مسؤول في حزب الله لـ"تسنيم": المقاومة لن تستسلم لأي ضغوط ولا يمكن نزع سلاحها و«إرث الشهيد نصر الله» ما زال قائماً

مسؤول فی حزب الله لـ"تسنیم": المقاومة لن تستسلم لأی ضغوط ولا یمکن نزع سلاحها و«إرث الشهید نصر الله» ما زال قائماً

أكد الشيخ حسن البغدادي، عضو المجلس المركزي في حزب الله أن المقاومة لن تستسلم لأي ضغوط وأنه لا يمكن نزع سلاحها، مشددًا على أن الشهيد السيد حسن نصر الله حول حزب الله إلى لاعب إقليمي، وأن إرثه في الدفاع عن لبنان وقضية فلسطين لا يزال ثابتًا وممتدًا.

وأجرت وكالة تسنيم الدولية للأنباء، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفدي الدين، حوارا مع الشيخ البغدادي، العضو البارز في المجلس المركزي لحزب الله، تناول فيه دور الحركة في دعم قضية فلسطين، والإرث السياسي والعسكري للشهيد نصر الله في الدفاع عن لبنان وفلسطين، إضافة إلى التطورات المتعلقة بلبنان والمنطقة.

حيث أكد الشيخ حسن البغدادي أن الغرب منذ تقسيم المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى عبر اتفاقية سايكس-بيكو، كان يسعى لجعل فلسطين بوابة لما يسمّى اليوم بـ«الشرق الأوسط الجديد»، والذي يهدف إلى نهب الموارد، تمزيق المنطقة، ومواجهة الإسلام.

وأشار البغدادي إلى أن الغرب يرى في حزب الله سدًا منيعاً لا يُقهر أمام تفكك المنطقة وكمحطة رئيسية تعيق تحقيق مشروع «إسرائيل الكبرى» و«الشرق الأوسط الجديد»، الذي يعتمد على تدمير حزب الله لضمان نجاحه.

وأضاف أن إيران وفصائل المقاومة حملت منذ البداية راية قضية فلسطين، التي تشكل البوصلة الأساسية لمواجهة المخططات الغربية التي تهدف إلى ابتلاع المنطقة.

وشدد على أن حزب الله ظل الخط الأمامي للمقاومة وسيبقى قويًا، وأنه ما دام الحزب حاضرًا في لبنان ويحوز سلاحه، فلن تتحقق مشاريع إسرائيل الكبرى. ولهذا السبب، يبذل العدو كل جهوده لنزع سلاح الحزب، لأنه يرى في سقوطه مدخلًا للسيطرة على المنطقة.

وأكد البغدادي أن الوضع اليوم لم يتغير بالنسبة لحزب الله، فهو ما يزال قويًا وفاعلًا على الساحة، ويواصل دعم فلسطين بلا تراجع.

وفي ما يلي نص الحوار:

ما العوامل التي دفعت حزب الله لوضع قضية فلسطين في أجندته الأساسية؟

كما تعرفون، نحن ننظر إلى القضية الفلسطينية من زاويتين: من زاوية عقائدية دينية بحتة، ومن زاوية سياسية بحتة (طبقاً للمصالح والمفاسد).

فيما يتعلق بالزاوية العقائدية: كلنا نعرف أن القضية الفلسطينية - أن المسجد الأقصى هو القبلة الأولى للمسلمين قبل أن يتجهوا إلى الكعبة المشرفة — بعض الناس يستهزئون في هذا الموضوع ويقولون إن كل معركة الأمة هي من أجل مسجد ربما غير موجود، وبالنظر لبعضهم إذا أردتم المسجد يقولون لنا: «نعطيكم مجدًا كبيرًا فخمًا في مكان تختارونه أنتم». ليست القضية قضية حائط أو باب. اليوم، عندما أتحدث عن الكعبة المشرفة أنظر إليها كمبنى — مثلاً من ناحية القيمة الشرائية: كم يساوي هذا المبنى، وهل أستطيع أن أبني مكانًا آخر في مكة؟ أم أنظر إلى قدسيتها التي أرادها الله عز وجل لهذا المكان ولهذه البقعة، وأنها العنوان الجامع لكل المسلمين؟ إذًا القضية من ناحية القضية المقدسة هي قضية المقدسات — هذا جانب ننظر إليه.

