تقرير تسنيم: "الأغلبية السياسية" أم "الكتلة "الوطنية".. هل ترى الحكومة العراقية النور قريباً؟
خاص/ تسنيم- أعلنت المفوضة العليا للانتخابات العراقية النتائج الأولية، والتي كشفت عن تصدر كتلة سائرون ثم الفتح فائتلاف دولة القانون ثم النصر، ثم الحكمة.
بقلم سنان حسن:
يبدو أن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة مازال بعيد المنال في ظل التجاذبات والشروط والشروط المضادة لقادة الكتل النيابية، فعلى الرغم من مرور قرابة ثلاثة أشهر على الانتخابات التي جرت في 12/ 5/ 2018، إلا أن النتائج النهائية لم تصدر بعد، لعدم انتهاء الفرز اليدوي الذي أقره البرلمان المنتهية ولايته وصادقت عليه المحكمة الاتحادية، وهذا يعني أن أحجام الكتل بشكل نهائي لم تحدد، ما سيصعب من مهمة تشكيل الكتلة "الوطنية الكبرى" التي يمكنها من تسمية رئيس الحكومة.
ضبابية حاكمة
وعلى الرغم من ذلك فقد باشرت القوى العراقية اتصالاتها ومشاوراتها لتشكيل الكتلة "الوطنية الكبرى"، حيث تصدرت كتلة "سائرون" التي شكلها التيار الصدري مع قوى يسارية المشهد، وبات جميع الكتل يخطب ودّها ليكون في عداد الكتلة الأكبر، ولكن لغاية اللحظة لم يتم الإعلان رسمياً عن تحالف واضح بين "سائرون"، وأي كتلة أخرى باستثناء التفاهم المعلن مع "تيار الحكمة" بقيادة الحكيم، حتى أن الاتفاق الثلاثي بين الحكيم والصدر وعلاوي في السابع من حزيران، عاود علاوي نفيه إجراء أي تحالف، فيما تقول مصادر عراقية أن هناك مساعي من قوى شيعية وسنية وكردية لتشكيل كتلة "أغلبية سياسية" وهي قريباً ستبصر النور، وستسمي رئيس الوزراء.
تأخر غير مفهوم
في الثلاثين من شهر حزيران أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أن عملية العد والفرز اليدوي لأصوات الانتخابات التشريعية الأخيرة ستبدأ اعتبارا من يوم الثلاثاء الثالث من تموز ولكن لغاية اليوم لم تعلن المفوضية العليا التي تم تغييرها من قبل المحكمة الدستورية أي نتيجة باستثناء إلغاء نتائج بعض الأقلام الانتخابية في كركوك ومحطة الأردن، في حين تعرضت مستودعات المفوضية في بغداد "الرصافة" إلى الحرق وكذلك مستودعات كركوك، ما أدخل القوى السياسية في حالة من التراشق والاتهامات من يقف وراء التأخير ولمصلحة من؟.
تأخير فسرته بعض القوى العراقية بأنه محاولة لاستجلاب التدخل الدولي، ولاسيما وأن المتربصين كثر وينتظرون اللحظة المناسبة، أنه "بدون وجودنا لن تبصر الحكومة العراقية الجديدة النور"، و"تدخلات سفير التحالف الأمريكي ماكفورك" مثال.
مظاهرات شعبية
في مقابل كل الحراك السياسي، برزت وبشكل مباغت للقوى السياسية العراقية، المطالب الشعبية التي حملت المواطنين العراقيين في المدن العراقية للخروج بالتظاهرات مطالبين الحكومة المنتهية ولايتها، تأمين الحاجات الرئيسية من ماء وكهرباء وقود، حيث أدى الزخم الكبير للتظاهرات في مدن البصرة والنجف وميسان، وكربلاء إلى تعطل عجلة تشكيل الحكومة، حيث أعلن التيار الصدري عبر زعيمه السيد مقتدى الصدر: "أن عملية تشكيل الحكومة متوقفة لحين تلبية مطالب المتظاهرين"، دعوة لاقت قبولاً متفاوتاً بين الكتل السياسية العراقية التي وجدت في التأخر في تلبية مطالب المتظاهرين أيضاً فرصة لإفساح المجال أمام العنصر الخارجي للتدخل في الشؤون الداخلية العراقية، واستخدام المتظاهرين مطية لتنفيذ أجندات عجزت عن تمريرها من خلال الإرهاب التكفيري الذي ضرب العراق منذ عام 2014 قبل أن يتمكن الجيش الحشد الشعبي والقوى الأمنية العراقية من دحره.
تدخل المرجعية
في خضم كل هذه الأحداث تدخلت المرجعية الدينية الممثلة بممثل السيد علي السيستاني، بخطاب حددت فيه للقوى السياسية ما يجب عليها أن تقوم بها خلال الفترة القادمة، ومحذرة الزعماء السياسيين والحكومة ومجلس النواب، من خيار غير مسبوق وهو "تفويض الشعب لفرض إراداته"، ومعلنة أربعة محددات لأي حكومة قادمة ولاسيما لشخص رئيس الحكومة، الأمر الذي فهم في بعض الأوساط السياسية العراقية بأنه عدم رضا من المرجعية على أداء رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي لحل مشكلة المتظاهرين المطالبين بحقوقهم التي كفلها القانون والدستور العراقي.
ورأت قوى أخرى أن كلام المرجعية يعبر عن نبض الشارع ويتماشى مع مطالب المتظاهرين، معلنة تأييدها لكل هذه الشروط التي أطلقتها، في حين كان هناك رأي أخر لم يقبل بالدعوات التي أطلقتها المرجعية، مطالبة بأن تتولى القوى المنتخبة للوصول الى آلية التغيير المنشود.
شروط وشروط مضادة
وفي خطوة مفاجئة أعلن زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، شروطاً جديدة لدخول في أي تحالف جديد مع كتلة سائرون، مطالباً عدم إشراك أي من الوجوه القديمة في المناصب، وتشكيل لجنة عليا بإشراف القضاء لمحاسبة من تدور حولهم شبهات فساد، مستبعداً أن يكون رئيس الوزراء الجديد عضواً في البرلمان، ما يعني أن كل المرشحين الحاليين لرئاسة الحكومة بما فيهم السيد حيدر العبادي، تم استبعاده من المشهد، ممهداً الطريق أمام شخصية جديدة من خارج السياق السياسي المعروف، وهو ما كان ينادي به دائماً "حكومة تكنوقراط" أو "كفاءات" تستطيع النهوض بالعراق من جديد.
ولكن السؤال المطروح هل يوجد في العراق ما بعد خروج الاحتلال الأمريكي، عراقيين بدون انتماء سياسي وتحزب لفريق معين.
أخيراً
أمام كل هذا المشهد العراقي المعقد يبدو أن تشكيل الحكومة العتيدة بعيد المنال حالياً، في ظل تنافس سياسي غير مسبوق للفوز بالحصص الكبرى بالحكومة، والأهم غياب المشروع الوطني الجامع الذي يؤكد على وحدة العراق وسلامة أراضيه وعدم جره إلى أحلاف وتشكيلات بعيدة عن واقعه وتاريخه السياسي والمجتمعي.
فهل تنجح القوى العراقية على اختلاف انتماءاتها في تغليب مصلحة العراق على مصالحهم الشخصية الضيقة ونرى حكومة جديدة، أم يستمر التعطيل والفوضى وربما عودة التدخل الأجنبي من جديد؟.
/انتهى/