غزة في قبضة الإعدام: سياسة نتنياهو ... قتل ممنهج واستهداف المدنيين

غزة فی قبضة الإعدام: سیاسة نتنیاهو ... قتل ممنهج واستهداف المدنیین

يعيش قطاع غزة منذ أكثر من عقدين أزمة إنسانية حادة، تتفاقم بفعل الحصار الإسرائيلي المستمر والسياسات الأمنية الصارمة التي يقودها "بنيامين نتنياهو" رئيس الوزراء الإسرائيلي، والتي اعتبرها كثيرون "إعدامًا جماعيًا" للمدنيين الفلسطينيين.

تسنيم/ أمل شبيب

هناك في غزة، حيث تلتقي السماء المحروقة بدخان الانفجارات والقصف والإستهداف ورائحة الموت والشهادة والجوع والصبر، يعيش الناس حياة تتقاطع فيها المأساة مع الصمود. الأطفال فيها لم يعد  يعرفون براءة الطفولة، يختلط ضحكهم بصرخات الخوف، وتصبح ألعابهم حكايات عن انتظار كل يوم جديد بأمان. نساء غزة يحملن على أكتافهن ثقلًا لا يطاق من القلق على أبنائهن، ورجالها يتنقلون في شوارع ممزقة يحاولون حماية ما تبقى من حياة.

 

الإبادة الجماعية في غزة , غزة , الكيان الصهيوني , شهداء غزة , حرب التجويع في غزة , فلسطين ,

غزة: قلب الإنسانية تحت القصف

كل زاوية في غزة تحكي قصة فقد، وكل مبنى مهدوم يروي حكاية حلم انقضى قبل أن يولد. المساعدات الإنسانية التي يفترض أن تكون خلاصاً من الجوع والمرض تتحول إلى تذكير بالحرمان، حين تُستهدف أثناء توزيعها أو يُعيق وصولها الحصار المستمر. هنا يصبح الخوف رفيقاً دائماً، والمعاناة لغة مشتركة بين الجميع، لا تحتاج إلى ترجمة.

لكن رغم كل هذا الظلام، ينبض قلب غزة بالأمل. هناك ضحكات الأطفال التي تتحدى القنابل، هناك أمهات يرفضن الاستسلام لليأس، وهناك شباب يصرون على بناء حياة وسط الخراب. غزة ليست مجرد أرض؛ هي رمز لإنسانية تصارع الموت بصمت، وتصر على البقاء حية رغم الإعدام الممنهج، والحصار، والتدمير.

كل يوم في غزة هو شهادة على الصمود، كل ابتسامة رغم الخراب هي انتفاضة ضد الموت، وكل قلب نابض فيها هو رفض أن تُنسى إنسانيتها. هذه المدينة، على الرغم من الألم الذي يلفها، تعلم العالم درساً عميقاً: أن الحرية، الحياة، والكرامة الإنسانية لا يمكن أن تُقهر بسهولة، مهما اشتدت آلة الحرب أو امتدت أيادي الظلم.

يعيش قطاع غزة منذ أكثر من عقدين أزمة إنسانية حادة، تتفاقم بفعل الحصار الإسرائيلي المستمر والسياسات الأمنية الصارمة التي يقودها "بنيامين نتنياهو" رئيس الوزراء الإسرائيلي، والتي اعتبرها كثيرون "إعدامًا جماعيًا" للمدنيين الفلسطينيين. هذه السياسات تشمل حصاراً اقتصادياً خانقاً، غارات جوية متكررة، استهداف مباشر للمدنيين، وأحيانًا عمليات قتل ممنهجة أثناء وصول المساعدات الإنسانية، وتفاقم هذا الوضع بعد معركة طوفان الأقصى منذ السابع من أكتوبر 2023، إذ أخذت يد وآلة الإجرام الإسرائيلية تتمادى وتتوسع أكثر لتشمل كل جوانب الحياة في غزة بكل تفاصيلها.

 

الإبادة الجماعية في غزة , غزة , الكيان الصهيوني , شهداء غزة , حرب التجويع في غزة , فلسطين ,

غزة على صفيح ساخن: القتل الممنهج والإرهاب اليومي

تُشير تقارير حقوق الإنسان، بل لم يعد لتقارير حقوق الإنسان من أهمية اليوم أمام ما يشاهده العالم من إجرام وقتل واستهداف مباشر على الهواء مباشر وما توثقه الكاميرات اليوم أصبح أهم من كل تقارير مؤسسات حقوق الإنسان بل ومن الدولية وحتى الأمم المتحدة وغيرها، إلى أن القوات الإسرائيلية، تحت إدارة نتنياهو، تستهدف المدنيين كيفما تحركوا وكيفما توجهوا وحتى في بيوتهم وشوارعهم وحقولهم وبحرهم،  بما في ذلك أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء والدواء أو أثناء مرور قوافل المساعدات. هذه الاستهدافات ليست حوادث عابرة، بل تظهر نمطاً ممنهجاً للضغط على السكان المدنيين، وزيادة الخوف، وإضعاف البنية الاجتماعية للمجتمع الفلسطيني.

 

الإبادة الجماعية في غزة , غزة , الكيان الصهيوني , شهداء غزة , حرب التجويع في غزة , فلسطين ,

 حصار وإفقار: المساعدات الإنسانية بين يد الاحتلال

الحصار الإسرائيلي على غزة الذي يعيق وصول المواد الأساسية، مثل الغذاء، الدواء، الوقود، والمستلزمات الطبية حوّلها الى سجن بري محروم من كل مقومات الحياة، رغم حق سكان القطاع بالحصول على المساعدات الإنسانية لتكون شريان حياة لهم، إلاّ أن استغلال هذه المساعدات خلق بيئة من الفوضى والقتل العشوائي والخطر المحيط بالأهالي، ذلك أن العصابات المحلية والشركات الأجنبية، بما في ذلك شركات أميركية مكلفة بتوزيع المساعدات، تحت إشراف "جيش الإحتلال الإسرائيلي" جعلت من هذه المساعدات نقمة على كل من يحاول الإقتراب منها، كما أن الإشراف العسكري الإسرائيلي بات يخلق بيروقراطية معقدة تُسهل استغلال الموارد من قبل شبكات غير رسمية، بينما يعاني المدنيون من حرمان كامل من المساعدات. هذا النظام يضع السكان بين مطرقة الموت البطيء وسندان الضغط السياسي، ليصل الى إضعاف ممنهج للقطاع.

الإبادة الجماعية في غزة , غزة , الكيان الصهيوني , شهداء غزة , حرب التجويع في غزة , فلسطين ,

إبادة، فصل عنصري، وتطهير عرقي: عندما يُفقد البعد الأخلاقي في غزة

أمام الوقائع اليومية في غزة، تتجاوز سياسات نتنياهو مفهوم الحصار أو الإجراءات الأمنية لتدخل في نطاق يُعدّه مراقبون حقوقيون وسياسيون "إبادة متدرجة"، وفصلاً عنصرياً، وتطهيراً عرقياً. إذ يعيش سكان غزة تحت حصار مستمر يقيد الغذاء والدواء والمياه والكهرباء، مع غارات جوية وهجمات تستهدف المدنيين والبنية التحتية الحيوية، ما يؤدي إلى ارتفاع معدل الوفيات من الأطفال والنساء، وكبار السن، ويصفه بعض الخبراء بـ "الإبادة المتدرجة"، أي خلق حالة موت بطيء منهجي للسكان المدنيين.

 إلى جانب ذلك، يُفرض نظام فصل عنصري من خلال قيود صارمة على التنقل، الوصول إلى الموارد، وحقوق المواطنين الفلسطينيين مقارنة بالمستوطنين، ما يعكس نمطًا من التمييز العرقي المؤسسي ويجعل سكان غزة مجموعة مستهدفة. كما يمارس الكيان التطهير العرقي الرمزي والاقتصادي عبر السيطرة على الموارد الأساسية والتحكم في توزيع المساعدات، ما يجبر السكان على العيش في ظروف غير إنسانية تدفع السكان للعيش تحت خطر دائم يهدد بقائهم.

 هذه السياسات تشكل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاقيات جنيف لحماية المدنيين. بذلك، يمكن فهم سياسة نتنياهو تجاه غزة على أنها إستراتيجية شاملة تخطت الإبادة المتدرجة والفصل العنصري والتطهير العرقي الإقتصادي والإنساني، ما يجعل الوضع في غزة حالة فريدة من نوعها في النزاعات الحديثة، تثير القلق الدولي والأخلاقي بشكل بالغ.

 

الإبادة الجماعية في غزة , غزة , الكيان الصهيوني , شهداء غزة , حرب التجويع في غزة , فلسطين ,

المنشورات والإخلاء القسري: خطوة نحو الاحتلال

من بين السياسات التي يعتمدها اليوم "جيش" الاحتلال الإسرائيلي في غزة،وهي احدى الأساليب التي يعتمدها عادة في حروبه، هي استخدام المنشورات الورقية والرقمية لإرهاب المدنيين وإجبارهم على الإخلاء من مناطق محددة تمهيدًا لشن عمليات عسكرية واسعة أو احتلالها. هذه المنشورات لا تُعتبر مجرد تحذيرات أو اوراق تُرمى من طائرات او مُسيّرات،؛ بل هي جزء من استراتيجية ممنهجة للضغط النفسي، زرع الخوف، وفرض سيطرة كاملة على السكان المدنيين.

تتضمن هذه المنشورات تهديدات مباشرة بحياة المدنيين، تحذيرات من القصف المكثف، وطلبات عاجلة بمغادرة المنازل خلال ساعات قليلة، دون أي ضمانات للحياة أو الممتلكات. هذا الأسلوب يؤدي إلى خلق حالة من الفوضى والخوف الجماعي، ويجعل السكان يتركون منازلهم وأراضيهم تحت ضغط نفسي هائل، بينما يتم تسهيل الاستيلاء على هذه المناطق من قبل "جيش" الإجرام.

تُظهر هذه التكتيكات أن الهدف ليس فقط السيطرة العسكرية، بل إضعاف النسيج الاجتماعي والاقتصادي للسكان،وهو ما يعزز من فكرة "الإعدام الممنهج" للقطاع المدني قبل أي احتلال فعلي.

بهذا الشكل، تُحوَّل المنشورات إلى أداة نفسية واستراتيجية احتلال، تدعم الحصار والقتل الممنهج، وتزيد من المعاناة اليومية للمدنيين الذين يجدون أنفسهم بين خيارين مستحيلين: البقاء تحت القصف أو ترك كل ما يملكونه من أجل النجاة.

 

الإبادة الجماعية في غزة , غزة , الكيان الصهيوني , شهداء غزة , حرب التجويع في غزة , فلسطين ,

الترهيب، الرقابة، التجسس، والتدمير: أدوات السيطرة على غزة

إلى جانب الحصار والقتل الممنهج، اعتمدت سياسات نتنياهو تجاه غزة على استراتيجية شاملة من الترهيب، الرقابة، التجسس، والتدمير، تهدف إلى إبقاء السكان تحت ضغط دائم وتقويض أي قدرة على المقاومة أو التنظيم المدني. يعيش السكان في حالة خوف دائم نتيجة الغارات الجوية، إطلاق النار العشوائي، والاستهداف المباشر للمباني المدنية، إذ لا تهدف هذه العمليات فقط إلى تصفية أهداف عسكرية كما يدّعي نتنياهو، بل تُستخدم أيضاً لإرهاب السكان، ما يعزز حالة الخوف الجماعي. في الوقت نفسه، يعتمد الكيان على مراقبة دقيقة لكل التحركات داخل القطاع، من مراقبة الحدود إلى متابعة نشاطات المدنيين والمنظمات المحلية، بما يشمل متابعة دخول وخروج الأفراد، مراقبة الاتصالات، وتقييد وسائل الإعلام المستقلة، استهداف الصحفيين وقتلهم على الهواء مباشرة للحد من قدرة السكان على التعبير عن معاناتهم أو توثيق الانتهاكات. كما يُنفذ الكيان عمليات استخباراتية واسعة تشمل التجسس على المدنيين والفصائل الفلسطينية، مما يتيح السيطرة الكاملة على المجتمع المدني ، إلى جانب ذلك تدمير الحياة اليومية للمدنيين والمجتمع المدني والاقتصاد المحلي. تجمع هذه الأدوات بين العنف المادي والضغط النفسي والسيطرة الاقتصادية والإعلامية، لتؤكد أن السياسة الإسرائيلية لا تهدف فقط إلى السيطرة العسكرية، بل إلى إضعاف المجتمع الفلسطيني بشكل كامل وإخضاعه لنظام ترهيب ومراقبة دائمين.