الجانب الثاني جانب استراتيجي سياسي كان له علاقة منذ الحرب العالمية الأولى وما نتج عنها. عندما نعود إلى الحرب العالمية الأولى بـ1914، ثم جاءت معاهدة سايكس-بيكو أثناء الحرب بـ1916 وقسموا المنطقة، ثم وعد بلفور البريطاني بإقامة الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين؛ هنا نشعر أنه في عام 48 أقاموا هذا الكيان. لماذا كان هذا الكيان الإسرائيلي الذي أرادوه على أرض فلسطين؟ لم يكن الهدف مجرد أن اليهود يريدون شراكة في الاستيطان، أي أن يعيشوا معنا بأمن وأن يعيشوا معنا بسلام؛ كل ذلك أكاذيب واختراعات وشعارات. في الحقيقة، هذا الغرب الكافر — ومنذ ذلك التاريخ الذي قسموا المنطقة بعد الحرب العالمية ومعاهدة سايكس-بيكو — كان المقصود أن تكون فلسطين هي المعبر لما يتحدثون عنه اليوم: «الشرق الأوسط الجديد»؛ يعني نهب الثروات، تفتيت المنطقة، وتمزيقها، ومواجهة الإسلام. وهذا يظهر على لسان ترامب بوضوح: أنهم يريدون مواجهة الأديان، لا يريدون دينًا، لا يريدون الإسلام، ولا يريدون حتى شراكة مع أحد؛ هم يريدون تبعية الشرق الأوسط والدول العربية والإسلامية وكل العالم لهم، لا يريدون شراكة.

اليوم، عندما أنظر إلى الأمريكان: هل يريدون أن يعيشوا بشراكة معنا ويستفيدوا منا ونستفيد منهم؟ أم يريدون أن يستعملوا هذه البلاد والعباد وينهبوا ثرواتها ويواجهوا هذا الإسلام والقيم حتى تصبح مجتمعات بلا قيم وبلا دين وبلا هوية يسهل عليهم ابتلاعها؟ وهذا هو المقصود من فلسطين. فلسطين هي القاعدة التي أرادوا في البداية أن تكون عنوانًا لفصل البلاد العربية الإفريقية عن البلاد العربية الآسيوية. اختاروا فلسطين لأنها على البحر المتوسط ولها ثروات، ولأنها تصلح أن تكون معبرًا إلى المنطقة. هذا هو المشروع الغربي الذي كان بريطانيًا ثم صار أمريكيًا ومعهم حلفاؤهم في المنطقة. اليوم هناك مشروع أمريكي؛ إسرائيل هي قاعدة عسكرية لهم، وهناك حلفاؤهم وحتى هؤلاء قد يزيحونهم في أي وقت يرون فيه مصلحة، كما فعلوا في العدوان على قطر.

هل يرون في حزب الله أنه السد المنيع القوي لإسقاط المنطقة ولتحقيق هذا الحلم — هذا حلم «إسرائيل الكبرى» ومشروع «الشرق الأوسط الجديد»: نهب الثروات، تمزيق المنطقة، مواجهة الإسلام — متوقف على تدميره حزب الله؟

هناك من ينتقد تركيز حزب الله على فلسطين باعتباره انحرافًا عن الأولويات في الداخل اللبناني. ما رأيكم في هذا؟

الحقيقة أن الذين ينتقدون هذا المسار لا يفهمون مسار حزب الله والمقاومة في لبنان. ولو أنهم كانوا يتابعون مسار حزب الله والمقاومة في لبنان لكانوا يدركون أن هذه المقاومة منذ اليوم الأول، منذ نشأتها، كانت تدافع عن لبنان وعن الأولويات وتطالب بحكومة وطنية جامعة تراعي التعدد الطائفي والمذهبي. والأولويات، على العكس تمامًا، هي مصلحة المقاومة؛ في الحقيقة هي الأولويات داخل لبنان. نحن ولا يوم كنا نفكر في أي شيء على حساب لبنان. حتى عندما كنا نتحدث عن فلسطين وعن تحرير فلسطين لم نكن نمارس هذا عمليًا. حتى بعض طوفان الأقصى، كان الإخوة في حماس يتوقعون أن حزب الله سيشن حربًا لها ويشنها في اليوم الثاني، ولكنه لم يفعل. لماذا لم يفعل؟ لأنه خلاف مصلحة لبنان والمنطقة. هم كانوا يعتبرون أنه يجب على حزب الله أن يفعل ذلك، وسماحة السيد — رضوان الله تعالى عليه — بعد أيام بيّن هذا: أننا مع الإسرائيليين نعمل ضمن سياسة الخطوة خطوة، وليس في النقاط، ولا نريد أن نشن حربًا أو نفتح حربًا بهذه الطريقة العشوائية التي تكون على حساب بلدنا ومنطقتنا.

إذًا، على العكس تمامًا، حزب الله من الناحية الإعلامية السياسية الاسنادية يتحدث عن فلسطين وأنها يجب أن تعود حرة وأن تتحرر من دنس الصهاينة؛ هذا الكلام موجود. لكن بالمقاومة، بالممارسة العملية، هو يمارس ضمن مشروع الحفاظ على الأولويات: حفاظًا على المقاومة، حفاظًا على لبنان، على الهوية اللبنانية، على التنوع الطائفي، وعلى حماية لبنان. من الذي دافع عن لبنان أيام التكفيريين في سوريا، وعندما اعتدوا على لبنان واحتلوا بعض أراضيه؟ أليس حزب الله هو الذي دافع وبقي؟ وهل ميز حزب الله بين شيعي وسني ومسيحي مثلاً؟ هل إذا اعتادت إسرائيل منطقة في لبنان كنا سنسكت لأنها لا تعنينا؟ هذا كله لم يحدث؛ بل على العكس تمامًا، الأولويات التي تراعي مصلحة لبنان والمنطقة كان حزب الله يعتمدها تمامًا.

لو لم يتدخل حزب الله خلال السنوات الماضية في الدفاع عن فلسطين، كيف كانت ستتغير المعادلات؟

المعادلات المقاومة في المنطقة، حقيقة، نحن منذ اليوم الأول، دائمًا، سواء الجمهورية الإسلامية أو قوى المقاومة، يحملون عنوان القضية الفلسطينية. القضية الفلسطينية بما تمثل من البوصلة الدقيقة لمواجهة هذا المشروع الغربي الذي يريد أن يبتلع المنطقة، وقضية فلسطين هي قضية، الحجة هي قضية المعبر التي يتذرع بها اليهود أو الصهاينة أو الغربيون.

من الطبيعي جدًا أن المشكلة بدأت ليست مع الصهاينة داخل فلسطين فقط، بل هي اعتداء على لبنان منذ عام 1948، ولم يتوقف هذا العدوان على لبنان، وكانت هناك عدة اجتياحات. ففي عام 1978، وصلوا إلى مناطق داخل الجنوب ثم انسحبوا. الشريط الحدودي كان فيه عملاء، قبل الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، مثل سعد حداد. أنا ذهبت إلى هناك، وكانت قوة سعد حداد موجودة في الشريط الحدودي في عيتا وبنت جبيل ومارون وتلك المنطقة.

الاجتياح الإسرائيلي للبنان بعد 1982، ماذا كان هدفه؟ أولًا، كانوا يريدون أن يسيطروا على جزء أساسي من الجنوب، أي الحد الأدنى إلى الليطاني لتأمين فلسطين لما يحتويه من بعد استراتيجي، أراضي، مياه وثروات. ثانيًا، كانوا يريدون أن يقيموا معاهدة مع الحكومة اللبنانية آنذاك، تقوم على التوطين والتطبيع، ويكون هذا معبرًا للأسواق العربية، مقدمة لقيام "إسرائيل الكبرى"، خصوصًا في ظل غياب الإمام السيد موسى الصدر، مؤسس المقاومة. وهم أرادوا من هذا الاجتياح أن يواجهوا إيران في منتصف الطريق كما عبرت قيادتهم، لأنهم كانوا يعتبرون أن قيام الجمهورية زلزال في منطقة الشرق الأوسط قد تصل شراراته إلى إسرائيل أيضًا.

هناك كانت المقاومة التي برزت بعد 1982، بعد الاجتياح، وكان رموزها السيد عباس، ثم أصبح الرمز الأول السيد حسن نصر الله — رضوان الله تعالى عليه. في الحقيقة، كانت المقاومة تعمل على تحرير لبنان، تحرير الجنوب، وكانت تحمل القضية الفلسطينية كقضية دينية وسياسية، وأنها بلاد إسلامية محتلة يجب تحريرها. لكن الأولويات كانت داخل الأراضي اللبنانية. نحن دائمًا كنا نقاتل داخل لبنان ولم نقاتل يومًا داخل فلسطين، حتى عند المساندة لقضية طوفان الأقصى. العمليات بدأت في مزارع شبعا، وهذه مناطق لبنانية ولم تبدأ في الأراضي الفلسطينية.

سماحة السيد قال: «لنتنياهو، إذا وسعت، نوسع»، أي إذا وسع الإسرائيليون بالعدوان على لبنان سوف نوسع بالرد عليكم، ولكن لو لم يوسعوا وبقيت دائرة مزارع شبعا، لبقى حزب الله في دائرة مزارع شبعا وكفرشوبا والمناطق التي لا زالت محتلة لدى الإسرائيليين.

إذًا، الموضوع الفلسطيني هو موضوع سياسي، ديني، عقائدي، إدلوجي، لكن الأولوية هي تحرير لبنان والردع وحماية لبنان من العدوان الإسرائيلي. حتى بعد عدوان تموز 2006، ما يسمى في إيران، كان في الحقيقة حزب الله يعمل منذ 2006 إلى أن وقعت الحرب في 23–24، وعملية طوفان الأقصى كانت كل هذه المدة فقط ردعًا للعدوان الإسرائيلي، ولم تكن أي عملية في الجنوب أو في الأراضي الفلسطينية.

كيف تقيمون الإرث السياسي والعسكري للسيد حسن نصر الله في الدفاع عن لبنان وقضية فلسطين؟

بالطبع، هذا الإرث سيُحافظ عليه، وكان ذلك واضحًا حتى في معركة «أولى الباس»، وحتى بعد استشهاد سماحة السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين وبعض القادة العسكريين. الحرب التي أدارتها إسرائيل لمدة 66 يومًا لم يكن فيها السيد حسن نصر الله حاضرًا في عالم الدنيا، بل كان في عالم الآخرة، ولم يكن هؤلاء القادة من السياسيين ولا من العسكريين متواجدين أيضًا.

إذًا، كيف استطاعت المقاومة الإسلامية أن تقف في وجه الأمريكيين والإسرائيليين وحلفائهم طوال عدوان 66 يومًا؟ استخدمت المقاومة كل القوة الأمريكية التي كانت موجودة في جنوب لبنان، ومع ذلك لم يتمكنوا من دخول القرى التي أرادوا دخولها، ولم يثبتوا أي نقطة. كان الشباب المقاوم يقاتلون بروح كربلائية، بروح وعزيمة السيد نصر الله، ومن خلال هذه الروحية ومن خلال إرث السيد نصر الله، منعوا إسرائيل وأمريكا وحلفاءهم من الانتصار.

واليوم، ما تشاهدونه من دخولهم إلى بعض القرى، وهذه العربدة الإسرائيلية، كان بسبب ما جاء بعد اتفاق 1701، والأنظمة التي رعت هذا الاتفاق الدولي الضامن، بما فيها الحكومة اللبنانية. الأمريكيون ضمنوا أن قالوا أن حزب الله أعدائهم والمبعوث الأمريكي الذي حمد الله على نصر إسرائيل ، هو يكذب لم ينتصر، هل أخذ سلاح حزب الله؟ هل دخل إلى الليطاني؟ القرى التي دخلها بسبب الأمريكي، فسح المجال لهم، وجاء سقوط سوريا، وتخلت الحكومة اللبنانية عن مسؤولياتها. والدول الضامنة تخلت عن مسؤوليتها، بل بعض الدول الضامنة تواطأت مع الإسرائيليين والأمريكيين. لكن هذا الإرث سيبقى بالتأكيد. ولو لم يبقَ، لماذا اليوم يطالبون بنزع سلاح حزب الله؟ إذا كانوا قد دمروه وأنهوه من الوجود.

