الأورومتوسطي: ما حدث في مستشفى ناصر جريمة إسرائيلية مركّبة متعدّدة الأركان

الأورومتوسطی: ما حدث فی مستشفى ناصر جریمة إسرائیلیة مرکّبة متعدّدة الأرکان

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ الجريمة المركّبة التي نفّذها الجيش الإسرائيلي في مجمع ناصر الطبي بخانيونس اليوم تمثّل استهتارًا وقحًا بالقانون الدولي الإنساني، وتعكس بشكل لا لبس فيه جوهر الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي أنّه وثّق شنّ الجيش الإسرائيلي في حوالي الساعة العاشرة من صباح اليوم الإثنين 25 أغسطس/ آب، غارة على الطابق الرابع من مبنى الاستقبال والطوارئ في مجمّع ناصر الطبي، ما أسفر عن استشهاد الصحافي “حسام المصري” مصوّر وكالة “رويترز”، ومواطن آخر على الأقل. وبعد عدة دقائق، وأثناء تجمع مواطنين وطاقم من الدفاع المدني للبحث عن ضحايا محتملين وتواجد صحافيين لتغطية الحدث، عاود الجيش استهداف المكان بصاروخ مباشر أصاب طواقم الإنقاذ والصحافيين، ما أدى إلى استشهاد وإصابة عدد منهم.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ هذه الجريمة المزدوجة أسفرت، وفق حصيلة أولية، عن استشهاد 20 شخصًا، بينهم الطبيب “محمد الحبيبي”، وخمسة صحافيين هم: حسام المصري – مصوّر وكالة رويترز للأنباء، ومحمد سلامة – مصوّر قناة الجزيرة، ومريم أبو دقة – صحافية تعمل مع عدة وسائل إعلام بينها “إندبندنت عربية” ووكالة “أسوشيتد برس”، ومعاذ أبو طه – صحافي حر متعاون مع عدد من وسائل الإعلام، وأحمد أبو عزيز- صحافي محلي، إضافة إلى سائق الإطفاء في الدفاع المدني “عبد الله الشاعر”، ومدنيين آخرين، فضلًا عن إصابة ما لا يقل عن عشرة أشخاص آخرين بينهم صحافيون ومنقذون من الدفاع المدني.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ فريقه الميداني رصد تحليق مسيّرة إسرائيلية تُستخدم لأغراض التصوير، على ارتفاع منخفض جدًا في سماء مجمع ناصر الطبي قبل استهداف المكان، ما يعطي دليلًا إضافيًا على أنّ الهجوم لم يكن عشوائيًا بل متعمدًا، ونُفّذ بتوجيه استخباري تضمّن جمع معلومات دقيقة بوسائل إلكترونية متقدمة حول طبيعة المكان المستهدف وهوية الضحايا الذين سقطوا في الاستهداف.

ونبّه المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ إسرائيل قتلت في مجزرة واحدة طبيبًا وسائق إطفاء وخمسة صحافيين ومدنيين آخرين، في تجسيد واضح للنية الإسرائيلية الواضحة في استئصال المجتمع الفلسطيني في غزة، واستهداف ركائزه ومقوماته، في إطار جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من 22 شهرًا.

وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ هذا النمط لا يشكّل حادثًا منفردًا، بل سياسة متكرّرة وموثّقة في مواقع متعددة خلال الإبادة الجماعية، إذ وثّق فريقه الميداني عشرات الحالات التي ارتكبت فيها القوات الإسرائيلية جريمة “القصف المزدوج” عمدًا، في أسلوب لا يقتصر على إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا المدنيين، بل يتعمّد أيضًا استهداف فرق الدفاع المدني والمسعفين والصحافيين بعد استجابتهم للقصف الأول، محوِّلًا أماكن الإنقاذ والتغطية الإعلامية إلى مصائد قاتلة، في تعبير واضح عن نية مبيّتة لشلّ عمليات الإغاثة، وإسكات الشهود، وإتلاف الأدلة، وتقويض أي حماية للمدنيين حتى في المرافق الطبية المفترض تحصينها بالقانون الدولي.

وبيّن أنّ ما جرى يشكّل جريمة مركّبة متعدّدة الأركان، إذ انطوى على استهداف مستشفى كمرفق طبي محمي، وقتل طبيب على رأس عمله، وقتل صحافيين أثناء أداء مهامهم، واستهداف مرضى خلال محاولات إسعافهم وإخلائهم، فضلًا عن إصابة وقتل عناصر من الدفاع المدني أثناء قيامهم بواجب الإنقاذ، مؤكدًا أنّ هذا السلوك يمثّل اعتداءً متعمّدًا على أشخاص وأعيان تتمتع بحماية خاصة بموجب القانون الدولي الإنساني، ويشكّل في حد ذاته جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مكتملة الأركان.

وشدد على أنّ هذه الجريمة تشكل في الوقت نفسه جزءًا من سياسة منهجية أوسع تستهدف مقوّمات حياة الفلسطينيين ووسائل حمايتهم، عبر قتل الأطباء والمدنيين والمرضى، وتدمير المرافق الصحية، وإسكات الصحافيين، وتعطيل عمل فرق الإنقاذ والدفاع المدني، بما يكشف نية متعمدة في إيقاع أذى جماعي وتفريغ المجتمع من مقومات البقاء، الأمر الذي يضع هذه الممارسات في صميم جريمة الإبادة الجماعية.

وطالب المرصد الأورومتوسطي بإنفاذ قواعد القانون الدولي الإنساني لضمان حماية المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وتوفير حماية خاصة وفعّالة للطواقم الطبية وفرق الإنقاذ والصحافيين، وضمان تمكينهم من أداء مهامهم الإنسانية دون تهديد أو استهداف، وتأمين المرافق الصحية وتجنيبها أي اعتداءات عسكرية.

وحذّر من أنّ صمت المجتمع الدولي إزاء جرائم الإبادة الجماعية التي تنفّذها إسرائيل شكّل غطاءً مباشرًا لتماديها في ارتكاب المزيد من الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين، وأسهم عمليًا في نزع الحماية عن الأشخاص والأعيان المحمية صراحة بموجب القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك المستشفيات والمرافق الطبية والطواقم الإنسانية والصحافيون.

ودعا المرصد الأورومتوسطي الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى تبنّي قرار عاجل بموجب إطار “الاتحاد من أجل السلام” لتشكيل قوة دولية لحفظ السلام ونشرها في قطاع غزة، بما يكفل وقف الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، وضمان حمايتهم، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وحماية المرافق الطبية والإغاثية، وإنهاء الاستهداف الممنهج لها.

وأكّد المرصد أنّ تفعيل هذا المسار يُعد واجبًا قانونيًا وأخلاقيًا على عاتق المجتمع الدولي لحماية أكثر من مليوني إنسان في غزة من جرائم الإبادة الجماعية والانتهاكات الجسيمة المستمرة.

وطالب المرصد الأورومتوسطي جميع الدول، منفردة ومجتمعة، بتحمّل مسؤولياتها القانونية والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة بأفعالها كافة، واتخاذ جميع التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين هناك، وضمان امتثال إسرائيل لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، وضمان مساءلتها ومحاسبتها على جرائمها ضد الفلسطينيين، داعيًا أيضا إلى تنفيذ أوامر القبض التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع السابق في أول فرصة، وإصدار المزيد من أوامر الاعتقال، وتسليمهم إلى العدالة الدولية، ودون إخلال بمبدأ عدم الحصانة أمام الجرائم الدولية.

وحثّ المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي على ضمان محاسبة المسؤولين الإسرائيليين أمام المحاكم الدولية والوطنية المختصة، وفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على إسرائيل بسبب انتهاكها المنهجي والخطير للقانون الدولي، بما يشمل حظر تصدير الأسلحة إليها أو المنتجات ذات الاستخدام المزدوج، أو شرائها منها، ووقف كل أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها، وتجميد الأصول المالية للمسؤولين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينيين، وفرض حظر السفر عليهم، إلى جانب تعليق الامتيازات التجارية والاتفاقيات الثنائية التي تمنح إسرائيل مزايا اقتصادية تمكنها من الاستمرار في ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين.

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة