فكرة بناء المدن الصاروخية الإيرانية تعود لمن؟
المدن الصاروخية الإيرانية تحت الأرض، التي أصبحت اليوم رمزًا للقوة الدفاعية والردعية للبلاد، تعود جذورها إلى عقل مهندس بارز مبدع، والذي من خلال أفكاره وجهوده المتواصلة، أسس هذه القدرة للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
فجر يوم الجمعة 13 يونيو الماضي، قام الكيان الصهيوني بهجوم فاضح، وأسفر عن استشهاد عدد من كبار القادة العسكريين وعدة مدنيين إيرانيين، كما استهدف بعض المدن والمنشآت العسكرية.
ردًا على ذلك، أعلنت القوات الجوفضائية التابعة لحرس الثورة الإسلامية مساء نفس اليوم، عبر بيان، عن بدء عملية "الوعد الصادق 3" برمز "يا علي بن أبي طالب (ع)".
استمرت هذه العملية لمدة 12 يومًا في 22 مرحلة، وخلالها تم استهداف أكثر من 26 هدفًا استراتيجيًا، خاصة المراكز العسكرية والأمنية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، بواسطة الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية، وذلك للرد على جرائم الكيان الصهيوني.
القدرة الإيرانية التي اعترف بها الأعداء
أهم قدرة للجمهورية الإسلامية الإيرانية في المجال العسكري هي استخدام الصواريخ الباليستية بعيدة المدى والدقيقة، والتي تمكنت من تدمير مجموعة واسعة من الأهداف العسكرية في الأراضي المحتلة.
أدت 22 موجة من العمليات الصاروخية والمسيرة الإيرانية ضد الأراضي المحتلة إلى أن يتحول العالم بأسره، خاصة سكان تلك المناطق، مضطرين وليس عن رغبة، إلى وسائل الإعلام الإيرانية، حيث نقلوا صور إصابات الصواريخ الإيرانية الناجحة في أنحاء إسرائيل.
المدينة التي لم تُفتح أبوابها بعد
القوات الجوفضائية التابعة لحرس الثورة الإسلامية، التي كانت رأس الحربة في الهجمات الصاروخية الإيرانية على الأراضي المحتلة، لديها أفكار مختلفة في هذا المجال. إحدى هذه الأفكار هي المدن الصاروخية، التي تم الكشف عن أولها قبل سنوات.
كشف حرس الثورة الإسلامية لأول مرة في شهر مهر 1394 (أكتوبر 2015) عن مدينة صاروخية تقع على عمق 500 متر تحت الأرض، وأعلن أن القواعد الصاروخية منتشرة في جميع المحافظات.
وقال العميد علي فضلي، نائب منسق حرس الثورة الإسلامية، مساء يوم امس الخميس في مقابلة خاصة إخبارية: "لم نفتح بعد أحد مدننا الصاروخية"، جزء من قدراتنا الصاروخية تم استخدامها من القواعد والمراكز الموجودة، ولكن هذه القدرة، بفضل الله، في حالة جيدة جدًا.
فكرة المدن الصاروخية الإيرانية تعود لمن؟
ناصر كاوه، رفيق درب الشهيد أمير علي حاجي زاده، القائد السابق لسلاح الجوفضاء التابع للحرس، والذي كتب كتابًا عنه بعد استشهاده، يقول إن الشهيد اللواء حاجي زاده كان أول من بدأ فكرة المدن الصاروخية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وكان مؤسسها. بدأ العمل مع عدة شباب؛ في البداية بنوا الأنفاق والمخابئ، ثم تدريجيًا تشكلت المدن، وذلك بمعدات أولية وميزانية محدودة جدًا.
وفقًا لرفيق الشهيد حاجي زاده، فإن موضوعًا ربما نطرحه الآن لأول مرة، وقد تم طرحه عدة مرات من قبل اللواء حاجي زاده أيضًا، هو بناء صوامع إطلاق الصواريخ، التي كان مؤسسها هو حاجي زاده نفسه. هناك عدة دول مثل روسيا وأمريكا والصين وكوريا الشمالية لديها مثل هذه الصوامع، ولكن لا أعتقد أن الدول الأوروبية لديها شيء مماثل.
ويضيف كاوه: خلال إحدى زياراته إلى كوريا الشمالية، لاحظ حاجي زاده هذه الفكرة، وجلب هذه الفكرة الأولية إلى البلاد، ولكن لم يكن هناك كتاب أو صورة عنها. عزم حاجي زاده على جمع مجموعة من الشباب وإنجاز تصميم صوامع إطلاق الصواريخ .. شيء يعتبر بمثابة تأمين للبلاد.
ويقول ناصر كاوه: مثل منشأة فردو، التي تقع تحتها منشآت نووية ولا يمكن قصفها، فإن صوامع الصواريخ مشابهة؛ يتم وضع المنصة هناك، تتحرك الغطاء جانبًا، يتم الإطلاق، ثم يُغلق الغطاء مرة أخرى. هذه الفكرة كانت في ذهن حاجي زاده وتمكن من تنفيذها. ولكن الأهم من ذلك كله كانت صعوبة اختبار هذا المشروع؛ لأنه لم يتم تنفيذه من قبل في إيران، ولم يكن هناك أي سابقة أو معرفة أجنبية متاحة لنا.
ويضيف: كان هناك شك من بعض القادة، وكان البعض خائفين، لأن الصاروخ يصدر صوتًا عاليًا جدًا عند الإطلاق، يشبه صوت طائرة 747، وإذا لم يتم التحكم في الدخان وصوت الخروج، فقد ينفجر الصاروخ. كان هناك قلق وتوتر، ولكن شجاعة حاجي زاده ظهرت هنا. في الليلة المقرر فيها الاختبار، عندما كان التوتر سائدًا، عاد حاجي زاده إلى مجموعة القادة وقال: "سآتي مع عائلتي خلف غرفة التحكم، وسنطلق معًا". هذه الجملة منه مشهورة جدًا.
في ذلك الوقت، قام الحاج حسن طهراني مقدم والسيد قاليباف، الذي كان قائد سلاح الجو في الحرس، بالمشاركة، والحمد لله في اليوم التالي، بمساعدة الله تعالى، كان الاختبار ناجحًا، وانضممنا إلى نادي الدول التي تمتلك صوامع صاروخية؛ قدرة تمتلكها أقل من خمس دول. هذا الإنجاز كان مؤسسه الشهيد حاجي زاده.
ما هي مزايا المدن الصاروخية الإيرانية؟
زيادة قدرة البقاء والأمن التسليحي: إنشاء المدن الصاروخية تحت الأرض في إيران زاد بشكل كبير من قدرة البقاء والأمن التسليحي. هذه القواعد المحصنة تحمي الصواريخ والمعدات العسكرية في أعماق الأرض من الهجمات الجوية والصاروخية للعدو.
في حالة حدوث صراع محتمل، يتم تقليل احتمالية تدمير القدرة الصاروخية الإيرانية في هجوم مفاجئ إلى الحد الأدنى، لأن الصواريخ والأنظمة المرتبطة بها مخفية عن أقمار التجسس وأنظمة الكشف، ولديها القدرة على الانتقال والإطلاق من مناطق غير متوقعة.
تعزيز القدرة الردعية والاستجابة السريعة: المدن الصاروخية تحت الأرض تلعب دورًا مهمًا في تعزيز الردع الدفاعي لإيران. نشر الصواريخ في هذه القواعد يوفر الاستعداد السريع وتنفيذ الهجمات المضادة، مما يزيد من قدرة إيران على الرد على أي تهديد أو عدوان محتمل.
وجود هذه البنى التحتية يرسل رسالة إلى الأعداء مفادها أنه في حالة أي عمل عسكري، سيكون لإيران القدرة على تنفيذ هجمات واسعة النطاق ومستمرة، مما يعمل كعامل ردع.
زيادة المرونة في الاستراتيجية الدفاعية: استخدام المدن الصاروخية تحت الأرض قد حسّن أيضًا مرونة إيران في الاستراتيجيات الدفاعية والهجومية.
هذه القواعد توفر إمكانية نشر ونقل الصواريخ بشكل آمن وبعيد عن أعين العدو، مما يوفر سيناريوهات تشغيلية متنوعة للقوات المسلحة الإيرانية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن دمج هذه الأنظمة مع أساليب الإطلاق السريع، والإطلاق من زوايا مختلفة، وتنفيذ تكتيكات خداع العدو، يعزز القدرة الصاروخية الإيرانية في مواجهة التهديدات الحديثة ويزيد من قدرتها على تنفيذ هجمات دقيقة ومفاجئة.
إمكانية التخزين والصيانة طويلة الأجل للصواريخ: المدن الصاروخية تحت الأرض، بسبب التحكم الدقيق في درجة الحرارة والرطوبة، تحمي الصواريخ من الأضرار البيئية مثل أشعة الشمس والغبار والتغيرات الجوية. هذا البيئة الآمنة تزيد من العمر الافتراضي للصواريخ وتقلل من الحاجة إلى الإصلاحات.
كما أن التخزين تحت الأرض يجعل الصواريخ محمية من هجمات العدو ودائمًا جاهزة للإطلاق. هذه الظروف تحافظ على القدرة القتالية وتقلل من تكاليف الصيانة. بشكل عام، هذه البنى التحتية تضمن أمن وكفاءة القدرة الصاروخية للبلاد على المدى الطويل.
المدن الصاروخية مفتاح الدفاع عن إيران
المدن الصاروخية التابعة لحرس الثورة الإسلامية الإيرانية تلعب دورًا رئيسيًا في زيادة القدرة الردعية والدفاعية للبلاد. هذه القواعد تحت الأرض، المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد، توفر إمكانية نشر واستعداد سريع لأنواع مختلفة من الصواريخ بعيدة المدى والدقيقة.
وجود هذه المدن الصاروخية، بالإضافة إلى زيادة القوة العسكرية، يضمن الأمن والاستقرار الإقليمي، ويرسل رسالة واضحة إلى أعداء إيران عن الاستعداد القوي للقوات المسلحة.
بالإضافة إلى المدن الصاروخية الأرضية، قام سلاح البحرية التابع للحرس أيضًا بإنشاء مدن للطائرات المسيرة والصواريخ على سواحل الخليج الفارسي، مما زاد من قدرته التشغيلية والمراقبة في المياه الاستراتيجية.
هذه القواعد، باستخدام طائرات مسيرة متطورة وأنظمة صواريخ ساحلية، لديها القدرة على مواجهة التهديدات البحرية وزيادة دقة التصويب، وتلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على السيادة البحرية والردع في المنطقة.
هذه الهياكل العسكرية المعقدة والواسعة تعزز الأمن الوطني الإيراني في مواجهة أي تهديد.
/انتهى/