ما هو هدف أمريكا من سحب منظومات باتريوت من السعودية؟
الامر الغامض الذي يشغل أذهان المراقبين هو صلة الوصل ما بين نقل الخبراء وقوات المنظومات العسكرية وسحب المنظومات نفسها، وهل سينخفض عدد القوات الأمريكية وغيرها من الأنظمة الهجومية والدفاعية في الدول العربية وغير العربية في المنطقة؟
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء انه من خلال رصد التكهنات الأخيرة بين السعودية والولايات المتحدة الامريكية في الأيام الأخيرة، كانت أخبار سحب أنظمة صواريخ باتريوت من السعودية من قبل "بومبيو" هي الأبرز، الامر الذي أثار أسئلة كثيرة في أذهان المراقبين الإقليميين.
وحول هذا الامر لم يسمع أي تصريحات واضحة من قبل المسؤولين السعوديين حتى الآن، وحتى ان البيان الموجز لوزير الخارجية الامريكية الحاكي بأنه "ينبغي على قواتهم العودة وتغيير مواقعهم" لا يبدو مقنعا.
والامر الغامض الذي يشغل أذهان المراقبين هو صلة الوصل ما بين نقل الخبراء وقوات المنظومات العسكرية وسحب المنظومات نفسها، وهل سينخفض عدد القوات الأمريكية وغيرها من الأنظمة الهجومية والدفاعية في الدول العربية وغير العربية في المنطقة؟
وفي هذه الحالة أيضا، الجواب سيكون بالنفي، لأنه لا يوجد تعليق في هذا الصدد.
بالطبع، هناك احتمالات أخرى متاحة في هذا السياق، مثل إمكانية تخفيض الميزانية العسكرية للبنتاغون في المنطقة أو الوضع الاقتصادي السيئ الذي يواجه الولايات المتحدة الامريكية خلال الأشهر المقبلة.
قال بومبيو أنه سيترك اعلان التفاصيل حول هذا الموضوع لوزارة الدفاع، لكنه أشار إلى أن هذا الاجراء لا يعني انخفاض التهديدات الإيرانية.
على أي حال، بالنظر إلى الأدلة والشواهد المتاحة هناك على الأقل عدة أهداف مرجحة لقرار نقل أربع منظومات صواريخ باتريوت.
أولاً، يدعي بومبيو أن "هذه المسألة ليست بأي حال محاولة للضغط على السعودية في ضوء مسائل النفط العالمية"، لكن الحقيقة هي أن السعوديين لطالما استخدموا قوة النفط كأداة للضغط والردع ولتحقيق أهدافهم السياسية في الولايات المتحدة الامريكية.
تمكن السعوديون، على الأقل منذ رئاسة "جيمي كارتر" و"دونالد ريغان" ، من لعب دور مهم في الصراع السياسي الداخلي الأمريكي، من خلال استخدام أموالهم العامة، والآن يعتقدون أنه يجب عليهم الاستفادة من هذه القدرة في انتخابات الـ 2020.
ثانيًا، يمكن للنظام السعودي في هذه المرحلة كسب المزيد من الامتيازات من مرشحي الحزبين من خلال إعطاء الإشارات الصحيحة للديمقراطيين الذين يملكون فرصة جيدة في الفوز في الانتخابات خاصة مع زيادة تزلزل موقف ترامب في الفوز، وهذا أمر لا يخفى عن ترامب.
وخاصةً ان السعوديين يشعرون أنه من خلال الضغط على ترامب لاتخاذ إجراءات من شأنها تغيير المعادلات الأمنية في المنطقة لصالح السعودية، يمكنهم أخذ ضمانات مبكرة بأن الرئيس الأمريكي القادم سيتماشى مع أهدافهم الإقليمية.
ثالثًا، عندما ننظر إلى أسباب نشر منظومات باتريوت في السعودية، فإننا لا نرى أي سبب لسحب هذه الأنظمة، حيث أدى الهجوم على منشآت أرامكو النفطية في السعودية في 14 سبتمبر إلى إرسال الولايات المتحدة الامريكية أنظمة دفاع جوي ومعدات أخرى إلى السعودية، والسؤال الآن هو ما إذا كان احتمال الهجوم على هذه المنشآت قد انخفض بالنسبة للبيت الأبيض؟
الجواب لا، لأن ترامب والملك سلمان، أكدا في المكالمة الهاتفية الأخيرة بينهم على الحاجة الى "الشراكة الدفاعية القوية بينهم"، أو استئناف عقود المشتريات العسكرية واسعة النطاق، بالإضافة إلى بحثهما حول أسواق النفط العالمية.
وبعبارة أخرى، على الرغم من أن وسائل الاعلام قامت بالتركيز على هذين المحورين أصبح أكثر من المحاور الأخرى، لكن الواقع هو أن الدور الحصري للجمهورية الإسلامية الإيرانية لا يزال له تأثير كبير على التطورات بين هذين البلدين.
وبتعبير أدق، يؤكد مايك بومبيو، من ناحية، على أن "انسحاب جزء من القوات الأمريكية من السعودية لا يعني انتهاء التهديد الإيراني"، وزعم بريان هوك (الممثل الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية في شؤون إيران)، ان "التزام الولايات المتحدة الامريكية بضمان أمن حلفائها في الخليج الفارسي لا يزال قائماً"، ولكن من ناحية أخرى، فإنه يذكر عن غير قصد قوة وقدرة ايران الإقليمية مقابل آل سعود.
ففي الواقع، تدعي الولايات المتحدة الامريكية، من ناحية، أنها "ستقف إلى جانب شركائها وحلفائها في المنطقة وستفعل كل ما في وسعها لحماية مصالحها"، لكنها من ناحية أخرى، تؤكد عن طيب خاطر أو عن غير قصد، على قدرة ايران بقولها "سحب منظومة باتريوت لا يعني أن إيران لم تعد تشكل تهديدًا".
ونتيجة لذلك، فُرضت القوة الرادعة للجمهورية الإسلامية الايرانية اليوم، ليس فقط على المعادلات والتطورات الإقليمية، ولكن أيضا على التنافسات الحزبية والانتخابية في الولايات المتحدة الامريكية.
/انتهى/