هذه اللعبة بدأت منذ سنوات: استحضار فشل "إينستكس" مع تفعيل آلية الزناد الأوروبية


هذه اللعبة بدأت منذ سنوات: استحضار فشل "إینستکس" مع تفعیل آلیة الزناد الأوروبیة

مع تفعيل الترويكا الأوروبية لآلية الزناد ضد إيران، تبرز الحاجة أكثر من أي وقت مضى لإعادة قراءة تجربة "إينستكس" التي روّجت لها أوروبا كآلية مالية لإنقاذ الاتفاق النووي، لكنها تحولت إلى أداة ضغط لإبقاء طهران ملتزمة من طرف واحد بتعهداتها.

وكالة تسنيم الدولية للأنباء - في خضم عام 2017، وبالتزامن النسبي بين وجود ماكرون في قصر الإليزيه وترامب في البيت الأبيض، شهدنا تقارباً لافتاً بين الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة في تصميم وصياغة استراتيجية "الضغوط القصوى" ضد طهران. وقد أدى هذا التعاون إلى وضع سياسات مشتركة مناهضة لإيران، والتفاوض بشأن التغييرات التي كانت واشنطن تسعى لإدخالها على الاتفاق النووي.

من بين هذه القضايا: التفتيش على المواقع العسكرية، الفترات الزمنية المحددة للبرنامج النووي، الأنشطة الإقليمية، وبرنامج الصواريخ الإيراني. هذه المحاور شكّلت جوهر التفاهمات السرية والمرفوضة بين واشنطن والترويكا الأوروبية. خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي أوهم بعض الساسة الإيرانيين خطأً بأن هناك فجوة بين أوروبا وأمريكا، وأن أوروبا ستسلك طريقاً مستقلاً.

هذا الافتراض أدى إلى حسابات خاطئة في السياسة الخارجية. فمثلاً، كان إنشاء آلية غامضة وغير شفافة مثل "إينستكس" نتاجاً مباشراً للمشاورات السرية بين البيت الأبيض والإليزيه، لكن بعض التيارات السياسية داخل إيران اعتبرتها دليلاً على مسعى أوروبي حقيقي لإنقاذ الاتفاق النووي أو على تعاون جماعي صادق! مع أن الأمر كان واضحاً منذ البداية: هذه الآلية لم تكن تملك أساساً قانونياً ولا قدرة تنفيذية، ولم يكن هناك أي ضمان لاستمرارها أو حتى لقيامها في الأصل.

رغم ذلك، زعمت الدول الأوروبية أنها قادرة عبر "إينستكس" على تلبية جميع الاحتياجات الاقتصادية لإيران (وفق الاتفاق النووي). غير أن الهدف الفعلي للترويكا الأوروبية كان مجرد إبقاء إيران داخل الاتفاق وإجبارها على الاستمرار منفردة في التزاماتها أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

الكثير من منتقدي السياسة الخارجية حذّروا، منذ الولاية الأولى لترامب، من أن "إينستكس" غير قادر عملياً على تلبية الاحتياجات الأساسية لإيران في مجالات النفط والمصارف والائتمان. لكن الأوروبيين أصروا على القول إن هذه الآلية مرنة! وبعد فترة تبيّن أن "إينستكس" صُمّم فقط لشراء الدواء والغذاء مقابل النفط، وحتى لهذا لم يلتزموا!

كان من المفترض في البداية أن يكون "إينستكس" بمثابة نظام مالي – ائتماني واسع ومرن، يضمن استمرار المبادلات بين طهران والشركات الأوروبية، وشراء النفط الإيراني من قبل أوروبا بشكل مضمون. لكن الصفقة الأولى والوحيدة التي جرت عبر هذه الآلية اقتصرت على معدات طبية أثناء تفشي وباء كورونا؛ صفقة محدودة للغاية لم يكن لها أي أثر يذكر بالنسبة للشعب الإيراني، المستفيد المفترض من "إينستكس".

إن التضخيم المصطنع الذي منحه الأوروبيون لـ"إينستكس" كان واضحاً في تصريحاتهم، لكن – وللأسف – لم تكن لدى بعض السياسيين الميالين إلى الغرب عيون ترى أو آذان تسمع هذه الحقيقة.

اليوم، ومع تفعيل آلية الزناد من قبل الترويكا الأوروبية، تزداد ضرورة أن تقوم وزارة الخارجية بإعادة طرح ملف "إينستكس"، مخاطِبة المنظمات الدولية والرأي العام العالمي. في هذا الشأن، لا مجال للتأخير أو التهاون.

/انتهى/

 

الأكثر قراءة الأخبار ايران
أهم الأخبار ايران
عناوين مختارة