الذهب هو سبيل خلاص العالم من السجن الاقتصادي الأميركي

الذهب هو سبیل خلاص العالم من السجن الاقتصادی الأمیرکی

الارتفاع غير المسبوق في سعر الذهب عالمياً يتجاوز كونه تحولاً اقتصادياً، ليعكس تغيرات جيوسياسية عميقة تُظهر أن مسارات مستقلة عن النظام المالي المهيمن عليه بالدولار والهياكل الخاضعة للسيطرة الأمريكية بدأت تتشكل.

وقد وصل سعر الذهب عالمياً في 22 أبريل إلى رقم قياسي جديد عند 3500 دولار للأونصة، وهو سعر يقارب ضعف المتوسط خلال السنوات الثلاث الماضية.

هذا الارتفاع ليس مجرد نتيجة لطلب المستثمرين، بل يعكس تحولاً جيوسياسياً عميقاً: عودة الذهب إلى مركز النظام المالي العالمي بهدف تجاوز هيمنة الدولار والبنى التحتية المالية الخاضعة للسيطرة الأمريكية.

في وقت تواجه فيه الأسواق المالية الدولية أزمات ومتغيرات عدم يقين متزايدة، اتجهت الحكومات والبنوك المركزية وحتى الشركات الخاصة إلى الاعتماد على احتياطيات الذهب وأنظمة مالية جديدة قائمة عليه.

هذا الاتجاه يعكس جهود الدول لتقليل اعتمادها على النظام الدولاري، الذي يُعد الأداة الرئيسية للولايات المتحدة لفرض العقوبات والرقابة المالية.

نموذج ناجح لاختزان الذهب

روسيا هي النموذج الأبرز لهذه الاستراتيجية. فمنذ عام 2014، بدأت البلاد في تكديس الذهب لمواجهة العقوبات الغربية، وبعد تجميد 300 مليار دولار من أصولها رداً على غزو أوكرانيا، اعتبرت هذه السياسة ناجحة. ففي هذا العام وحده، زادت قيمة احتياطيات الذهب الروسية بمقدار 96 مليار دولار.

لكن هذا ليس سوى الجانب الرسمي من القصة. على هامش الاقتصاد العالمي، تزداد شبكات التجارة غير المشروعة للذهب، بما في ذلك التبادلات النقدية بين البنوك الروسية وكل من الإمارات وتركيا مقابل شحنات الذهب. بل إن هناك تقارير تشير إلى أن الذهب المادي أصبح أداة لتمويل عمليات تحايل على العقوبات الغربية.

"ستابل كوينز" الذهبية: أداة جديدة للمقاومة المالية

لكن الأبعاد الحديثة لهذا الاتجاه مرتبطة بالذهب الرقمي. "ستابل كوينز" المدعومة بالذهب هي عملات مشفرة تستند إلى سبائك الذهب كضمان.

أصول مثل "تاذر جولد" و"باكس جولد" تتيح استخدام الذهب رقمياً بطريقة قابلة للنقل، منخفضة التكلفة، وشبه غير قابلة للتتبع. هذه الآلية تُستخدم الآن من قبل الحكومات للتحايل على النظام المالي الدولاري وعقوبات الولايات المتحدة.

أدوات جديدة لتفادي النفوذ المالي الأميركيعلى سبيل المثال، أعلنت حكومة قيرغيزستان أنها ستطلق في الربع الثالث من عام 2025 عملة مشفرة مدعومة بالذهب تُسمى "USDKG". صُمم هذا المشروع لتسهيل التحويلات المالية عبر الحدود، خاصة من روسيا، لكن الخبراء يعتقدون أن مثل هذه الأدوات يمكن استخدامها للتحايل على العقوبات وإخراج المعاملات المالية من متناول النظام المصرفي الأميركي.

في هذه الأثناء، تحاول الولايات المتحدة فرض رقابة جديدة، مثل مشروع قانون "GENIUS"، للسيطرة على "ستابل كوينز"، لكن هذه الخطط لا تشمل الشركات والعملات المشفرة الأجنبية. وبالتالي، سيظل جزء كبير من السوق المالية غير الرسمية والعملات المشفرة القائمة على الذهب خارج السيطرة.

يقول المحللون إن الرد الفعال الوحيد لواشنطن لمواجهة هذا الاتجاه لا يكمن في مزيد من العقوبات، بل في إعادة بناء دور أمريكا كضامن للاستقرار الاقتصادي العالمي. تخفيف الضغوط الاقتصادية، وتشجيع تعميم الدولار في الاقتصادات الناشئة، وتعزيز التعاون المالي يمكن أن تكون مسارات أكثر فعالية من العقوبات للحفاظ على دور الدولار.من موسكو إلى بيشكيك، ومن العملات المشفرة إلى سبائك الذهب، يجد العالم طرقاً للتحرر من الهيمنة المالية الأميركية، ويبدو أن العالم يدخل تدريجياً عصراً جديداً من التمويل القائم على الذهب ... عصر قد تفقد فيه الولايات المتحدة جزءاً من سيطرتها على النظام المالي العالمي.

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الأقتصاد
أهم الأخبار الأقتصاد
عناوين مختارة