تقرير/ تسنيم.. في غزةَ.. حيثُ يُطاردُ الجوعُ الأطفالَ قبلَ أن يصِلهُمُ الخُبْزُ
يأْتي الاحتلالُ الإسرائيليُّ، بدعمٍ أمريكيٍّ، بخُطةٍ لا لإنهاء الجوعِ، بل لإِدارَتِهِ وهندَسَتِهِ، في محاولةٍ لذرِ الرمادِ فِي عيونِ الرأيِ العامِ العالميِ.
خطةٌ جديدةٌ لِتوزيعِ المساعداتِ، تقصِي وَكالَة "الأُونروا"، وتُهمشُ المؤسساتِ الإنسانيةَ الدوليةَ، وتقيمُ بدلا منها مراكزَ تخضعُ لرقابةِ الاحتلالِ، دونَ أَن تلبيَ حتى الحدَّ الأَدنى من احتياجاتِ سكانِ القطاعِ.
ليستْ مجردَ مُساعداتٍ... بلْ منظومَةُ مُراقبةٍ متنكرةٌ في ثَوْبِ الرحمةِ. تتجاوزُ متعمدَةً المؤسساتِ الإغاثيةَ الدوليةَ، وتسْتغلُ معاناةَ المواطنينَ، أمّا القائِمون عليْها، فليْسوا سِوى جهاتٍ مرتبطةٍ بمصالحَ أمنيةٍ، تراقِبُ وتسجلُ لصالحِ الاحتلالِ.
في غزةَ، الجوعُ ليس قدرًا فقطْ... بل أداةٌ تستخدمُ لتطوِيعِ الناسِ. الجوعُ أصبحَ وجهًا مأْلوفًا لأَهلِ غزةَ، والكرامةُ باتت مرهونةً بـكرتِ تمْوينٍ أو شحْنةِ غذاء قَدْ لا تصِلُ، وقدْ تكونُ أيضًا... السببَ فِي قتلك أو فقدان آثارك.
عبيدة أبو موسى لم يكن الضحيةَ الأولى، ولنْ يكون الأخيرةَ، دفعَ ثمنَ جوعِهِ دما وربمَا حياتَهُ. خرجَ من منزلِهِ، يحملُ أملهُ الأخيرَ في كيسٍ من المساعداتِ الغذائيةِ، مدفوعًا بجوعٍ قاسٍ أنهك جسدَهُ و رحَهُ، توجهَ لاستِلامِ طردٍ غِذائِيٍّ بسِيطٍ... لكنهُ لم يعد. ومنذ ذلك الحين، فقدت آثارُهُ، ولا تعلمُ عائلتهُ شيئا عن مصيرِهِ حتى الآنَ.
وفي ظلِ هذا الواقعِ القاسي، يكتفي الاحتلالُ الإِسْرائيليُ بتوزِيعِ المساعداتِ عبرَ أربعةِ مراكزَ فقط، جميعُها في أقصى جنوبِ القطاعِ، في مشهدٍ لا يلبي أدنى احتياجاتِ السكانِ المنهكين.
هذا العددُ الهزِيل لا يقارنُ بما كانت تقدمُهُ وكالة الأُونروا وَحْدَها، التي كانت تديرُ أكثرَ من 400 مركزِ توزيعٍ قبلَ الحرب.
المقارنةُ وحدَها كافيةٌ لكشفِ النوايا الحقيقيةِ بأن الاحتلال لا يسعى لِلتخفيفِ من معاناةِ الناسِ، بل لتعميقِها، لِيتحولَ العيشُ اليوميُ في غزةَ إِلى صراعٍ دائمٍ من أجلِ البقاء.
/انتهى/