حسن البغدادي , الشهيد السيد حسن نصر الله , حزب الله , المقاومة الإسلامية ,

هل استطاع السيد نصر الله أن يحول حزب الله من قوة محلية إلى لاعب إقليمي؟

 نعم، حزب الله كان له تأثير على مستوى المنطقة وهو أيضًا لاعب إقليمي، يعني بمعنى لاعب إقليمي استطاع أن يمنع سقوط سوريا لسنوات طويلة من خلال ما أراده الأمريكي وحلفائه من خلال داعش وأخواتها كالنصرة وغيرهم. في المقابل، حزب الله والمقاومة الإسلامية بقيادة سماحة السيد نصر الله رحمه الله استطاعوا أن يكونوا الخط الأمامي المدافع عن محور المقاومة بقيادة الجمهورية الإسلامية وبقيادة الإمام الخامنئي مد الله في عمره الشريف. بالتأكيد كان خطًا أماميًا وكان عُضُدًا قويًا لمحور المقاومة، والآن أنا أعتقد ولا يزال قويًا جدًا، لكن الظروف التي تعيشها المنطقة اليوم، البلطجة الأمريكية وسقوط سوريا والداخل اللبناني وما شاكل، يحاولون أن يظهروا وكأنهم قضوا على هذه القوة، هم العكس تمامًا على الإطلاق. حزب الله كان خطًا أماميًا قويًا ولا يزال خطًا أماميًا قويًا، الآن مشروع إسرائيل الكبرى لم يتحقق ما دام حزب الله موجود في لبنان وسلاحه بيده، ولهذا هم يعملون بكل ما أوتوا من قوة على نزع السلاح لأنهم يعتبرونه المعبر إلى المنطقة؛ إذا سقط حزب الله سقطت المنطقة.

يرى بعض النقاد أن بقاء القيادة ذاتها لفترة طويلة يقلل من ديناميكية الحزب، هل يمتلك حزب الله القدرة على الانتقال السلس؟

هل كانت هذه مشكلة عند حزب الله في موضوع القيادة؟ ونحن ناقشنا هذا الموضوع كثيرًا، حتى مع سماحة السيد شخصيًا في بعض الجلسات – رضوان الله تعالى عليه- والسيد دائمًا كان يرى أنه ليست هناك مشكلة حتى أن يأتي أمين عام آخر مكانه. لكن حزب الله، الكوادر لا تقبل أن يأتي شخص آخر غير السيد حسن نصر الله.

وكان من أولويات حزب الله، أو من مشاكله، هي أن حزب الله لم يمر عليه فترة استراحة. لم يكن حزب الله على الطريقة اللبنانية أو طريقة الأحزاب اللبنانية، أنه حزب سياسي لبناني فقط يفكر بمسؤوليات ومواقع ومغانم. لم يكن هذا هو حزب الله. حزب الله كان يعتبر نفسه حزب مقاومة يتعاطى الشأن السياسي، يعني هو حزب جهادي يتعاطى الشأن السياسي، ولو لم ير وجوب التعاطي بالشأن السياسي لخرج من الحياة السياسية.

دائمًا كان حزب الله يرى أن تعاطيه بالشأن السياسي لمصلحة المقاومة، أن هذا يحميها ويحمي بيئتها، ويمنع عنها المؤامرات، ويفسح المجال أمامه للتعايش مع الداخل اللبناني بهذه الجهة. وإلا لو أتيح لحزب الله فرصة أن المتصدين للشأن السياسي مخلصون وصادقون ووطنيون، وليس قسم كبير من المنافقين ولا المنتسبين إليهم وولائهم ليس للخارج، لخرج من الحياة السياسية وتفرغ للعمل الجهادي والثقافي والفكري بالكامل. ولكن خوفه من هذا الداخل جعله يشارك في الحياة السياسية، فكان يرى أن المشاركة في الحياة السياسية بهذا المقدار تكفي فقط لحماية الخط الجهادي المقاوم وبيئته.

وأن الانتقال بالقيادات كان يحدث، لكن لم يكن هذا يحدث على مستوى الشورى، كان يحدث في المناطق، كان يحدث في القطاعات، كان يحدث في الملفات، كان دائمًا هناك تبدل في القيادات. في الحقيقة ليس كما يظن البعض، خصوصًا في موضوع القيادات العسكرية والأمنية. فقط الشورى التي كانت متصدية، كم من الصعب أن تتبدل بهذه السهولة. ولكن لم تكن هناك مشكلة على الإطلاق لا في الحركة السياسية ولا في الحركة الجهادية.

في ظل محاولات أمريكا والكيان الصهيوني لنزع سلاح المقاومة، ما الاستراتيجية التي تضمن بقاء القوة العسكرية والسياسية لحزب الله؟

بالتأكيد، كما أشرنا، يعني اليوم الأمريكي والإسرائيلي ومن معهم يعتبرون أن المانع من تحقيق ما يصبون إليه في المنطقة - ما يسمونه "إسرائيل الكبرى"، "الشرق الأوسط الجديد" الذي هو عبارة عن نهب الثروات ومسك المنطقة وتمزيقها ومواجهة الإسلام - أهم شيء - أن المانع الحقيقي هو في البداية حزب الله. وهذا ما عبر عنه "تام باراك" (مندوب ترامب) إلى لبنان والمنطقة قبل يومين: أن رأس الأفعى في المنطقة إيران وحزب الله، ويجب أن نقطع رأسهما. يعتبرون أن إيران وحزب الله هما الأساس في محور المقاومة، وأنه السد المنيع في وجه الصهاينة في ظل المشروع الأمريكي في المنطقة. صحيح، هذا صحيح، ولذلك أراد هؤلاء أن يأخذوا من حزب الله بالسلم ما لم يتمكنوا من أن يأخذوه بالحرب. يعني في حرب الـ 66 يومًا لم يتمكنوا من نزع سلاح المقاومة، ولم يتمكنوا من تحقيق أي من أهدافهم. لكن أتى الأمريكي طلب من الإسرائيلي: "أنت اليوم روح كمل تصعيد داخل لبنان بنسبة معينة لا تؤدي إلى حرب، لأنك إذا وصلت أو قاربت الحرب ربما تنهزم ثانية وتكون هزيمة مدوية، وننهزم نحن معك. لذلك أن تعمل على التصعيد وهناك بلطجة أمريكية وهناك سقوط سوريا وهناك الداخل اللبناني من يقف معنا، والعهد بلبنان قسم منه يقف معنا، وخلاص بنقدر نضغط على حزب الله ونأخذ هذا السلاح منهم".

ولكن ما هو مؤكد ويقينًا أن موضوع تسليم السلاح هذا لن يتم ولن يمر، ولن يتمكنوا من أخذ سلاح حزب الله. وحزب الله هو طرح شروط: "لا للتسليم". يعني هذا التسليم أصلاً غير وارد في قاموس المقاومة. حزب الله قال لهم: أول شيء تخرج إسرائيل من المناطق التي احتلتها بعد التفاهم، ترجع إلى الحدود، توقف العدوان، يبدأ الإعمار، ثم نبحث في الاستراتيجية الدفاعية الوطنية. مش نسلمكم على هذا السلاح، إنما هذا السلاح نبحث معكم كيف نحمي البلد من خلال هذا السلاح، شو الطريقة، شو الأسلوب. هذا هو. الأمريكي ما بدّه ياه، هذا بدّه يجيب سلاحك لأنه ما بدّه يناقش، ما بدّه لبنان. لأنه إذا سلم حزب الله السلاح، لن يبقى لبنان. يعني لا شيعة بيفوتوا في لبنان، ولا دروز، ولا سنة، ولا حدا. لبنان بينتهي عن الخارطة. وحينئذ سوريا بتنتهي (وهي سوريا الآن شبه منتهية) والمنطقة بتنتهي، والمقصود أن يصلوا إلى الخليج ويرفعوا العشرة ويصلوا إلى إيران.

