ولايتي: خطوة علييف المناهضة للإسلام ستضرّ بأذربيجان


ولایتی: خطوة علییف المناهضة للإسلام ستضرّ بأذربیجان

اعتبر علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية لقائد الثورة الإسلامية في إيران، أن استضافة جمهورية أذربيجان لمؤتمر الحاخامات الصهاينة خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل "خطوة مستفزة ومؤسفة"، مؤكّدًا أنّها تتعارض مع هوية البلاد الإسلامية، وستنعكس سلبًا على باكو نفسها.

وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن ولايتي تناول في مقال له مسألة عقد مؤتمر للحاخامات الصهاينة في جمهورية أذربيجان خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، موجّهًا انتقادات شديدة لهذا الإجراء الأذربيجاني.

إن خبر انعقاد مؤتمر الحاخامات الصهاينة في بلد مسلم شيعي يثير الكثير من الدهشة والأسف، وأتمنى أن يكون هذا الخبر غير صحيح. فهذه هي المرة الأولى التي تُقدِم فيها حكومة أذربيجان على مثل هذا الخرق، وهو عمل مناهض للإسلام ومسيء لسمعة الشيعة في العالم. لا شك أن شعب أذربيجان، الذي اعتنق الإسلام منذ ما يقارب 1200 عام وقدم تضحيات جسامًا في سبيله، لن يكون راضيًا عن ذلك. ويبدو أن الهدف من هذا المؤتمر هو توسيع نطاق "اتفاق إبراهام" وضمّ أذربيجان إليه، إلى جانب دول إسلامية أخرى في آسيا الوسطى.

غير أن ما يجب التذكير به أنّ شعوب تلك المنطقة ظلّت على مدى قرون من الموالين لأهل البيت عليهم السلام وللإمام علي عليه السلام. فعلى سبيل المثال، الشاعر الكبير والحكيم البارز نظامي الكنجوي، ابن مدينة كنجـة الذي عاش في القرن السادس الهجري، يقول في أبيات من شعره:

بعد معرفة الخالق الأزلي نبيًّا أعرف،

ثم عليًّا وآل عليّ.

إن الله هو من يعجز الفكر عن إدراك كُنهه،

قد تجاوز حدود الممكن.

والنبي من تعلّم في مدارس التحقيق،

مكتمل الكتاب بعيد عن الجدل العقيم.

وعليّ هو من يذيب حسّادَه بلمعان سيفه،

ويقيم البرهان على مكانة أبي تراب علي.

كما أن شعوب هذه المنطقة، وأذربيجان والقوقاز عمومًا، دافعت طويلاً عن الإسلام في مواجهة البيزنطيين والروس القياصرة. ففي عهد ألب أرسلان السلجوقي سنة 463 هـ (1071م) هزموا البيزنطيين في معركة ملاذكرد، وأدخلوا معظم آسيا الصغرى في الإسلام. وبعدها، وفي عهد ملكشاه السلجوقي الذي كانت عاصمته أصفهان، امتد نفوذ المسلمين حتى مدينة حلب. وفي عصر الدولة الصفوية، وقف أهل أذربيجان وآران في وجه هجمات العثمانيين وحافظوا على المنطقة.

وفي زمن فتحعلي شاه القاجاري، غزا القيصر الروسي ألكسندر الأول المنطقة بين عامي 1804 و1813. وقد قاتل شعب أذربيجان الروس بشجاعة، غير أن إيران، رغم تضحيات عباس ميرزا، مُنيت بالهزيمة واضطرت لتوقيع معاهدة "كلستان". ثم بين عامي 1813 و1826 لجأ أهالي المنطقة إلى علماء إيران والنجف، وطلبوا منهم إنقاذهم من حكم الكفار. فذهب كبار العلماء وعلى رأسهم الشيخ كاشف الغطاء إلى فتحعلي شاه وطالبوه بتحرير تلك المناطق سريعًا.

وقد وقّع نحو 143 مرجعًا وعالمًا شيعيًا فتوى جهادية لحثّ الناس على مقاومة الروس. وفي عام 1826، حمل كبار العلماء السلاح بأنفسهم، ومن بينهم السيد محمد طباطبائي الأصفهاني ابن صاحب "الرياض"، والملا أحمد النراقي صاحب "معراج السعادة"، والملا مهدي النراقي، إضافة إلى جمع غفير من العلماء. تقدم هؤلاء الصفوف مع عامة الناس للقتال ضد الروس في القوقاز، واستطاع جيش عباس ميرزا بفضل تعبئة الشعب أن يستعيد مدينة تفليس.

في ذلك الوقت كان القائد الروسي سيزيانوف، الذي قُتل على يد حسينقلي خان، حاكم باكو. وبعدها أرسل القيصر الروسي الجنرال باسكفيتش لقيادة الحرب. لكن عباس ميرزا، بسبب تقاعس فتحعلي شاه عن إرسال الدعم، مُني بالهزيمة، واضطرت إيران إلى توقيع معاهدة تركمانجاي سنة 1828. ومع ذلك، لم يستسلم أهل القوقاز، بل قاد الشيخ شامل الداغستاني، العالم والمتصوف الكبير، حربًا عصابية ضد الروس، واستمر نجله من بعده في القتال حتى عام 1892، أي ما يقارب 64 عامًا من المقاومة. وهكذا، فإن الشعب الوحيد الذي بقي متمسكًا بالإسلام بعد انفصاله عن إيران واحتلاله من قبل الروس، وسعى باستمرار للعودة إليها مستعينًا بالعلماء، هم شعب أذربيجان.

ومن رموزهم أيضًا آية الله السيد حسين بادكوبه‌اي، أحد علماء باكو البارزين في النجف، الذي تتلمذ على يديه كبار العلماء مثل العلامة الطباطبائي، وآية الله محمد حسن الهي طباطبائي، وآية الله بهجت، وآية الله خويي، وآية الله محمد تقي عاملي. كما برز التاجر الشيعي الكبير الحاج محمد نخجواني الذي أوقف مكتبة ضخمة في تبريز وأسهم في تأسيس المكتبة الوطنية في إيران، حيث جمع فيها أمهات كتب تاريخ التشيع. وكذلك الحاج حسين ملك، ابن ملك التجار في تبريز، الذي أسس مكتبة كبرى ووقفها مع كثير من أمواله للعتبة الرضوية. وهذه النماذج، وغيرها كثير، تعكس مدى ارتباط أهل أذربيجان بالإيرانيين وعشقهم لأهل البيت عليهم السلام.

إن هذا التاريخ المشرق لشعوب القوقاز يثبت أنهم كانوا عبر القرون مسلمين موالين لأهل البيت عليهم السلام، ولم يخضعوا أبدًا لسلطة الكفار. ومن هنا يطرح السؤال: لماذا تُقدِم حكومة أذربيجان اليوم على مثل هذه الخطوات لتعزيز علاقاتها مع الكيان الصهيوني، في ذروة الجرائم غير المسبوقة لهذا الكيان ضد الإسلام والإنسانية؟ وكيف يمكن أن تمد له يد العون، فتزوّده بالوقود لطائراته التي تهاجم بلدانًا أخرى، بينما يرتكب المجازر بحق الأبرياء في غزة؟

إن الشعب الأذربيجاني، وشعوب آران والقوقاز الشرفاء، لن يقبلوا بمثل هذه الخطوات المناهضة للإسلام ولعقيدتهم الراسخة في التمسك بأهل البيت عليهم السلام والتشيع. وإن هذه السياسة غير المنطقية، المعادية للإسلام وللقيم الإنسانية، لن تجلب في النهاية إلا الضرر على أذربيجان، ولن تصل إلى أية نتيجة.

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار ايران
أهم الأخبار ايران
عناوين مختارة