الشاهر لـ"تسنيم": مشاركة المرأة في المجالس المحلية بوابة لمشاركة أوسع في الحياة السياسية
ضمن حزمة الإصلاحات التي أعلنت عنها الحكومة السورية في بدايات الأزمة صدر قانون جديد للإدارة المحلية بالمرسوم 107 لعام 2011.
وتشهد سورية خلال الشهر المقبل انتخابات إدارة محلية "مجالس بلدية-مجالس مدن-مجالس محافظات"، وتعد مشاركة المرأة السورية وفق القانون الجديد للإدارة المحلية محط متابعة واهتمام على أعلى المستويات، ولكن هل نجحت تجربة المرأة السورية في الانتخابات المحلية كما حصل في الانتخابات البرلمانية؟
وكالة تسنيم الدولية للأنباء حاورت الدكتور شاهر إسماعيل الشاهر مدير المركز الوطني للبحوث والدراسات بدمشق، حول هذا الموضوع، فقال: صدر قانون الإدارة المحلية عام 1971، واستهدف هذا القانون "تركيز المسؤولية في أيدي فئات الشعب المنتخبة لتمارس بنفسها مهام القيادة، مما يتطلب تحقيق أوسع المجالات لتطبيق مبدأ الديمقراطية الشعبية الذي يجعل الأمر كله نابعاً من إرادة الشعب ويؤمن رقابته الدائمة على حسن التنفيذ وإسهامه الفاعل في تحقيق المجتمع العربي الاشتراكي الموحد".
قانون عصري
ومع بداية الأحداث في سورية تم إقرار قانون جديد معدل عصري برقم /107/ لعام 2011، حيث اعتمد القانون مبدأ اللامركزية بشكل واسع وفرق بين مسؤوليات السلطات المركزية ومسؤوليات السلطات المحلية، فالسلطات المركزية مهمتها التخطيط والتشريع والتنسيق والرقابة والمتابعة والتدريب والتأهيل وتنفيذ المشروعات الكبرى وإدخال التقنيات الحديثة، وحرص هذا القانون على تحقيق مبدأ جماعية القيادة وتخويل المجالس سلطة إصدار القرارات في كل ما يتعلق بالشؤون المحلية.
وأضاف أن القانون الجديد يهدف إلى خلق وحدات إدارية قادرة على عمليات التخطيط والتنفيذ، ووضع الاستراتيجيات التنموية الخاصة بالمجتمع المحلي، وتنفيذ المشاريع الخاصة بها بكفاءة وفعالية من خلال تعديل مستويات الوحدات الإدارية وتعزيز اللامركزية عبر توسيع، وتوضيح صلاحيات رؤساء مجالس الوحدات الإدارية المنتخبين والمجالس المحلية وإلزامها بتأدية اختصاصاتها ومهامها التي تؤدي إلى تطوير الوحدة الإدارية اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعمرانياً بما يتماشى مع التنمية المستدامة والمتوازنة.
كما يعمل القانون على تعديل الهيكلية والبنية المؤسساتية للوحدات الإدارية عبر إضافة عدد من الوظائف النوعية كأمين عام محافظة ومدير عام للوحدة الإدارية على أن يتمتع شاغلها بكفاءة وخبرة إدارية وفنية لضمان حسن سير العمل واستمراريته وعدم حدوث فراغ بين دورة انتخابية وأخرى وتعزيز الإيرادات المالية للوحدات الإدارية من خلال تأمين الموارد المالية والانتقال من الدور الخدمي إلى الدور التنموي. ويعزز القانون مبدأ التعاون المشترك بين الوحدات الإدارية بما يحقق التكامل بين الدور الخدمي والتنموي لها عبر إحداث إدارات مشتركة مؤقتة وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين من خلال دور اقتصادي وتنموي وخدمي فاعل وخلق فرص عمل وتنفيذ المشروعات الكبرى التي تعجز عن تنفيذها الوحدات الإدارية.
