مسيرة الأربعين.. لغة رمزية للمقاومة في العالم
قال أستاذ في جامعة قم إن من بركات مسيرة الأربعين الاجتماعية تعزيز وحدة الأمة الإسلامية، والتآلف، والتعايش السلمي بين القوميات والجنسيات المختلفة، بالإضافة إلى تقديم نموذج عملي للخدمة العابرة للحدود.
وفي حوار له مع وكالة تسنيم الدولية للأنباء، تحدث حجة الإسلام الدكتور محمد جواد حيدري كاشاني، الأستاذ في الجامعة الدولية بقم، عن الأبعاد الحضارية لمسيرة الأربعين المليونية، قائلاً: "مسيرة الأربعين، باعتبارها أكبر تجمع بشري في العصر الحديث، ليست مجرد حدث ديني، بل تُعدّ طاقة حضارية وتاريخية تحمل في طياتها آثارًا معنوية واجتماعية وسياسية وثقافية عميقة".
وأشار إلى بعض الآثار المعنوية للمشاركة في هذه المسيرة، كالسعي لنيل رضا الله، وترسيخ الهوية التوحيدية والعبودية، وتمرين النفس على الطاعة والإيثار، وخدمة الزائرين، والتعلق بالأدعية والزيارات والقرآن وتذكّر المعاد. كما عدّد من بركاتها الاجتماعية: تعزيز وحدة الأمة الإسلامية، وترسيخ روح الأُلفة والتعايش بين القوميات والجنسيات، وتجربة عملية للخدمة بلا حدود.
وأكد حيدري كاشاني أن من الآثار الحضارية لمسيرة الأربعين: إعادة إحياء الحضارة الحسينية على أساس العدالة والكرامة والمقاومة، وتقديم نموذج لحكمٍ شعبي قائم على المشاركة العامة، وتوسيع العلاقات الثقافية واللغوية بين الشعوب. وأضاف: "هذه الآثار لا تقتصر على العالم الإسلامي فقط، بل تحمل رسالة عالمية، إذ أصبحت مسيرة الأربعين لغة رمزية للمقاومة في العالم. وهذا التجمع المليوني، من خلال تعزيز الوحدة بين السنة والشيعة، والتعاطف مع شعوب فلسطين ولبنان، وتقوية الدوافع النضالية ضد الصهيونية، يُعتبر دعمًا ناعمًا ونفسيًا وثقافيًا لمحور المقاومة".
ضرورة تأسيس جبهة ثقافية للمقاومة من رحم الأربعين بمشاركة النخب
وأوضح حيدري كاشاني أن من أهم السبل لتعزيز الآثار الحضارية لمسيرة الأربعين: إعداد نخب حضارية برؤية استراتيجية للأربعين، توظيف الإعلام والفنون لشرح رسالة الأربعين، تحويل المسيرة إلى تيار دائم وليس مجرد مناسبة موسمية، إنشاء مراكز بحثية "أربعينية" في الحوزات والجامعات، وتوسيع الروابط الدولية مع الشيعة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا وآسيا، وكل ذلك في إطار التمهيد للظهور.
وأشار إلى أن نخب الحوزة العلمية قادرة على إعادة صياغة الإطار النظري للحضارة الحسينية، وشرح نموذج الحياة المستوحى من مسيرة الأربعين، واستنباط العلاقة بين الأربعين والحضارة الإسلامية الحديثة من منظور فقهي-اجتماعي، وإنتاج محتوى تعليمي وإعلامي لنشر معارف الأربعين.
وشدد الأستاذ الجامعي على أهمية استثمار الطاقات الإعلامية لمسيرة الأربعين للدفاع عن مظلومي غزة واليمن وسوريا، وتفعيل دبلوماسية شعبية من رحم الأربعين لكشف جرائم أمريكا والكيان الصهيوني، معتبرًا أن من خلال هذا الحدث العالمي، يمكن مواجهة الفتن الصهيونية والاستعمارية.
وأضاف: "لطالما عرضتُ في المحافل الأكاديمية الأبعاد الحضارية للأربعين على أنها قائمة على الحب بين الشعوب والحضارات، وأعتقد أنه من خلال الحب للإمام الحسين عليه السلام، والدروس التي علمنا إياها الإمام السجاد والسيدة زينب عليهما السلام، يمكن توحيد البشرية تحت راية التوحيد والعبودية لله، والتمهيد لظهور المنقذ العالمي والمصلح الشامل".
وختم حيدري كاشاني حديثه بطرح فكرة تحويل شعار "حب الحسين يجمعنا" إلى "حب المظلومين يجمعنا"، مؤكدًا على ضرورة تأسيس جبهة ثقافية للمقاومة في إطار مسيرة الأربعين بمشاركة نخب العالم الإسلامي، قائلاً: "الأربعين ليست مجرد طقس ديني، بل قلب نابض لحضارة قادرة على إلهام البشرية جمعاء. وإذا نظر نخب الحوزة والجامعة إليها بعين حضارية، فإن هذه المسيرة يمكن أن تكون منصة لبناء الحضارة الإسلامية وتمهيدًا لظهور الإمام المهدي عليه السلام".
/انتهى/