"قانون مواجهة العقوبات" على طاولة البرلمان الإيراني: انطلاقة لخطة هيكلية للتصدي للعقوبات
قدّمت الحكومة الإيرانية إلى مجلس الشورى الإسلامي مشروع قانون مكوّن من 23 مادة تحت عنوان "مشروع قانون مواجهة العقوبات"، بهدف التصدي المنهجي للعقوبات الخارجية، ودعم المواطنين والمؤسسات المتأثرة بها. ويجري حالياً بحث هذا المشروع في لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان.
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن العقوبات الاقتصادية والمالية والتجارية والمصرفية تحولت في السنوات الأخيرة إلى إحدى أهم أدوات الضغط التي تستخدمها الحكومات الغربية ضد إيران. وبسبب غياب قانون شامل في هذا المجال، اقتصرت سياسات المواجهة في الغالب على قرارات وقتية وشخصية؛ الأمر الذي دفع الفريق القانوني والسياسي في الحكومة، وبالتنسيق مع مؤسسات متعددة، إلى إعداد هذا المشروع القانوني المتكامل.
وقد تم إعداد مشروع "مواجهة العقوبات" بهدف إحباط آثار العقوبات، دعم المواطنين المتضررين، تجريم الامتثال للعقوبات داخل البلاد، تعزيز الأدوات الدبلوماسية والدولية، وإنشاء آليات لتعويض الأضرار. وقد أُقرّ المشروع في (18 ديسمبر 2024) من قبل مجلس الوزراء، وجرى تقديمه إلى البرلمان بتوقيع رئيس الجمهورية وفقاً للمادة 137 من النظام الداخلي لمجلس الشورى.
مدخل تشريعي لتعزيز الصمود الوطني
ينصّ تمهيد المشروع على أنّ غياب قانون شامل في مجال مواجهة العقوبات، واستناداً إلى مبدأ صيانة المصالح الوطنية وزيادة قدرة البلاد على الصمود، إضافة إلى دعم المواطنين والمؤسسات المتضررة قانونياً واقتصادياً، يجعل من الضروري إصدار هذا القانون.
تعريف المفاهيم الأساسية
تتناول المادة الأولى من المشروع تعريف المصطلحات الأساسية، كالعقوبات التي تُعرّف بأنها أي إجراءات تقييدية أو عقابية في المجالات الاقتصادية، المالية، السياسية وغيرها. كما تشمل التعاريف مصطلحات مثل "إبطال مفاعيل العقوبات"، "تحييد أثر العقوبات"، "الأشخاص الأجانب المتعاونين"، و"فريق مواجهة العقوبات".
تشكيل فريق وطني لمواجهة العقوبات
المادة الثانية من المشروع تنص على تشكيل "فريق مواجهة العقوبات" برئاسة النائب الأول لرئيس الجمهورية وعضوية 20 جهة أساسية تشمل وزارات الخارجية، الاستخبارات، الدفاع، الاقتصاد، النفط، الداخلية، الإذاعة والتلفزيون، السلطة القضائية، المصرف المركزي، ورئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان. وتتمثل مهام الفريق في رصد العقوبات، اتخاذ قرارات لتحييدها، تحديد أولويات التعاون الاقتصادي، إصدار تصاريح معاملات خاصة، وتقديم تعليمات تنفيذية.
صلاحيات واسعة للمواجهة النشطة
يوجّه المشروع المؤسسات التنفيذية إلى إدراج آليات مواجهة العقوبات في العقود الدولية، وتوثيق الأضرار الناجمة عنها. كما تنص المادة الخامسة على إلزام الحكومة بإدراج شروط مواجهة العقوبات ضمن الاتفاقيات الثنائية أو متعددة الأطراف.
وفي السياق ذاته، تؤكد المادة السابعة على ضرورة توسيع العلاقات التجارية وتوقيع اتفاقيات ثنائية في المجالات التجارية والنقدية والمالية مع الدول المتعاونة، لتسهيل الالتفاف على العقوبات وتحجيم آثارها.
ضمانات تنفيذية وعقوبات للمخالفين
تشمل المادة السادسة عقوبات صريحة بحق المسؤولين الذين ينفذون العقوبات الأجنبية داخل البلاد، بما في ذلك التعويض عن الأضرار والعقوبات التعزيرية من الدرجة السادسة وفق قانون العقوبات الإسلامي.
كما يخضع الأشخاص الاعتباريون الإيرانيون الذين يتعاونون بشكل غير قانوني مع العقوبات أو يتخذون إجراءات فعالة في هذا السياق بدون إذن من الجهات المختصة، للعقاب كذلك.
دعم المتضررين من الأفراد والمؤسسات
يعالج المشروع بشكل خاص أوضاع الأفراد الذين تعرضوا للملاحقة أو الاعتقال بسبب تعاونهم مع إيران، ويلزم الحكومة بتقديم الدعم القانوني، وتعيين المحامين، وتغطية أتعابهم، بل وتقديم الدعم السياسي (الدبلوماسي) عند الحاجة، وفقاً للمواد 10، 11، و12.
قائمة العقوبات والإجراءات الإيرانية المقابلة
تمنح المادة 13 للجمهورية الإسلامية الإيرانية صلاحية إعداد قائمة بالأشخاص الحقيقيين والاعتباريين الذين يفرضون العقوبات، وفرض قيود عليهم تشمل حظر التعاقد، مصادرة الممتلكات، ومنع الدخول إلى البلاد. ويُعد مخالفة هذه القيود من قبل مواطنين إيرانيين جريمة تستوجب عقوبات مالية قاسية.
صندوق للتعويض وحق التقاضي ضد الدول الأجنبية
تتضمن المادة 14 إنشاء صندوق لتعويض الأضرار الناتجة عن العقوبات، يتم تمويله من خلال الأموال المصادرة والغرامات. كما تتيح المادة 15 للأشخاص المتضررين إقامة دعاوى قضائية داخل إيران ضد الدول الأجنبية وفقاً لقانون صلاحية المحاكم الإيرانية.
منطقة مصرفية حرة وآليات بديلة
تشير المادة 18 إلى إحدى أهم الابتكارات في هذا المشروع: إنشاء منطقة مصرفية حرة في إحدى المناطق الاقتصادية الحرة لمزاولة الأنشطة المصرفية الخارجية. كما تتيح المادة 17 إمكانية نقل امتيازات الشركات المتضررة بالعقوبات إلى شركات بديلة بنفس الطبيعة والملكية.
خطوة تشريعية لمواجهة ممنهجة
يُظهر طرح هذا المشروع ومراجعته حالياً في لجنة الأمن القومي بالبرلمان جدية الحكومة والسلطة التشريعية في التصدي المنظم للعقوبات. وإذا ما تم إقراره، فسيشكل أحد أهم الوثائق العليا في مجال السياسة الخارجية والاقتصادية لإيران، ما يعزز من قدرتها على التكيف مع الضغوط، ويدعم المواطنين والمؤسسات في مواجهة الأضرار.
/انتهى/