكنها اكدت وعلى لسان سماحة مرشد الثوره بالايمان بزوال الكيان على المدى الاستراتيجي، وعليه ورغم صمت الصواريخ الايرانية الاني، الا ان هذه المعركة فتحت افاقا واسعة للبناء عليها مستقبلا فيما لو تكرر العدوان الصهيوامريكية على الجمهورية والذي تبقى احتمالات تكراره واردة وان يكن ليس في المدى المنظور، ليس لان الجمهورية اثبتت قدرتها الفعليه على الرد الموجع وانما ايضا لتضعظع الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الاني للكيان وللوضع الداخلي الامريكي ليس في ولايات الجنوب الخمسه فقط، وانما في قلب امريكا في نيويورك حيث بدآ اصوات المنددين بالدعم التاريخي الامريكي للكيان تعلوا وتصبح تيارا شعبيا له تعبيراته السياسيه".
/انتهى/