إذاً، هذا المشروع الأمريكي في المنطقة بدايته هو في الحقيقة أن يسلم حزب الله هذا السلاح. لكن هذا بالتأكيد لن يحصل، وحزب الله متمسك بسلاحه. هم يضغطون عليه من خلال العدوان الإسرائيلي، ولكن هذا العدوان المحدود حزب الله يصبر عليه إلى وقت محدد لا أعرفه. والداخل اللبناني منقسم في هذا الاتجاه: قسم يريد أن نذهب إلى الحرب الداخلية وليكن ما يكون (الجيش ومؤسسات أخرى)، ونحن نحرص على الوحدة الداخلية. لهذا لن يستطيعوا أن يأخذوا هذا السلاح مهما ضغطوا في الداخل اللبناني.

هل يمكن لضغوط المجتمع الدولي والعقوبات أن تدفع حزب الله لتغيير نهجه في دعم فلسطين؟

هذا أساسًا لم يحدث. يعني حتى عندما كان حزب الله ضعيفًا ولم يكن بهذه القوة، وكانت هناك الضغوطات الكبيرة من كل الاتجاهات، لم يتخلَّ حزب الله عن مقاومته ولا عن دعم فلسطين على الإطلاق. وكان السيد يعلن ذلك بوضوح في مقابلاته.

كيف اليوم؟ الأمور بالنسبة لحزب الله لم تتغير كثيرًا، بالعكس، يعتبر نفسه لا يزال قويًا وحاضرًا، ودعمه لفلسطين سيبقى. لكن هذا الدعم دائمًا يأخذ أشكالاً بحسب الظروف والمناخات. لكن الدعم المعنوي، التأييد، السد المنيع (حزب الله) أن يبقى قوة قوية على حدود جنوب لبنان، هذا تحصيل حاصل. لذلك لا أعتقد أن هناك شيء سيتغير في هذا الاتجاه.

ما توقعاتكم لدور ومكانة حزب الله في العقد المقبل، خاصة إذا صعدت محاولات نزع السلاح؟

لا أعتقد أن شيئًا سيتغير، لأن حزب الله سيبقى متمسكًا بموقفه التي أشرنا إليها. يعني موضوع السلاح لن - ولن - يفرط به على الإطلاق، وهناك شروط ليس لتسليم السلاح، إنما للتفاهم على هذا الدور ضمن استراتيجية أمن وطني، استراتيجية دفاعية لهذه الحماية للبنان.

ولكن هل إن إسرائيل حاضرة لأن تتراجع؟ أن تنسحب؟ أن توقف عدوانها؟ أن توقف طموحها؟ اليوم الأمريكي والإسرائيلي وحلفاؤهم ربما يعتبرون أن هذه فرصة ذهبية لهم ليوجهوا الضربة القاضية الأخيرة إلى إيران وحزب الله والمحور، كي يعلنوا "إسرائيل الكبرى". ولكن هل يضمنون نتائج هذه الضربة لو حدثت؟ أن تكون لصالحهم؟ أم أنها ستقضي عليهم أو على وجودهم في المنطقة؟ أنا لا أعرف، ولكن أعتقد أنهم سيخسرون - إن شاء الله - هذه الجولة فيما لو اعتدوا مجددًا على لبنان، كما خسروها في الماضي.

لهذا، حزب الله لن يتغير شيء عنده في المستقبل ما دامت إسرائيل - يعني - هناك مقاومة. يعني ما دام هناك عدوان هناك مقاومة، وعندما تخرج إسرائيل من معادلة العدوان والاحتلال، حينئذ نذهب إلى عملية الاستراتيجية الدفاعية، وهذه أيضًا أن تكون في صالح إسرائيل.

/انتهى/

المواضيع ذات الصلة
المواضيع ذات الصلة
الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة