"العدسة التي أرعبتهم"
في غزة حيث لم تعد الحياة حياة، ولم يعد الموت او الإستشهاد حدثاً يجتمع لأجله المعزّين، في غزة حيث الكيان الإسرائيلي يحمل السلاح والرشاش والمتفجرات بات يغتال حتى نسمة الهواء، والعدسة والصورة والمشهد...
مرةً أخرى...
يثبت الاحتلال أنه يخشى الكلمةً الحرة، الكلمةُ التي تكشف نواياه، يخشاها أكثر من الرصاص....
مرةً أخرى... تصبح الكاميرا هدفًا، ويُصبح الصحفي شهيدًا...
في غزة... حيث تُقصف الحقيقة قبل أن تُنشر.
حيث تُستهدف العدسة لأنها ترى ما لا يريد العالم أن يراه....في خيمة للصحفيين، واضحةً، معروفةً، ممهورة بكل شارات الإعلام الدولية...
تسقط قذيفة. ليست طائشة، ليست "أضرارًا جانبية"، بل قرار. قرار بقتل الصورة... بقتل الشهود...
استشهد أنس الشريف..استشهد محمد قريقع... استشهد قبلهم المئات وسيسشتهد بعدهم ثلة من الصحفيين طالما العدو المجرم قائم...
استشهدت الصحافة في غزة لأن الحقيقة التي تحملها أثقل من أن تتحمّلها رواية الاحتلال...
أنس...
ذاك الصوت الذي خرج من وسط الركام...
ذاك الوجه الذي صار مرآة الألم الفلسطيني على شاشات العالم...
كان يعلم أنه مهدد، وكان يعرف أن الكلمة قد تكون آخر ما ينطقه....
ومع ذلك... استمر. نقل، صوّر، وتحدّى...
لكن الاحتلال لم يردّ عليه بخطاب... بل بصاروخ.
لم يكن الأمر عشوائياً. لم يكن "خطأً مأساوياً"
كان قراراً استراتيجياً...
في الخطة العسكرية لاجتياح غزة، هناك بند غير مكتوب: "اسكتوا الصحفيين أولاً"
لأن الصحفي، حين يكون حراً، يصبح أقوى من جيش بأكمله...
الاحتلال يدرك أن الكلمة تفضح، أن الصورة تُدين،وأن توثيق الجريمة يعني محاكمة القاتل، ولو بعد حين....
فكان القرار:
اخلقوا فراغاً إعلامياً...
اقتلوا من يحمل المايكروفون... قبل أن يرفع أحدهم سلاحاً...
وهكذا، تكررت الغارات، تكررت الأكاذيب...
أي كذبة تبرر تمزيق جسد صحفيّ على الهواء؟!
الاحتلال لا يقتل فقط الصحفيين، بل يقتل القانون الدولي نفسه.
المادة 79 من بروتوكول جنيف؟!
محكمة الجنايات الدولية؟!
كلها نصوص تُقرأ في مكاتب مغلقة، بينما الصحفيون يُدفنون في خنادق مفتوحة.
والعالم؟ يصمت...يكتفي بإصدار بيان إدانة
لكننا لن نصمت...
لأننا لا نحمل سلاحاً، لكننا نحمل الحقيقة.
والحقيقة لا تُقتل...
قد تُدفن مع صاحبها يوماً، لكنها تعود وتصرخ بصوت آخر... ولو بعد حين...
/انتهى/
