عشرة دقائق!

عشرة دقائق!

بين الحقيقة والكذب المتعمّد، عشرة دقائق فقط، عشرة دقائق كانت كافية لتضليل الرأي العام من خلال الإعلام المزّيف، بل الرئيس المزيّف... قطر والعشرة دقائق الترامبية.

 

.

 

هذه هي الفجوة بين المخفي والواقع، بين الحرب والسلام، بين الحياة والموت، بين الصدق والكذب المطلق!

تسمع الخبر من هنا: "استهداف حساس في قطر!"
تقرأ العناوين من هناك: "عملية ناجحة ضد هدف "إرهابي!"
وتشاهد الشاشة الثالثة: "ضربة جوية غامضة.. لا معلومات واضحة!"

كل بوق يصرخ بلغة مختلفة، وكأن الحقيقة تمتلك ألف وجه، أو ربما... لا تمتلك وجهاً على الإطلاق.

ثم يأتي الرئيس ما يسمعى الأقوى في العالم... الرجل الذي يتحكم بأزرار لم نكن نعرف بوجودها... ليقول للعالم: "لم أكن أعلم!".
كلمة تحاول نسف كل اليقين...عبارة تسعى لتخلق فوضى كونية... لو كان حقاً لا يعلم، كيف كانت ردة فعله على كل ما حدث؟


في ندافة صحفية، ينقلب السحر على الساحر...

 فجأةً تتغير الرواية: "تم إخبارنا قبل عشر دقائق!"


عشرة دقائق! ليست سنيناً... ليست أياماً... عشرة دقائق فقط تفصل بين الجهل المطلق والمعرفة الكاملة! عشرة دقائق هي كل ما يحتاجه رئيس أميركا ليتحول من "لا أدري" إلى "كنت على علم"!!!

ثم تأتي الأخبار من هناك، من قلب الإعلام العبري… أصوات تهمس، وأخرى تصرخ:
نعم، كان يعلم!” — تقول The Jerusalem Post، وكأنها ترفع الستار عن غرفة التحكم السرية: الإدارة الأمريكية لم تكن غائبة، بل كانت على اطلاع، وربما… موافقة ضمنية.


وتواصل Axios سرد اللغز: نتنياهو يتصل بترامب قبل الضربة بساعات، الساعة الثامنة صباحاً بتوقيت واشنطن، ويبدأ العدّ التنازلي ... خمسون دقيقة وواحد من أكثر الرجال نفوذاً في العالم يمتلك القدرة على الوقوف أو السماح… وها هي الصواريخ تنطلق.


ثم تصيح القناة 12 وYnet News  بما لا يمكن إنكاره: "الضوء الأخضر… منحوه!"...

 كلمتان ثقيلتان بما يكفي لتغيير مصير منطقة كاملة...
ولكن، هناك دوماً الصوت الآخر، الصوت الرسمي للبيت الأبيض: "لم يكن لدينا وقت كافٍ لإيقافها… لم نكن نعرف!" — عبارة تتقاذفها الأمواج الإعلامية، فتزيد اللغز تشابكاً.

العشرة دقائق ، أو الساعات بحسب من تنظر إليه ، ليست مجرد فترة زمنية…

 إنها فجوة بين الحقيقة والخيال، بين الرواية الرسمية وسرّ ما حدث بالفعل...


في قلب منطقة غرب آسيا، تتحول السياسة إلى مسرحية، ويصبح الرئيس الأميركي مجرد ممثل على خشبة لا نراها إلا بعد أن تُسدل الستائر… وعندها، كل شيء يصبح واضحاً، أو ربما… كل شيء أصبح ضباباً

 

لكن الكاميرا لا تكذب... والإعلام العبري، هناك، يخرج بورقة المسرحية الأصلية!
يكشف الخدعة الكبرى: "لا، لم تكن عشرة دقائق... لقد كان على علم منذ البداية... بل وأعطى الضوء الأخضر!"

ولكن من هناك، من قلب العاصفة ومنطقتها يصل صدى آخر... صدى من تلك القنوات الإسرائيلية التي لا تعرف التلميح، بل التصريح!


يخرجون علينا بورقة المفاوضات السرية، ليسقطوا الأقنعة مرة واحدة وإلى الأبد: "كلا يا سيد ترامب، لم تكن عشرة دقائق... لقد كانت ساعات... بل وأياماً من التشاور! لم تُخبر، بل أعطيت الضوء الأخضر!'"

الضوء الأخضر... كلمتان فقط، لكنهما تساويان إعداماً دون محاكمة، وتساويان إشعالاً لمنطقة بأكملها، وتساويان اعترافاً بأن القرار، في النهاية، لم يكن سوى قراراً واحداً يصدر من البيت الأبيض!
ها هي الصورة تكتمل...
ها هو التضارب يتحول إلى كشف مدوٍّ...
الرواية الأمريكية تتزعزع، والعربية تتساءل، والإسرائيلية... تفضح!


لماذا؟

لأنها لعبة خطيرة...


لعبة تُخفي فيها الأقنعة حقيقة الدم، وتُخفي فيها المصطلحات الدبلوماسية برودة القرارات المصيرية....
هم لا يكذبون... هم فقط يروون "جزءاً" من الحقيقة في "وقت" يخدم سرديتهم...
اليوم نعرف، وغدًا ننسى...

 اليوم فضيحة، وغدا خبر جديد...
السؤال الأكبر: في خضم كل هذه الأصوات المتضاربة، من يملك حقًا رواية الدم؟ من يملك حقًا رواية الأرض؟ ومن الذي يدفع الثمن في النهاية؟
العشرة دقائق انتهت... ولكن الضربة وقعت... والحقيقة... أصبحت أول ضحية....

/ إنتهى/

المواضيع ذات الصلة
المواضيع ذات الصلة
الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة