عارف: مستعدون لتوسيع علاقاتنا مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي
أكد النائب الأول للرئيس الإيراني، محمد رضا عارف، استعداد طهران لتوسيع التعاون مع الاتحاد في المجالات الرئيسية، بالتوازي مع تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة، ليشمل ذلك قطاعات التجارة والطاقة والتقنيات الحديثة والترانزيت والمواصلات.
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن عارف قال في كلمته أمام قمة رؤساء وزراء الاتحاد الاقتصادي الأوراسي التي انعقدت اليوم في مدينة تشولبان آتا بقرغيزستان، إن دخول اتفاقية التجارة الحرة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والاتحاد الاقتصادي الأوراسي حيّز التنفيذ، يتيح فرصاً استثنائية أمام اقتصادات الدول الأعضاء والقطاع الخاص، كما يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وتعميق التعاون الإقليمي البنّاء. وأضاف أن أول اجتماع للجنة المشتركة المنبثقة عن الاتفاقية سيُعقد في النصف الثاني من سبتمبر المقبل، برئاسة وزير الصناعة والمناجم والتجارة الإيراني ووزير التجارة في الاتحاد، لمراجعة تقارير فرق العمل المختلفة ومتابعة التنفيذ الكامل والفعّال للاتفاقية ووضع خارطة طريق للتعاون.
وأعرب عارف عن شكره للدول الأعضاء على مواقفها "البنّاءة والمشجّعة" تجاه ما وصفه بـ"الاعتداءات الوحشية" التي شنّها الكيان الصهيوني والولايات المتحدة على إيران، منتقداً "عجز" مجلس الأمن عن مواجهة الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك الهجمات على المنشآت النووية السلمية واغتيال المدنيين والعلماء وقادة عسكريين. كما أدان ما اعتبره "جرائم حرب وإبادة جماعية" في غزة، محمّلاً جميع الدول مسؤولية جماعية لوقفها.
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد عادل بيك قاسم علييف
رئيس مجلس وزراء جمهورية قرغيزستان المحترم
في مستهل كلمتي، يسرّني أن أعبّر عن سعادتي بالمشاركة مجدداً في اجتماع المجلس الحكومي للاتحاد الاقتصادي الأوراسي. وأود أن أتقدم بخالص الشكر لسيادتكم ولحكومة قرغيزستان الموقرة على استضافة هذا الاجتماع المهم في مدينة تشولپان آتا الجميلة، ولشعب قرغيزستان العزيز على كرم الضيافة وحسن الاستقبال. كما أشكر السيد ساكينتاييف وزملاءه في اللجنة الاقتصادية الأوراسية على جهودهم في التخطيط والتنسيق لهذا الاجتماع.
السيد الرئيس، الزملاء الكرام،
الحضور المحترم،
في فبراير من هذا العام، وخلال اجتماع ألماتي الذي شكّل أول حضور للجمهورية الإسلامية الإيرانية بصفة مراقب في المجلس الحكومي للاتحاد الاقتصادي الأوراسي، عرضت أمامكم رؤيتنا لتعزيز الاندماج الإقليمي وتطوير العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والاتحاد. أما القمة الأخيرة للاتحاد في مينسك فقد تزامنت مع الاعتداءات الوحشية التي شنها الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الأمر الذي حال دون مشاركة رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الدكتور مسعود بزشكيان، حضورياً، فشارك بكلمته عبر الاتصال المرئي.
وأغتنم هذه المناسبة لأتوجه بالشكر إلى دول الاتحاد على مواقفها البنّاءة والداعمة في مواجهة تلك الاعتداءات والهجمات ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
لقد شهدنا، في المقابل، تقاعس مجلس الأمن الدولي إزاء الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة من قبل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، بما في ذلك الاعتداء على دولة عضو في الأمم المتحدة، والهجوم على المنشآت النووية السلمية الإيرانية، وقتل المدنيين، وشن عمليات غير قانونية وإجرامية ضد القوات العسكرية خارج مواقع مهامها وضد أساتذة الجامعات، وسفك دماء النساء والأطفال والمواطنين العزل. هذه الأفعال كشفت بوضوح عن أهداف الكيان الصهيوني في نشر مزيد من انعدام الأمن في المنطقة.
واليوم، يشهد العالم استمرار الكيان الصهيوني في فرض المجاعة والجوع على شعب غزة المظلوم، بل واتخاذ قرار باحتلاله الكامل، وهو ما يُعد جريمة ضد الإنسانية واستمراراً لجرائم الإبادة الجماعية. والجمهورية الإسلامية الإيرانية، إذ تدين بشدة هذه الممارسات، تذكّر مجدداً بالمسؤولية المشتركة والجماعية لجميع الدول لوقف الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في غزة.
أصحاب السعادة،
يسعدنا أن اتفاقية التجارة الحرة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والاتحاد الاقتصادي الأوراسي دخلت حيز التنفيذ، بما يتيح فرصاً استثنائية لاقتصاداتنا الوطنية، ويعزز نشاط الفاعلين الاقتصاديين، ويسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وتعميق التعاون البنّاء على المستوى الإقليمي. ومن المقرر عقد الاجتماع الأول لفريق العمل المشترك لهذه الاتفاقية، برئاسة وزير الصناعة والمناجم والتجارة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية ووزير التجارة في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، في النصف الثاني من سبتمبر الجاري، لبحث تقارير فرق العمل المختلفة المنبثقة عن الاتفاقية، ومتابعة التنفيذ الكامل والفعّال لها، واعتماد خارطة طريق نهائية للتعاون.
كما يزداد وعي الفاعلين الاقتصاديين في إيران يوماً بعد يوم بالمزايا والفرص التي توفرها اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد، وهم عازمون على تعزيز مشاركتهم في سلاسل الإمداد والقيمة لهذا الاتحاد.
وكما ذكرت في اجتماع ألماتي، فإن الإمكانات المتاحة في منطقة أوراسيا وفي الجمهورية الإسلامية الإيرانية تتطلب إدراج مجالات تعاون جديدة على جدول الأعمال. ونحن على استعداد، بالتوازي مع تنفيذ الاتفاقية، لتوسيع التعاون في مجالات محورية أخرى، مثل التجارة والطاقة، والتقنيات الحديثة، والنقل والاتصال. ولا شك أن التعاون مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في هذه المجالات سيخدم مصلحة الاتحاد ويعزز أهدافه.
إلى جانب ذلك، نحن بحاجة إلى تعزيز القدرة الجماعية على مواجهة الصدمات المستقبلية، مثل انعدام أمن الطاقة والغذاء، والتغير المناخي، والمخاطر المرتبطة بالتقنيات الحديثة، ولا سيما الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى التهديدات المتزايدة الناتجة عن الاحتكار والهيمنة في الأنظمة المالية والنقدية العالمية. لذلك، نحن بحاجة إلى تحرك جماعي لتعزيز التعاون الاقتصادي وبناء اقتصادات وطنية وإقليمية قادرة على الصمود.
في القمة الأخيرة للمجلس الأعلى للاتحاد الاقتصادي الأوراسي في مينسك، طرح القادة الكرام لدول الاتحاد أفكاراً ومقترحات مهمة للتعاون داخل الاتحاد، وهي تحظى باهتمام الجمهورية الإسلامية الإيرانية أيضاً.
وبصفتنا مراقباً وشريكاً موثوقاً ومهتماً، نحن مستعدون للمساهمة في دفع هذه المبادرات إلى الأمام، مثل تعزيز الآليات المالية القائمة على العملات الوطنية، وتطوير البنية التحتية للنقل المستدام وتسهيل حركة السلع والمسافرين، وإنتاج منتجات مشتركة، وتطوير مراكز الابتكار البحثي لإنتاج تقنيات ومنتجات جديدة، وتعزيز التعاون في المجالات الرئيسة مثل الحوكمة والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي، وبناء البنى التحتية المشتركة للشبكات والاتصالات والتقنيات الحديثة، والتعاون في إنشاء وتطوير منصات لتقديم الخدمات التجارية والمالية والتعليمية.
السيد الرئيس، الزملاء المحترمون،
إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تؤمن بأن الاتحاد الاقتصادي الأوراسي قادر على أن يكون رائداً في بناء اقتصاد إقليمي قوي. فالعالم القادم ستشكله التحالفات والتكتلات الإقليمية، ومنطقتنا، من خلال آليات مثل الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومنظمة التعاون الاقتصادي (إيكو)، يمكنها أن تؤثر في تشكيل النظام العالمي الجديد، بما تمتلكه من موارد وإمكانات هائلة، وأن تعزز قدرة أعضائها على الصمود في وجه الضغوط والتحديات المتزايدة.
ويتعين على دول الاتحاد أن تتوحد في مواجهة القيود التي تفرضها بعض الدول بهدف حرمان الآخرين من الاستفادة من العلم والتكنولوجيا. إن التعاون والشراكة بين التكتلات الإقليمية باتت اليوم أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، ومنطقتنا قادرة على أن تكون في طليعة هذه الجهود.
وفي هذا الإطار، تؤكد الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أهمية ترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة، وترحب باتفاق السلام بين جمهورية أرمينيا وجمهورية أذربيجان، وتعيد التأكيد على موقفها الثابت الداعي إلى احترام سيادة ووحدة أراضي الدول، وترى أن التدخلات الخارجية في شؤون المنطقة لن تسهم في تحقيق أمن مستدام.
وفي الختام، أؤكد مجدداً أن تعاون إيران مع دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ليس مجرد شراكة اقتصادية، بل هو استراتيجية طويلة الأمد لبناء منطقة قوية، من خلال تعزيز السيادة الوطنية، وتسهيل النقل والتجارة، والتعاون في مجالات الطاقة، وتطوير التكنولوجيا، وإنشاء بنية تحتية مالية ومصرفية مشتركة، وزيادة التواصل بين الشعوب.
أتمنى لاجتماعكم هذا التوفيق، ولشعوب دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الرفاه والازدهار والمستقبل المشرق.
وشكراً لحسن إصغائكم.
/انتهى/