اختلاف كلي
إن هذا القانون يختلف جذرياً عن القانون المعمول به سابقاً كونه يركز على الدور التنموي أكثر من الخدمي وذلك تعزيزاً لمبدأ اللامركزية من خلال مسؤولية العمل بين طرفي العلاقة وهم أصحاب المسؤولية من جهة والمواطن من جهة أخرى. كما يضع الرقابة الموجودة في القانون النافذ حالياً من الأعلى إلى الأدنى على أكثر من مستوى وبصلاحيات أوسع وأسهل من خلال إحداث مجلس للمحاسبة تكون مهمته متابعة وتفسير أسباب التقصير في إنجاز أي مشروع وتحديد المسؤول عن ذلك".
المرأة والمشاركة في الإدارة المحلية:
وبين الدكتور الشاهر أن المرأة السورية حققت الكثير من النجاحات، ووصلت إلى موقع رفيع من مواقع صنع القرار، لكن ما نستخلصه من عرض مؤشرات تمكين المرأة السورية، وإذا كانت مشاركة المرأة في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية هي الصورة الأعلى لتمتع المرأة بمواطنتها وممارسة حقوقها وواجباتها، فإن المشاركة الفعلية للمرأة في صنع القرار في سورية تتسع دائرتها لتشمل كل حلقة من الحلقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في بنى الدولة ومؤسسات التنظيمية والاجتماعية، وهذا ما سوف يتبين في تنامي أعداد الإناث في المواقع القيادية والإدارية في جميع مجالات العمل والحياة.
ضعف التمثيل
ومع توفر الدعم والمناخ السياسي الملائم، أقبلت المرأة السورية على دخول مجالس الإدارة المحلية، وكانت السيدة نوال أديب أول امرأة تصل إلى منصب نائب المحافظ في محافظة اللاذقية عام 1976. كما أصبحت المرأة رئيساً للبلدية في عدد من البلدات والقرى.
ونلاحظ ضعف في نسبة تمثيل المرأة في مجالس الإدارة المحلية المختلفة ونستنتج هذا الأمر من خلال مراجعة الأرقام في العديد من الدورات الانتخابية. حيث يوضح الجدول التالي نسبة مشاركة المرأة في مجالس الإدارة المحلية:
الدورة | عدد الأعضاء | عدد النساء | نسبة مشاركة النساء |
الدورة الأولى 1972 | 644 عضواً | 17 إمرأة | 2% |
الدورة الثانية 1976 | 711 عضوأ | 26 امرأة | 3% |
الدورة الثالثة 1983 | 4297 عضوأ | 113 امرأة | 2% |
الدورة الرابعة 1987 | 4788 عضوأ | 149 امرأة | 3% |
الدورة الخامسة 1991 | 5106 عضوأ | 164 امرأة | 3% |
الدورة السادسة 1995 | 5452 عضوأ | 209 امرأة | 3% |
الدورة السابعة 1999 | 7746 عضوأ | 279 امرأة | 3% |
الدورة الثامنة2003 | 8552 عضوأ | 294 امرأة | 3% |
الدورة التاسعة 2007 | 9696 عضوأ | 381 امرأة | 4% |
الدورة العاشرة 2011 | 17588 عضوأ | 459 امرأة | 3% |
هذه النسبة الضئيلة من تواجد المرأة في المجالس المحلية وثبات نسبة هذا التمثيل على 3% لعدة دورات متتالية يدفعنا إلى التفكير ملياً بكيفية ضمان تواجد معقول لها في هذه المجالس في ظل القيود والمعوقات القائمة؟ وأيضاً في ظل اعتماد مبدأ الانتخابات الحرة -أي دون وجود قوائم الجبهة الوطنية التقدمية، والتفكير بفكرة الكوتا النسائية Quota.
وهو يعني منح القطاع النسائي حصة أو نسبة من المقاعد في الهيئات والمجالس المُنتخبة، الأمر الذي يساعد على إيصال المرأة لتلك المجالس ومناقشة قضايا المرأة وإشراكها في عملية البناء والتنمية.
تدخل إيجابي
صحيح أن المبدأ العام للترشيح يفترض حرية الترشيح والمساواة في الترشيح، أي يجب ألا يتضمن القانون نوعاً من التمييز بين المرشحين. بيد أن عدداً من الدول تأخذ بما يسمى بالتمييز الإيجابي، حيث أن دساتيرها أو قوانين الانتخابات فيها تحفظ حصة Quota معينة من المقاعد في البرلمان لبعض الفئات (الهشة) التي تكون حظوظ نجاحها في الانتخاب ضئيلة جداً إذا لم تقرر لها هذه الحصة: ففي بعض الدول، وخصوصاً منها الاسكندنافية، تحفظ حصة من المقاعد في برلماناتها للنساء تصل إلى حد 50%، وفي سورية أيضاً فقد حفظت، كما سنرى لاحقاً، حصة كحد أدنى من مقاعد مجلس الشعب للعمال والفلاحين. ويشهد العالم تصاعداً في تأييده لكوتا النساء, كمدخل لتذليل العقبات أمام المرأة في وصولها لعضوية هذه المجالس ولو لفترة مؤقتة حتى يصبح وجود المرأة فيها أمراً واقعاً.
إن اعتماد مبدأ الكوتا يساعد المرأة في تنافسها مع الرجال في ظروف غالباً هي غير متوازنة، حيث يملك الرجل عوامل النفوذ المادي والسياسي والاجتماعي الذي تفتقر إليه المرأة. لذلك ولتحقيق المشاركة الفعالة للمرأة في هذه المجالس يجب تخصيص 20% على الأقل من مقاعد المجالس المحلية المختلفة لصالح المرأة، وتتم زيادتها تدريجياً في كل دورة حتى تصل إلى 50 %، واستمرار اعتماد هذا التدخل الإيجابي إلى وقت تصل فيه المرأة إلى المنافسة الحرة وعلى قدم المساواة مع الرجل.
فوائد الكوتا
وأوضح أن "الكوتا النسائية" تعزز ثقة أعضاء المجالس المحلية من النساء بأنفسهنّ بما يمكن من تطوير مشاركة أوسع للنساء في صنع القرار المحلي، وتعزز ثقة نساء المجتمع بأنفسهن، من خلال رؤية نماذج نسائية ناجحة في إدارة الحكم المحلي وتحفيزهنّ على تطوير أنفسهن وامتلاك الكفاءة والخبرة التي تساعدهنّ على الوصول إلى مراكز القرار المحلي، وتساهم أيضاً في خلق اعتياد لدى المجتمع على وجود المرأة في مراكز صنع القرار المحلي.
فمشاركة المرأة في المجالس المحلية هي بوابة لها لمشاركة أوسع في الحياة السياسية بشكل عام.
عيوب الكوتا
ومع وجود فوائد للكوتا فإن لها عيوب كما يرى الدكتور الشاهر منها أنها تقدم في بعض المناطق قيادات نسائية غير مؤهلة، بالإضافة إلى أن القانون لم يمنع ترشيح النساء مهما كانت نسبتهم.
ونطمح أن تؤمن الظروف والاحتياجات في المجتمع القدرة على تمكين المرأة أكثر للوصول إلى مواقع صنع القرار، وأن يكون التقييم على أساس الكفاءة والقدرة لا على أساس الجنس، وذلك بالتخلص من بعض الأعراف والتقاليد القديمة التي تحصر دور المرأة بالأدوار النمطية القديمة. وعلى المجالس المحلية أن تقوم بتأهيل قيادات نسائية ومساعدتها على اكتساب الخبرات وتحفيزها على المشاركة في صنع القرار المحلي إما من خلال التصويت أو من خلال المشاركة بالترشح لعضوية المجالس المحلية. كما على الاحزاب والمنظمات الشعبية ووسائل الاعلام دعم ترشح المرأة لهذه الانتخابات.
/انتهى/