ولايتي: شنغهاي ستلعب الدور الأول في رسم مصير العالم مستقبلاً / ترامب يتصرف كهيتلر


ولایتی: شنغهای ستلعب الدور الأول فی رسم مصیر العالم مستقبلاً / ترامب یتصرف کهیتلر

اعتبر علي أكبر ولايتي، مستشار قائد الثورة الإسلامية في الشؤون الدولية، القمة الأخيرة لمنظمة شنغهاي للتعاون من أهم الاجتماعات في تاريخ العالم، مؤكداً أنّ هذه المنظمة ستؤدي مستقبلاً الدور الأول في تحديد مصير العالم.

وفي تصريح لوكالة تسنيم الدولية للأنباء، أجاب ولايتي عن سؤال حول انعكاسات قمة شنغهاي التي استضافتها الصين، قائلاً: إن القمة الخامسة والعشرين للمنظمة عُقدت في 31 أغسطس في مدينة تيانجين الصينية، بمشاركة أكثر من 20 زعيماً من دول غير غربية إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة.

وأضاف أنّ هذه القمة هي الأكبر والأهم مقارنة بالقمم السابقة، والتقديرات الأولية للمحللين السياسيين تشير إلى أنها واحدة من أبرز القمم الدولية في تاريخ العالم.

صوت تكسّر عظام الأمم المتحدة وصل إلى أسماع العالم

ولايتي أوضح ثلاثة آثار مهمة للقمة، قائلاً: أولاً، سُمع على مستوى العالم صوت تكسّر عظام الأمم المتحدة، وبات بالإمكان الإعلان صراحة عن بداية مرحلة "إحالة هذه المنظمة إلى التاريخ" على غرار "عصبة الأمم".

ثانياً، أثبتت الصين أنها القوة الأولى في العالم بالقوة الكامنة، وأنها ستصبح في المستقبل القريب القوة الأولى بالفعل.

ثالثاً، أظهرت الصين أنها بصبر ورويّة تعمل على إسكات وقع أقدام ترامب.

وأضاف ولايتي أنّ أهل السياسة يرون أنّ ترامب سلك مساراً سبق أن اختبره زعيم ألمانيا النازية، الذي أرعب الغرب باندلاع الحرب العالمية الثانية في أيلول/سبتمبر 1939. واعتبر أنّ التجربة الاستعلائية والعدوانية لهتلر تتكرر اليوم في أفعال ترامب.

وأشار إلى أنّ بريطانيا آنذاك كانت في ذروة قوتها، وفرنسا بعد نابليون بونابرت كانت دولة قوية، وإيطاليا بعد جوزيبي غاريبالدي (قائد حروب توحيد إيطاليا) أصبحت مؤثرة، لكنّ هذه القوى الثلاث ارتعدت أمام هتلر. واليوم يتكرر المشهد ذاته، على حد وصف بعض المؤرخين بأنّ "التاريخ إعادة إنتاج للأحداث". ترامب، من دون أن يتعظ من تجارب الماضي، يسلك ذلك الطريق، وهو طريق غير مضمون العواقب له.

وأكد ولايتي: "ما يقوم به ترامب اليوم، كان هتلر قد فعله من قبل. وآخر خطوة أقدم عليها ترامب تمثلت في اتفاق ألاسكا، إذ عقد معاهدة تتعلق بأوكرانيا من دون التشاور مع حلفائه الغربيين، لكن سرعان ما ظهر في قمة شنغهاي أنه اصطدم بجدار صلب".

واستطرد قائلاً: في  13 أيلول/سبتمبر، قال ترامب في مقابلة عن موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تجاه قضية أوكرانيا: "كانت بيننا علاقة جيدة، لكنني أصبت بخيبة أمل منه"، ثم نشر تعليقاً ساخراً كتب فيه: "أهنئكم، فقد اجتمع بوتين وشي جين بينغ وكيم جونغ أون في شنغهاي واتخذوا موقفاً ضد أمريكا".