 

الإبادة الجماعية في غزة , غزة , الكيان الصهيوني , شهداء غزة , حرب التجويع في غزة , فلسطين ,

  الصهيونية كـ "رخصة لللإبادة": الأساس الأيديولوجي لسياسات نتنياهو في غزة

بالحديث عن كل هذه السياسات التي يتبعها نتنياهو اليوم في غزة، تأذخا هذه الأفعال والممارسات الى أصل الصهيونية، التي تُعتبر في السياق السياسي الإسرائيلي أكثر من مجرد حركة قومية؛ بالنسبة للعديد من المراقبين، بل أصبحت إطاراً ا فكرياً وسياسياً يمنح الكيان اللقيط رخصة للإبادة والتوسع على حساب الفلسطينيين. هذه الفكرة تتجسد بشكل واضح في السياسات التي اعتمدها بنيامين نتنياهو تجاه غزة، والتي تشمل الحصار المستمر، القتل الممنهج، التطهير العرقي، والفصل العنصري، إضافة إلى الترهيب والتدمير.

من منظور حقوقي وسياسي، يخلق هذا الإطار الصهيوني حالة تُبيح لـ "إسرائيل" استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين، بحجة الحفاظ على "الأمن القومي" ومنع "الإرهاب"، أو حماية "الدولة". تُبرر هذه السياسات بمفاهيم مثل "الأرض مقابل الأمن" و"حق الدولة في الدفاع عن نفسها"، لكنها في الواقع تمنح سلطة شبه مطلقة لاستخدام العنف والإكراه ضد السكان المدنيين.

يمكن القول إن الصهيونية، في هذا الإطار، لا تقتصر على كونها أيديولوجيا قومية، بل تعمل كأداة أيديولوجية لتبرير سياسة الإبادة والتطهير، وتشكّل الغطاء الفكري والسياسي الذي يمكّن "قادة إسرائيل"، بما فيهم نتنياهو، من تنفيذ استراتيجيات شاملة لإضعاف غزة، وترسيخ الهيمنة الإسرائيلية على الأرض والسكان.

 

الإبادة الجماعية في غزة , غزة , الكيان الصهيوني , شهداء غزة , حرب التجويع في غزة , فلسطين ,

الصهيونية بين وهم "الجمال" وحقيقة القبح

الصهيونية، بالنسبة للكثير من الإسرائيليين والمستوطنين والمتبنين للأيديولوجيا الصهيونية، تُعرض على أنها مشروع وطني مشروع وجميل، يقوم على فكرة إعادة الشعب اليهودي إلى أرضه التاريخية، وضمان "الأمن القومي" للدولة. في هذا الإطار، تُعتبر كل السياسات الإسرائيلية-من الحصار إلى السيطرة العسكرية والتوسع الاستيطاني- أفعالًا ضرورية ومفيدة لتحقيق الأمن والاستقرار، وضمان مستقبل الدولة.

يتم تصوير الصهيونية داخلياً على أنها حماية للشعب اليهودي، وتعزيز للهوية الوطنية، وإقامة دولة قوية، ما يجعل القتل، الحصار، التطهير، والترهيب يُبرر أخلاقياً لدى جزء من المجتمع الإسرائيلي كخطوات "حتمية" في سبيل هذا الهدف.

 

الإبادة الجماعية في غزة , غزة , الكيان الصهيوني , شهداء غزة , حرب التجويع في غزة , فلسطين ,

كيف نظهر قبح هذه الصهيونية؟

لكشف القبح الحقيقي للصهيونية كما تُمارس في غزة وفلسطين، واجب علينا:

1.التوثيق والحقائق الميدانية: عرض المعاناة الإنسانية الحقيقية للمدنيين، مثل الأطفال والنساء وكبار السن، وتوثيق الحصار، الهجمات، والقتل الممنهج. الصور، التقارير، والشهادات المباشرة تظهر الفرق بين الصورة التي يسوّقها دعاة الصهيونية والواقع المأساوي.

2.التحليل الحقوقي والقانوني: إبراز الانتهاكات القانونية، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني، اتفاقيات جنيف، وحقوق الإنسان الأساسية، وشرح كيف أن السياسات الإسرائيلية تتعارض مع هذه المعايير.

3.الإظهار الفكري والأيديولوجي: شرح أن ما يُقدّم على أنه "حماية قومية" أو "إعادة شعب إلى أرضه" ليس سوى كذبة صهيونية نابعة من الحركة الصهيونية.

4.الوعي والتثقيف العالمي: نشر الحقائق عبر وسائل الإعلام، الشبكات الاجتماعية، والمنتديات الدولية، لإظهار أن الصهيونية ليست مجرد مشروع قومي، بل أيديولوجيا تبرر العنف والاضطهاد ضد شعب آخر، بما في ذلك حصر المدنيين تحت الموت البطيء، الحرمان، والترهيب.

/إنتهى/

المواضيع ذات الصلة
المواضيع ذات الصلة
الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة