الربط السككي البصرة-شلامجة؛ خطوة كبيرة في العلاقات الاقتصادية بين إيران والعراق
قال خبير في مجال النقل السككي عن الفرص الاقتصادية التي نشأت عن الربط السككي بين إيران والعراق: إن الربط السككي بين إيران والعراق، وخاصة عبر طريق البصرة-شلامجة، له فوائد كبيرة من حيث الركاب والتجارة.
فالنقل السككي لا يقلل فقط من تكلفة نقل الركاب والبضائع، بل يعزز أيضاً مكانة إيران والعراق في الممرات السككية الإقليمية والدولية، ويسهل تطوير سلاسل اقتصادية وإنتاجية.
أحد أهم مشاريع السكك الحديدية في إيران في السنوات الأخيرة هو خط سكة حديد البصرة-شلامجة، والذي سيحدث إنشاؤه تحولاً كبيراً في السياحة والتجارة بين إيران والعراق. في 9 أيلول 2025 ميلادي، وفي ذكرى المولد النبوي الشريف وأسبوع الوحدة، عُقد اجتماع مشترك حول موضوع "دور البنى التحتية للاتصالات في خلق الوحدة بين الدول الإسلامية" بحضور خبراء النقل والسكك الحديدية من إيران والعراق، مع التركيز على دراسة تأثير خط سكة حديد البصرة-شلامجة.
وتناول الاجتماع دراسة تأثير خط سكة حديد البصرة-شلامجة على تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية بين إيران والعراق. وقال المهندس مرتضي ناصريان، الخبير المخضرم في مجال النقل السككي، عن تاريخ بدء مشروع خط سكة الحديد: "إن الاتفاقية الأولية بين إيران والعراق لإنشاء هذا المشروع من خرمشهر في إيران إلى البصرة في العراق، تمت قبل حوالي عقدين من الزمن، كما تم إجراء الدراسات الفنية والمالية في ذلك الوقت، وكنت مسؤولاً أيضاً عن التحكم في الدراسات. تم الانتهاء من الجزء الموجود داخل إيران قبل حوالي خمسة عشر عاماً، وتمت متابعة إنشاء خط سكة حديد البصرة-شلامجة في مفاوضات بين مسؤولي البلدين، ولكن منذ ذلك الوقت لم يتم تشغيل هذا المشروع لأسباب مختلفة."
وأوضح المهندس ناصريان بخصوص أهمية خط سكة الحديد البصرة-شلامجة قائلاً: "مما لا شك فيه أن لتطوير النقل بالسكك الحديدية دوراً حاسماً في النمو الاقتصادي. وبالنسبة لإيران والعراق اللتين تربطهما روابط اقتصادية واجتماعية وشعبية عميقة، تكتسب هذه المسألة أهمية مضاعفة. على سبيل المثال، حجم الصادرات والواردات الإيرانية مع أوروبا أقل من 10٪ من التبادلات الإيرانية مع العراق. كذلك، يسافر سنوياً ما بين 5 إلى 7 ملايين مسافر بين البلدين، وهذا الحجم من التنقل عبر طرق غير السكك الحديدية يتسبب بمتاعب للمسافرين ويفرض تكاليف باهظة على الدولة".
نقل الزائرين بالقطار إلى كربلاء
وأشار إلى الفرص الاقتصادية التي نشأت بعد إكمال خط السكة الحديدية البصرة-شلامجة، وأضاف: "إن ربط خطوط السكك الحديدية بين البلدين له مزايا كبيرة على الصعيدين السفر والتجارة. فالنقل بالسكك الحديدية لا يقلل فقط من تكلفة نقل الركاب والبضائع، بل يعزز أيضاً مكانة إيران والعراق في الممرات الإقليمية والدولية للسكك الحديدية، ويسهل تطوير سلاسل اقتصادية وإنتاجية. كما أن تطوير هذه الشبكة يوفر فرصاً قيّمة مثل إنشاء المدن الصناعية ومراكز تجارية جديدة على طول خطوط السكك الحديدية".
وأضاف، في إشارة إلى استعداد إيران وقدرتها على مساعدة قطاع السكك الحديدية العراقي: "إيران مستعدة للعب دور فعال في تطوير السكك الحديدية في العراق. على مدى العقود الثلاثة الماضية، تم إنشاء أكثر من 10 آلاف كيلومتر من خطوط السكك الحديدية و 200 كيلومتر من خطوط المترو في إيران، وقد تم تنفيذ جميع أعمال التصميم والتنفيذ من قبل مهندسين إيرانيين. بالإضافة إلى ذلك، توجد كليتان متخصصتان في هندسة السكك الحديدية في البلاد يمكنهما توفير قدرة علمية كبيرة للجانب العراقي.
كما تنشط المئات من الشركات الإيرانية الخاصة في مجال بناء وتطوير السكك الحديدية، وقد حققت بلادنا اليوم الاكتفاء الذاتي في مجال إنتاج مواد السكك الحديدية ومعدات الإشارات الكهربائية وعربات الشحن والركاب، ولديها أيضاً خبرة في إنتاج القاطرات. في ظل هذه القدرات، هناك أمل كبير في التعاون الثنائي".
الخريطة الشاملة للسكك الحديدية في إيران
وأشار ناصريان إلى بعض الادعاءات حول التأثير السلبي لمشروع خط السكة الحديدية البصرة-شلامجة على ميناء الفاو، قائلاً: "في الفترات التي كانت فيها قدرة الموانئ العراقية محدودة، طُرحت فكرة استخدام العراق للموانئ الإيرانية. في الوقت الحاضر، زادت قدرة السكك الحديدية والموانئ في العراق بشكل ملحوظ، كما أن خطط التطوير مدرجة أيضاً على جدول أعمال هذا البلد؛ لذلك، لا يحتاج العراق إلى استخدام الموانئ الإيرانية لصادراته ووارداته مع الدول الأخرى، ويمكنه الاستفادة من قدراته الحدودية والموانئ. في رأيي، لن يتم استخدام خط السكة الحديدية البصرة-شلامجة كطريق لتصدير سلع دول أخرى إلى العراق، لأنه بطبيعة الحال، يفضل صاحب البضاعة دائماً الطريق الأسهل والاقتصادية أكثر".
ميناء الفاو
وأضاف: "حتى في حالة نقل البضائع بين إيران والعراق، فإن هذا التبادل التجاري لا علاقة له بالموانئ العراقية ولا يمر عبرها. لذلك، فإن الادعاء بأنّ مشروع البصرة-شلامجة يشكل تهديداً لميناء الفاو هو ادعاء غير واقعي ومن نسج الخيال. في دراساتنا، لم يكن هناك أي سيناريو يهدف إلى استبدال هذا الطريق بالموانئ العراقية. بالإضافة إلى ذلك، فإن العدد الكبير من المسافرين بين إيران والعراق، والذي يصل إلى عدة ملايين سنوياً، يدل على أن هذا الطريق غير مناسب أساساً ليحل محل الموانئ العراقية، وينصب تركيزه بشكل أكبر على نقل الركاب."
في الختام، أشار ناصريان إلى أهمية هذا الخط الحديدي في تسهيل نقل الركاب قائلاً: "الهدف الرئيسي من إنشاء هذا الخط الحديدي هو رفاهية المسافرين، ولكن يمكن أيضاً الاستفادة من القدرة الفائضة للخطوط الحديدية في نقل البضائع.
وجدير بالذكر أن تشغيل الخطوط الحديدية لنقل البضائع هو قرار سياسي أكثر من كونه مسألة فنية، ويخضع لإرادة المسؤولين وسياسات حكومتي الطرفين. وبالنظر إلى الخصائص الجغرافية، ففي حال التركيز على نقل البضائع، فإن المسار الحديدي البصرة-شلامجة له نطاق نفوذ محدود، وهو مناسب بشكل أساسي لنقل البضائع في المناطق الجنوبية من إيران والعراق. فعلى سبيل المثال، نقل البضائع من طهران إلى بغداد عبر هذا المسار ليس اقتصادياً ومجدياً، وفي مثل هذه الحالات، يكون الطريق البري هو الأفضل".
زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى طهران
على الرغم من مرور عقدين من الزمن على بدء مشروع خط السكة الحديدية البصرة-شلامجة، إلا أنّ إنجاز هذا المشروع لم يتحقق بعد بسبب وجود عقبات فنية وسياسية مثل الادعاء بتعارض خط السكة الحديدية البصرة-شلامجة مع تطوير ميناء الفاو.
ووفقاً للاتفاقات التي تم التوصل إليها بين الطرفين والتي تزامنت مع وضع حجر الأساس للمشروع في 2 أيلول 2023، كان من المقرر أن يتم تشغيل هذا المشروع خلال 18 شهراً، ونأمل أن يستفيد شعب كلا البلدين من هذا المشروع في أقرب وقت ممكن.
/انتهى/