أوروبا مُهانة ومترددة

وقال مستشار قائد الثورة الإسلامية للشؤون الدولية، إنّ ترامب في المرحلة الراهنة يسعى إلى خلق نظام ثنائي القطبية شبيه بما جرى بعد مؤتمر يالطا عام 1945، مضيفاً أنّه يمضي في خطواته من دون تنسيق مع حلفائه الأوروبيين، متجاهلاً مصالحهم.

وأضاف: ترامب خلال زيارته إلى دول الخليج الفارسي جمع أموالاً طائلة. وقد قال بنفسه في مناظرته مع هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية الأولى إنّ الديمقراطيين هم من أوجدوا تنظيم داعش. ففي ذلك الوقت كان الجولاني، المعروف آنذاك بأبي بكر البغدادي، الرجل الثاني في التنظيم، لكنه اليوم، بمساعدة أمريكا وبعض الأطراف الإقليمية، دمّر سوريا وتحالف عملياً مع ترامب. وتابع ولايتي أنّ ترامب لم يتردد في إهانة قادة الدول الأوروبية الحليفة له، ومن بينهم بريطانيا.

وأشار ولايتي إلى أنّ الأوروبيين، منذ وصول ترامب إلى السلطة، تعرّضوا مراراً للإهانة، لكن أياً منهم لم يجرؤ على الوقوف بوجهه، ولذا لجأوا إلى سياسات إزعاجية تجاه الدول المستقلة مثل إيران، ومن ذلك تفعيل "آلية الزناد" في مجلس الأمن. وبرأيه فإنّ مطالبة الأوروبيين بتنشيط هذه الآلية لم يكن سوى رد فعل على سياسة ترامب الانفرادية التي أضعفتهم.

وفي ما يتعلق بأوكرانيا، أكد ولايتي أنّ ترامب تجاهل تماماً مطالب الأوروبيين، بل ذهب أبعد من ذلك حين أعلن أنّ الحق مع روسيا، وأنّ على كييف أن تتنازل عن الأراضي التي ضمّتها موسكو، سواء القرم عام 2014 أو المناطق التي سيطرت عليها في الحرب الأخيرة، قائلاً: "إذا كانت أوكرانيا تريد المساعدة، فعليها أن تدفع الثمن". موقفٌ وصفه ولايتي بأنّه في تضاد مباشر مع مصالح أوروبا.

ترامب يكرر ما فعله هتلر حرفياً

وشدّد ولايتي على أنّ ما يقوم به ترامب هو تكرار لما فعله هتلر مع الدول الأوروبية قبل الحرب العالمية الثانية، موضحاً: "هتلر مزّق جميع الاتفاقيات التي وقّعها مع الأوروبيين. في 1938 أبرم اتفاق ميونيخ مع بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، ثم معاهدة عدم اعتداء مع الاتحاد السوفيتي في 23 آب/أغسطس 1939. لكنه سرعان ما اجتاح شمال أوروبا عبر هولندا وبلجيكا، ودخل فرنسا عام 1940، وقصف لندن بـ 600 طائرة حربية، ثم شنّ عملية بارباروسا ضد السوفييت عام 1941".

وأضاف ولايتي أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقد أمس (الخميس) اجتماعاً مع قادة 33 دولة أوروبية، أعلن فيه أنّ 26 بلداً منها مستعد لإرسال قوات لدعم أوكرانيا. وتابع إنّ "خلاصة الأمر أنّ ترامب أذاق الأوروبيين مرارة الهزيمة، وجعل طعمها عالقاً في أفواههم".

إيران والصين وروسيا يلعبون الدور الأساسي في شنغهاي

وقال مستشار الشؤون الدولية لقائد الثورة الإسلامية، إنّ قمة منظمة شنغهاي الأخيرة حملت نقاطاً إيجابية بارزة، حيث تمكّن الرئيس الصيني شي جين بينغ بعد سنوات من الحكم الناجح من جني ثمار سياساته الحكيمة القائمة على "العقل الصيني"، فاستطاع حتى استقطاب منافسه القديم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى بكين، في وقت كان ترامب قد وبّخ مودي في شباط/فبراير 2025 خلال لقائهما في واشنطن بسبب شراء الهند النفط الرخيص من روسيا.

