لاريجاني: الإيرانيون لا يساومون على عزّتهم الوطنية مطلقًا
صرّح علي لاريجاني، مستشار قائد الثورة الإسلامية، أن الشعب الإيراني لم ولن يساوم على عزّته الوطنية.
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن، لاريجاني أشار إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب حاول خلال المفاوضات السابقة "شراء" هذه العزة، لكنه فشل، ثم لجأ إلى التهديد بالقصف في محاولة للنيل من كرامة الإيرانيين.
وقال لاريجاني، خلال مقابلة مع وسائل الإعلام الوطنية، إن فهم الواقع بدقة أمر بالغ الأهمية، موضحًا أن "الصهاينة اعتقدوا في البداية أن قصفهم المكثّف سيحدث شرخًا داخل الشعب الإيراني".
وأضاف أن "ترامب خاطب الشعب الإيراني مرتين، لكنه لم يدرك مدى كراهية الشعب الإيراني له، فكانت النتيجة أن تلك التصريحات زادت من استياء الناس".
وأكد لاريجاني أن الأعداء راهنوا على تفكك الداخل الإيراني بفعل الضغوط الخارجية، لكن "ما حدث كان عكس ذلك تمامًا"، إذ توحدت جميع التيارات السياسية، بل وحتى بعض أطراف المعارضة في الخارج، خلف القوات المسلحة الإيرانية، لأن القضية كانت تتعلق بالدفاع عن الوطن.
وأوضح أن الشعب الإيراني تعامل مع تبعات القصف بصبر وحكمة ووقف إلى جانب قواته المسلحة، ما أدى إلى تغيير في المعادلات.
وشدد لاريجاني على أن الشعوب ذات الجذور والحضارات العريقة لا تفرّط في سيادتها تحت أي ظرف، وأن الولايات المتحدة تفتقر إلى الانسجام الداخلي، رغم وجود بعض العقول الراجحة فيها، إلا أن النصائح المقدمة إلى المسؤولين الأميركيين تبدو غير موفقة.
وأضاف: "تصريحات ترامب الأخيرة كانت غريبة للغاية، حتى أن نائبه (جاي دي فانس) حاول تصحيحها، لكنه أدلى بدوره بتصريحات غير محسوبة، من قبيل أن إيران يجب أن تستسلم".
وختم مستشار قائد الثورة تصريحه بالتأكيد على أن "الشعب الإيراني صاحب روح عاشورائية، وهذه التصريحات لا تخدم أميركا، وكما قال قائد الثورة، لا يحق لأحد أن يخاطب أمة عظيمة ومتحضرة بهذه الطريقة المهينة".
وانتقد مستشار قائد الثورة الإسلامية الأهداف "الدنيئة وغير المقدسة" للولايات المتحدة والكيان الصهيوني في المفاوضات الجارية، مشدداً على أن إيران لم تتهرب يوماً من التفاوض، وكانت دائماً تسعى لحل القضايا عبر الحوار.
وأشار لاريجاني إلى تعقيدات المفاوضات النووية الإيرانية، موضحاً أن الضغوط الخارجية، خاصة من الولايات المتحدة وحلفائها، أثرت بشكل كبير على مسار المحادثات.
وأكد أن هذه الضغوط لم تؤثر فقط على السياسات الداخلية لإيران، بل يمكن أن تؤدي أيضاً إلى تغييرات في المعادلات الإقليمية.
كما شدد على أهمية الحفاظ على استقلال ومصالح إيران الوطنية خلال هذه المفاوضات، لافتاً إلى أن أي اتفاق يجب أن يكون في مصلحة البلاد والشعب الإيراني.
وأوضح لاريجاني أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تسمح أبداً بأن تتعرض مصالحها الوطنية للضغوط الخارجية.
وفي سياق حديثه، أشار مستشار قائد الثورة إلى القدرات العلمية والتكنولوجية التي تمتلكها إيران في مختلف المجالات، مؤكداً أن البلاد حققت تقدماً ملحوظاً في هذا الصدد.
واعتبر أن هذه الإنجازات دليل على القدرات الذاتية لإيران، داعياً إلى الاستفادة منها لمواجهة التحديات الدولية.
كما تناول لاريجاني أوضاع فصائل المقاومة في المنطقة، ومن بينها "حماس" و"حزب الله"، مشيراً إلى أنها لا تزال تحتفظ بقدراتها وتمتلك القدرة على الصمود في وجه الضغوط الخارجية، معتبراً ذلك مؤشراً على وحدة وتضامن المسلمين في مواجهة التهديدات المشتركة.
ودعا مستشار قائد الثورة إلى تعزيز الوحدة الداخلية والتضامن بين القوى والمؤسسات المختلفة في البلاد، مؤكداً ضرورة بذل الجهود لتعزيز موقف إيران على الساحة الدولية.
وأكد أن النجاح في تجاوز التحديات الراهنة لا يتحقق إلا من خلال الوحدة والتكاتف.
وفيما يتعلق بردود فعل الشعب الإيراني تجاه التحديات، شدد لاريجاني على أن الشعب، رغم المشاكل والضغوط الخارجية، أثبت بصبره وصموده دعمه للقوات المسلحة.
وأضاف أن هذا التضامن بين الشعب والقوات المسلحة غيّر المعادلات السياسية، وعزز مشاعر الكراهية تجاه الأعداء في أوساط الشعب.
وقال: "رغم القصف والمصاعب، أظهر الشعب الإيراني تصرفاً نبيلاً وصبوراً وواصل دعمه للقوات المسلحة".
وأشار إلى أن جميع التيارات السياسية في الداخل، بل وحتى بعض جماعات المعارضة في الخارج، أبدت دعمها للقوات المسلحة.
ولفت مستشار قائد الثورة إلى أن بعض المفكرين الأمريكيين والإسرائيليين أخطأوا في فهم واقع إيران، قائلاً: "الشعوب العريقة وصاحبة الحضارات، كإيران، لطالما استطاعت إعادة بناء نفسها في مواجهة الأزمات".
ونقل عن المفكر الأمريكي هنري كيسنجر قوله: "الإيرانيون يمتلكون قدرة عالية على امتصاص واحتواء الثقافات المختلفة".
وأكد لاريجاني على أهمية رسالة العدالة، مشيراً إلى أن التاريخ يثبت أن الشعوب الجذرية لطالما وقفت في وجه التهديدات وسعت إلى تحقيق العدالة، وهذه النقاط تُظهر بوضوح العمق التاريخي والثقافي للأمة الإيرانية، وتُبرز ضرورة فهم أعمق للوضع الحالي.
وفي معرض انتقاده لمواقف الغرب تجاه إيران، شدد عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام على أن هدف الغرب هو الهيمنة على البلاد وكسر شوكة الكرامة الوطنية.
وأشار إلى تصريحات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، قائلاً: "السيد غروسي نفسه الذي لا يتمتع بثقل يُذكر وتصرف بشكل سيء في هذه القضية، صرّح مؤخراً بأن 'لدينا معلومات دقيقة بأن إيران لا تسعى لامتلاك سلاح نووي، ولن تسعى إليه لسنوات'، إذاً لماذا نشرت الوكالة ذلك التقرير؟ سيأتي يوم تتم فيه محاسبتهم، ولكن الآن ليس الوقت المناسب".
كما انتقد لاريجاني ضعف مجلس المحافظين في مواجهة الهجمات على المنشآت النووية الإيرانية، موضحاً أنه وفقاً للبروتوكول الإضافي، يجب على المجلس اتخاذ قرارات ضد المعتدين، إلا أنه حتى الآن لم يصدر أي بيان في هذا الشأن.
وأكد أن الوقت سيأتي لمعالجة هذه القضايا، وسيظهر الوجه الحقيقي للغرب أكثر من أي وقت مضى.
وقال عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام إن الحروب تبدأ دائماً من الطرف غير العاقل، لكن نهايتها بيد الطرف العاقل، مضيفاً: "لا أحد يريد حرباً طويلة، ولكن لإنهائها يجب أن نصمد اليوم".
وأضاف لاريجاني: "إذا تهاونا اليوم، فالحرب ستطول وسنبيع عزتنا. إن كنا نريد إنهاء الحرب، فعلينا جميعاً دعم القوات المسلحة. إذا وُضِع الكيان الإسرائيلي في موقف ضعف، فسيلجأ إلى التفاهم. هذا الكيان يواجه حالياً مشاكل داخلية، وصمودنا سيجعله يخضع".
وتابع: "اليوم هو يوم الحسم، وإذا صمدنا، سنقترب من النصر. نحن بالتأكيد لا نرغب في استمرار الحرب، لكن عندما تكون كرامة إيران في خطر، علينا أن نصمد. نحن بلد كبير، وشعبنا يتكاتف في الأزمات، بينما يتفرق أعداؤنا".
كما أشار إلى تأثير صمود إيران على الشعوب والمذاهب الأخرى، قائلاً: "المقاومة الحالية أصبحت مبهرة في أعين العديد من الأقوام.
واختتم لاريجاني بتقييم لأداء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائلاً: "دخل ترامب معترك السياسة بشعارات مثل 'رئيس السلام'، والتي كانت جذابة في الظاهر، لكنها كانت مليئة بالتناقضات".
وأضاف: "كان العديد من المحللين يرون أن ترامب يسعى للفوز بجائزة نوبل، لكن من خلال أفعاله، يبدو أنه لا يستحق حتى نفايات نوبل. أداؤه يعكس غياب الاستقرار وعدم توافق الشعارات مع الواقع السياسي".
وختم بالقول: "سعي ترامب للحفاظ على السلطة جعله يتبنى سياسات متناقضة لم تُسهم في السلام، بل زادت التوتر، وهذا يبيّن أن الشعارات الجذابة بلا أفعال متناسبة لا تؤدي إلى نتائج إيجابية".
/انتهى/