الذكاء الاصطناعي في خدمة القتل: الاحتلال يصنع الموت بلا رحمة

الذکاء الاصطناعی فی خدمة القتل: الاحتلال یصنع الموت بلا رحمة

لم تكن التفجيرات مجرد عملية عسكرية، بل مجزرة متعمدة ضد المدنيين الأبرياء، حيث سقط أكثر من عشرات الشهداء في الساعات الأولى، بينهم أطفال ونساء، وجرح المئات بجروح بالغة، فقد الكثير منهم أعينهم وتقطعت أيدهم وأرجلهم والبعض أصيبوا بتشوهات دائمة في وجوههم وأطرافهم.

تسنيم/ أمل شبيب

عامٌ يمرّ على المجزرة… عام على آلة الموت التي صنعتها يد الغدر الإسرائيلية، قتلت بدم  بادر، وحوّلت وطن وأرض إلى مسرح دموي لا يعرف الرحمة. ليس الأمر حرباً عابرة، بل صناعة ممنهجة للموت، تُدار بعقول مدججة بالحقد، وتُنفَّذ بأدوات تسعى لطمس الحياة وسحق كل ما ينبض بالأمل.

 قبل عام، اهتزّت ضاحية بيروت الجنوبية وبعض مناطق بيروت والبقاع ومناطق لبنانية أخرى على وقع انفجارات متزامنة في أجهزة "البيجر"، وسيلة إتصال عادية بسيطة حوّلها الاحتلال الإسرائيلي المجرم إلى قنابل موقوتة.

 لم تكن هذه الانفجارات مجرد أصوات مدوية في السماء، بل كانت صرخات الموت التي اجتاحت المنازل والمدارس والمستشفيات الصغيرة والشوارع وكل الأمكنة، تاركة خلفها مشاهد صادمة من الجرحى والشهداء.

لم تكن التفجيرات مجرد عملية عسكرية، بل مجزرة متعمدة ضد المدنيين الأبرياء، حيث سقط أكثر من عشرات الشهداء في الساعات الأولى، بينهم أطفال ونساء، وجرح المئات بجروح بالغة، فقد الكثير منهم أعينهم وتقطعت أيدهم وأرجلهم والبعض أصيبوا بتشوهات دائمة في وجوههم وأطرافهم.

 

لبنان , حزب الله , مجزرة البيجر , الذكاء الاصطناعي , البيجر , بيروت , الكيان الإسرائيلي , الخوارزميات , التكنولوجيا ,

دخل العدو الإسرائيلي الى البيوت، واخترق حرمتها، وقتل من فيها، وإمتلأت الأماكن بالحطام والصراخ والألم، لتبقى آثار الجريمة محفورة في أجساد الناجين وفي الذاكرة الجماعية للشعب اللبناني.

مجزرة "البيجر" لم تكن هجوماً عشوائياً، بل تخطيطًا دقيقًا باستخدام التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي، حيث تم تحديد توقيت الانفجار، وأماكن تواجد المدنيين، وحتى اللحظة التي يكونون فيها في منازلهم.

هكذ وبكل بساطة، لم يعد الذكاء الاصطناعي وسيلة لتسهيل الحياة، بل أصبح آلة قتل دقيقة وفعّالة تستهدف البشر مباشرة، مؤكدًا الوجه القاتم للتحول التكنولوجي العسكري الذي يستخدمه الاحتلال لارتكاب المجازر ضد الشعوب.

 

لبنان , حزب الله , مجزرة البيجر , الذكاء الاصطناعي , البيجر , بيروت , الكيان الإسرائيلي , الخوارزميات , التكنولوجيا ,

 

 وجوه الموت الحديثة: تكنولوجيا بلا إنسانية

لم تكن لتحدث المجزرة لولا الدمج المتقن بين الأدوات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي، فقد جرى التحكم في أجهزة "البيجر" عن بُعد، ضمن خطة مدروسة تعتمد على خوارزميات متقدمة لتحديد التوقيت المثالي للتفجير، المواقع الأكثر كثافة سكانية، وطريقة الانتشار الأمثل للدمار. كل جهاز كان بمثابة قنبلة ذكية، تُدار عن بعد بدقة مميتة، بحيث يُستهدف المدنيون في لحظات وجودهم داخل منازلهم، ما يجعل العملية أكثر فتكًا من أي هجوم تقليدي.

لم يعد القرار البشري سوى مجرد توقيع على اقتراحات صادرة عن نظام آلي، حيث تحدد البرمجيات كل خطوة، بدءًا من اختيار الهدف وصولًا إلى إطلاق التفجير.

هكذا وبكل بساطة، تحولت التكنولوجيا إلى أداة قمع جماعي متطورة، بدلاً من أن تكون وسيلة لتحسين حياة البشر أو خدمة الإنسانية، وهو ما يكشف الوجه الحقيقي لاستغلال التطور التقني من قبل الاحتلال: ليس في الطب أو التعليم أو البحث العلمي، بل في إنتاج الموت الجماعي، تدمير الأحياء، وإرهاب الشعوب بطريقة منهجية ومنظمة.

حتى البيانات الشخصية، مثل المكالمات والرسائل والمعلومات عن تواجد المدنيين، جُمعت وحُللت لتغذية هذه الخوارزميات، ما جعل العملية أكثر دقة وفظاعة، حيث لم يُترك شيء للصدفة، بل كل خطوة كانت محسوبة بدقة لإلحاق أقصى الضرر بالمدنيين.

 

لبنان , حزب الله , مجزرة البيجر , الذكاء الاصطناعي , البيجر , بيروت , الكيان الإسرائيلي , الخوارزميات , التكنولوجيا ,

الكيان وابتكارات الدم: آلة الموت الذكية على خط المواجهة

أظهرت مجزرة "البيجر" وغيرها من المجازر التي يرتكبها كيان الإحتلال، استخدامه للذكاء الإصطناعي لتعزيز قوته العسكرية وزيادة فعالية عملياته القتالية على حساب المدنيين، فالتكنولوجيا لم تعد وسيلة مساعدة، بل صارت محوراً رئيسياً في صناعة القرار العسكري، ما حول الحروب التقليدية إلى حروب رقمية دقيقة ولكن قاتلة.

ولم تسلم غزة من هذه الأساليب، فقد استخدم الإحتلال انظمة متطورة مثل نظام "لافندر" لتصنيف الفلسطينيين ضمن قوائم "مسلحين" محتملين، حيث تم استهداف آلاف الأشخاص في منازلهم، ما أدى إلى ارتفاع عدد الشهداء المدنيين بشكل كبير، إضافة الى نظام The) Gospel) لإنتاج قوائم أهداف ثابتة، تشمل المباني والمرافق العامة، مما سرّع عمليات القصف العشوائي ووسع دائرة الدمار.

لم تعتمد هذه الأنظمة على العين البشرية فقط، بل على خوارزميات قادرة على معالجة ملايين البيانات في دقائق، وتحويلها إلى توصيات تنفيذية دقيقة، فكانت  النتيجة ارتفاع غير مسبوق في عدد الضحايا المدنيين، ودمار واسع للبنية التحتية، وتحويل المدن إلى ساحات حرب شبه آلية.

كذلك الأمر في لبنان، حيث أظهرت مجزرة "البيجر" أن نفس الآليات أصبحت أداة قمع جماعي متكاملة، إذ لم تعد هناك حدود بين المدني والعسكري، فكل بيت وكل شارع يمكن أن يتحول إلى هدف محتمل بسبب الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تحديد المواقع واللحظات المثلى للضربات، وكانت النتيجة المباشرة توسيع نطاق الرعب والخراب، فيصبح بهذا الذكاء الاصطناعي جزءًا من سجل دموي طويل للاحتلال الإسرائيلي، يربط بين التجارب في غزة ومجازر لبنان، ويظهر كيف يمكن للتكنولوجيا أن تتحول إلى أداة قمع منهجية، تقضي على حياة المدنيين، وتستهدف كل ما هو مدني بطريقة منظمة ومدروسة.

هذا السجل يضع العالم أمام تحدي أخلاقي وقانوني حقيقي: كيف يمكن حظر استخدام التكنولوجيا الذكية في قتل المدنيين، ومن يضمن المساءلة عندما تتحول الخوارزميات إلى "قضاة ومحققين" في الحرب؟.

إلى جانب أنظمة الاستهداف، يستخدم الاحتلال أنظمة مثل Fire Factory  لتحديد الذخيرة، وطائرات بدون طيار وروبوتات مسلحة للبحث والاستطلاع، كما استُخدم تخزين ضخم في "السحابة" من خلال Microsoft Azure لمعالجة ملايين المكالمات الفلسطينية وتحويل البيانات إلى أهداف قتالية دقيقة.