وأضاف ولايتي أنّ مودي، بصفته رئيس حكومة أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان، ووارث حضارة عريقة تمتد لآلاف السنين، ينتمي إلى أمة أنجبت شخصية مثل غاندي، وأنّ المسلمين والهنود معاً لا يقبلون الخضوع لفرضيات ترامب. ولذلك، فإنّ منظمة شنغهاي أسرعت إلى تحقيق نتائج ثمينة أسرع مما كان الغرب يتوقع، لتصبح عملياً صاحبة الدور الأول في تقرير مستقبل العالم.

وأوضح أنّ جميع دول شنغهاي، ولا سيما الصين وروسيا وإيران، تؤدي دوراً محورياً، لأنها – إضافة إلى الهند – دول مستقلة حقاً ولديها القدرة على صون استقلالها. وأشار إلى أنّ المناورات العسكرية في شمال المحيط الهندي شاركت فيها الصين وروسيا وإيران، مؤكداً أنّ إيران أثبتت أنها دولة كبيرة قادرة على هزيمة أمريكا في "الحرب المفروضة" التي استمرت 12 يوماً، وكانت أول من هاجم إسرائيل بشجاعة، ما أجبر الجانب الإسرائيلي والأمريكي على طلب وقف إطلاق النار.

ولايتي لفت إلى أنّ إدارة بايدن أسست مع بريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا تحالفاً بحرياً باسم "أوكوس" هدفه تطويق الصين، لكن في المقابل ردّت إيران وروسيا والصين بمناورات عسكرية مشتركة لمواجهة أخطار هذا التحالف ضد بكين.

كما شدّد على أنّ أحد الأركان الجديدة لجبهة المقاومة، أي اليمن بقيادة السيد بدر الدين عبد الملك الحوثي، بات يسيطر على باب المندب واستهدف سفناً إسرائيلية وأمريكية، بل وضع حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" تحت نيران الهجوم، ما اضطر ترامب إلى رفع يده وطلب وقف إطلاق النار مع اليمن. وبرأيه فإنّ هذا التطور جعل التهديدات الأمريكية ضد الصين تتلاشى عملياً بفضل إيران وجبهة المقاومة.

العالم يتجه إلى شكل جديد مختلف عن الماضي

ورداً على سؤال حول قدرة شنغهاي على مواجهة النظام الأمريكي الأحادي، أوضح ولايتي أنّ المنظمة إلى جانب مجموعة "بريكس" – التي تضم الصين وروسيا وإيران وجنوب أفريقيا والبرازيل والهند – تشكّل جبهة موحدة، والعالم المقبل سيكون مختلفاً في الشكل والمضمون عمّا مضى. وأضاف أنّ ترامب "سرعان ما اصطدم بالواقع"، وأبرز دليل على ذلك القمة الأخيرة في باريس.

وبيّن أنّ قمة باريس جمعت 33 دولة أوروبية، وأعلن فيها قادة 26 دولة استعدادهم لإرسال قوات دولية لضمان أمن أوكرانيا بعد اتفاق السلام. وأشار إلى أنّ ممثل ترامب، ستيف ويتكوف، عقد قبل القمة اجتماعاً مع دبلوماسيين من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وأوكرانيا. وفي المقابل، ردّت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم الخارجية الروسية، بلهجة حادة على ترامب قائلة: "الأجدر به أن يهتم بأمريكا نفسها، وأن يسعى لإنقاذ مدن مثل ديترويت وفيلادلفيا ولوس أنجلوس، حيث يموت الناس".

وأضاف، إنّ هذه المواجهات السريعة والحادة بين الطرفين بعد فترة قصيرة من "اتفاق ألاسكا" تظهر أنّ رؤية ترامب أبسط وأسطح من رؤية هتلر، مشيراً إلى أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تصرف بذكاء حين انتقل مباشرة من ألاسكا إلى قمة شنغهاي، ليساهم في إرساء أسس عالم جديد من دون هيمنة أمريكا والقوى الغربية، مؤكداً أنّه "لا بدّ من إنهاء النظام الأحادي القطبية".

إيران ستتمتع بمستقبل مشرق 

وأكّد مستشار الشؤون الدولية لقائد الثورة الإسلامية، أنّ إيران قادرة على الاستفادة من الطاقات المتاحة لتعزيز مكانتها، قائلاً: "إيران دولة متماسكة وقوية يقودها قائد شجاع، بصير وخبير بشؤون العالم. وأنا، الذي حظيت بخدمة قائد الثورة منذ انتصار الثورة الإسلامية، أشهد أنّه لا يوجد في العالم من يوازي سماحة آية الله الخامنئي في الذكاء وفهم القضايا الدولية". وأضاف أنّ خطوات مهمة اتخذت بفضل قيادته، وأنّ الرئيس مسعود بزشكيان يعمل بتنسيق مع توجيهاته، ما يعزز التفاؤل بمستقبل مشرق شريطة الحفاظ على الوحدة الوطنية والانسجام المقدس بين مختلف القوى السياسية والدفاعية في البلاد.

وأوضح ولايتي أنّه كتب في إحدى رسائله على منصة "إكس" أنّ القرآن الكريم يذكر في ستة عشر آية صفات ذي القرنين بوصفه رجلاً صالحاً ساعياً للعدل ورفاه الناس. وقد وصفه القرآن بأنّه بنّاء ومسالم يدعو حيثما ذهب إلى الخير والمودة.

وأشار إلى ما ورد في سورة الكهف (الآيات 82-99)، حيث منح الله ذا القرنين الإمكانات، فمضى نحو المغرب ورأى الشمس تغرب في ماء كدر، فخاطبه قوم بين العقاب والإحسان، فأجابهم بأنّ من يظلم يُعاقَب ومن يتجه إلى الله يُعان. ثم مضى إلى أقوام بلا مساكن يعيشون تحت الخيام، وبعدها إلى قوم أرادوا بناء سد لصدّ المعتدين، فطلب منهم صفائح الحديد والنحاس المصهور ليشيّد السد.

وأضاف ولايتي أنّ بعض المؤرخين المسلمين في صدر الإسلام، تحت تأثير الترجمات الإغريقية، ظنّوا أنّ ذا القرنين هو الإسكندر المقدوني. لكن لاحقاً، رأى مفكرون مثل أبو الكلام آزاد – وزير ثقافة الهند في عهد غاندي – أنّ "قرن" تعني "شَعرَة أو شُعبة"، وليس أنّ الإسكندر عاش قرنين أو كان ذا قرنين. وأوضح أنّ النقوش التاريخية تُظهر كوروش بخوذة ذات قرنين، مثل شخصية رستم الأسطورية. وبحسب العلامة الطباطبائي، ومعه آية الله مكارم الشيرازي وعدد من المفسرين المعاصرين، فإنّ ذا القرنين هو كوروش، وهو ما أيّده أيضاً المفسر الهندي سيد أحمد خان، مؤسس جامعة عليكره الإسلامية.

وبيّن ولايتي أنّ سيرة كوروش تتوافق مع ما ورد في القرآن: فقد اتجه أولاً نحو ليديا عاصمتها "سارد" غرب الأناضول (على بحر إيجه) حيث الماء ضحل وكدر، ثم سار شرقاً نحو آسيا الوسطى لمساعدة شعوبها، ثم إلى القوقاز حيث شُيّد سد لا تزال آثاره موجودة في جورجيا وأذربيجان بمنطقة "داريان".

وتابع: إنّ كوروش فتح بابل التي كانت تحت سلطة الآشوريين، وكان بختنصر أول ملوكهم قد هاجم القدس وقتل آلاف اليهود وأسر أعداداً كبيرة منهم إلى بابل. وعندما حرر كوروش المدينة، استقبله اليهود بالترحاب، بل ورد في بعض الروايات تقديرهم له. حتى النبي دانيال رأى في رؤياه رجلاً ذا قرنين يخلّص اليهود، وهو ما فسّره بعضهم بكوروش.

وختم ولايتي قائلاً: "أحد المؤرخين الغربيين وصف عظمة الإيرانيين بأنّهم قبل 2500 عام أسسوا إمبراطورية كبرى على رأسها قادة مثل كوروش، في وقت لم يستطع فيه الإغريق في أثينا وإسبرطة توحيد صفوفهم أو إقامة دولة حقيقية".

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار ايران
أهم الأخبار ايران
عناوين مختارة