 

لبنان , حزب الله , مجزرة البيجر , الذكاء الاصطناعي , البيجر , بيروت , الكيان الإسرائيلي , الخوارزميات , التكنولوجيا ,

الدم الرقمي: الذكاء الاصطناعي في خدمة المجازر

إن ربط التكنولوجيا الحديثة، وبشكل خاص الذكاء الاصطناعي، بالقتل الممنهج يجعل من الاحتلال الإسرائيلي دولة ترتكب جرائم ضد الإنسانية بشكل واضح ومنهجي، وبدلاً من أن تُستخدم الابتكارات العلمية لتحسين حياة البشر، وتقديم حلول للمشكلات الإنسانية، أصبحت هذه التقنيات أداة للإبادة المنهجية للشعوب وقمع حقها في الحياة والحرية والكرامة.

هذا الاستخدام يجعل من كل اختراع علمي محتمل سلاحًا قاتلًا عندما يقع في أيدي قوى عسكرية لا تراعي القوانين الإنسانية.

والجانب الأخطر هو غياب المساءلة والمراقبة الدولية. فالآلات التي تحكمت في حياة المدنيين لم تخضع لأي رقابة، والقرارات البشرية أصبحت محدودة أو مجرد ختم على توصيات الخوارزميات، ما يجعل ارتكاب المجازر أسرع وأكثر دقة وأقل عرضة للانتقاد المباشر، لكنها أكثر فتكًا بالمجتمع المدني.

تتحول بذلك التكنولوجيا داخل الكيان المحتل إلى آلة قمع شاملة، تعيد تعريف مفهوم الحرب: لم تعد مجرد صراع عسكري بين جيوش، بل أصبحت حربًا رقمية مدروسة ضد المدنيين، حيث يمكن لأي برنامج حاسوبي أن يصبح حكماً بالإعدام، وأي ابتكار علمي أداة لتدمير حياة البشر ومجتمعاتهم.

من هنا، تصبح مجزرة "البيجر" أكثر من مجرد حادث؛ إنها رمز للتحوّل المريع للتكنولوجيا من خدمة الإنسانية إلى أداة إبادة، ودليل حي على ضرورة فرض ضوابط دولية صارمة على استخدام الذكاء الاصطناعي في النزاعات المسلحة لضمان حماية المدنيين ومنع تكرار مثل هذه الجرائم البشعة.

 

لبنان , حزب الله , مجزرة البيجر , الذكاء الاصطناعي , البيجر , بيروت , الكيان الإسرائيلي , الخوارزميات , التكنولوجيا ,

عام على الجرح المرّ… والذاكرة الحية

بعد مرور عام على مجزرة "البيجر"، لا تزال دماء الشهداء، وآهات الجرحى، والعيون المفقودة تصرخ في وجه العالم، لتذكّرنا بمدى فظاعة استخدام الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا العسكرية لارتكاب المجازر ضد المدنيين الأبرياء. هذه الذكرى الأليمة تحمل دروسًا متعددة، على المستويين الإنساني والقانوني، وتطرح أسئلة حاسمة حول مسؤولية المجتمع الدولي، لأن السكوت عن هذه الجرائم يفتح الباب أمام تكرارها،  فالاحتلال الذي لم يواجه أي عقاب دولي جدي على جرائمه، سواء في غزة أو لبنان، يواصل استخدام التكنولوجيا الحديثة في ضرب المدنيين، ما يعزز الإحساس بعدم العدالة لدى الشعوب المستهدفة، ويزيد من عمق الجراح التي لا تندمل في النفوس والمجتمعات، والدماء التي سالت في "البيجر" لم تؤثر فقط على الضحايا المباشرين، بل تركت أثرها النفسي والإجتماعي الواسعي داخل المجتمع ككل.

 

لبنان , حزب الله , مجزرة البيجر , الذكاء الاصطناعي , البيجر , بيروت , الكيان الإسرائيلي , الخوارزميات , التكنولوجيا ,

 خاتمة...

عام على الجرح يعني أكثر من مجرد الحزن: إنه دعوة للتذكر، للتوثيق، والتعلم. على العالم أن يعي أن التكنولوجيا ليست بريئة، وأن أي استخدام عسكري لها بدون رقابة صارمة يمكن أن يتحول إلى كارثة إنسانية. مجزرة "البيجر" تظل رمزًا للدماء التي تُهدر، ولأهمية تحويل الذاكرة إلى حائط صد أمام تكرار هذه الجرائم، رغم تحذير تقارير حقوق الإنسان أن هذه الأدوات تؤدي إلى انتهاكات حقوقية وجرائم حرب بسبب قلة التدقيق البشري واعتماد الاحتلال على الخوارزميات.

/إنتهى/

 

المواضيع ذات الصلة
المواضيع ذات الصلة
الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة