كيف جعل حرس الثورة الإسلامية الأجواء الإيرانية الأكثر أماناً في العالم؟
طهران/ تسنيم// يصادف اليوم (الثلاثاء 26 كانون الاول) الذكرى الثلاثين لتولّي حرس الثورة الإسلامية مسؤولية حماية الطائرات بتوجيه من الامام الخميني (رض) حيث نجح الحرس الثوري في منع أية حادثة لاختطاف الطائرات.
وكالة تسنيم الدولية للأنباء : تُعدّ الملاحة الجوية واحدة من الصناعات المتطورة في العالم في مجال المواصلات ونقل البضائع، ولهذا فهي تحظى بأهميّة بالغة.
واستنادا الى إحصاء منظمة الطيران في إيران، فقد استطاع أسطول الطيران من نقل 22 مليون و 17 ألف مسافر، فيما بلغت عدد الرحلات الجوية بين هبوط وإقلاع في نفس العام حوالي 714 ألف رحلة.
ففي إيران التي تتمتع بهذا الحجم الكبير من النشاط في مجال الأسطول الجوّي، وموقعها في خريطة الممرات الجوية كواحدة من أكثر الممرات ازدحاما وتنقّلا في العالم؛ فإن توفير الأمن للخطوط الجوية والمطارات هي واحدة من المواضيع التي تحظى بأهميّة بالغة.
موجة اختطاف الطائرات بعد الثورة الإسلامية
بعد انتصار الثورة الإسلامية والتهديدات التي واجهت أمن البلاد والثورة الاسلامية، عمدت "زمرة المنافقين" الى اختطاف عدد من الطائرات خلال السنوات الأولى للثورة الإسلامية، صرح حينه قائد حرس الثورة الإسلامية "محسن رضائي"، انه "خلال العام 1984 كان المنافقون يختطفون طائرتين أسبوعيا الى حدّ وصل عدد الطائرات المختطفة الى 16 طائرة".
خلال الفترة الممتدة بين العامين 1983 و 1984 كانت العلاقة بين إيران وفرنسا علاقة مضطربة خصوصا فيما يخص موضوع اختطاف الطائرات. فقد استقبلت فرنسا عددا من وجوه نظام الشاه المخلوع كبختيار أو عدد من المنافقين بمن فيهم "بني صدر" و"مسعود رجوي"، حيث لم تكن فرنسا على استعداد لإعادة الطائرات الى إيران كما كانت تقدم الدّعم التسليحي للعراق.
في اليوم السادس من تموز/ يوليو من العام 1983 اختطف 5 من المنافقين طائرة مسافرين من طراز بوينغ 747 كانت تنفّذ رحلة بين شيراز وطهران وعلى متنها 390 مسافر. لم تكن الطائرة مزودة بالوقود الكافي لكي تصل الى باريس، ولهذا فقد اقتاد الخاطفون هذه الطائرة الى الكويت وطلبوا من المسؤولين الكويتيين تزويدهم بالماء والوقود والطعام الذي يحتاجونه.
بعد أن هبطت الطائرة الإيرانية في مطار الكويت تقدّم السّفير الإيراني في ذلك الوقت بطلب من المسؤولين في هذا البلد من اجل التفاوض مع الخاطفين، لكن المسؤولين الكويتيين تجاهلوا الطلب الإيراني وأجروا مفاوضات مع الخاطفين أفضت الى إطلاق سراح 187 مسافرا مقابل تزويدهم بالوقود والماء والطعام.
بعد هذه المرحلة، اقتاد الخاطفون الطائرة الإيرانية الى مطار أورلي في باريس وهناك بعد تدخل الشرطة ومنح اللجوء للخاطفين، عاد المسافرين المختطفين الى إيران لتبدأ بعد ذلك عدة عمليات خطف طائرات على الخطوط الجوية بين إيران وفرنسا.
وبعد أقل من عام وتحديدا خلال السادس عشر من شهر حزيران/ يونيو اختُطفت طائرة عسكرية إيرانية من طراز (أف- 27) وكان على متنها 8 أشخاص حيث توجّهت في بادئ الأمر الى البحرين للتزود بالوقود ومن بعدها حطت في مطار بمصر.
وبعد رفض الحكومة المصرية لإعطاء حق اللجوء للخاطفين الأربعة الذين كانوا متواجدين على متن الطائرة، توجّه هؤلاء بالطائرة الإيرانية الى مطار نيس الفرنسي حيث وافقت السلطات الفرنسية على منحهم اللجوء على ان يعود بعد ذلك المسافرون الأربعة المتبقون الى إيران.
وعقب هذه الحادثة تم اختطاف طائرة كانت تنفذ رحلة بين مدينة شيراز الإيرانية وجدة السعودية وكان على متنها 182 مسافرا، حيث اقتيدت الى القاهرة أولا ثم الى روما. وانتهت عملية الاختطاف هذه بعد 53 من تدخل الشرطة الإيطالية لتعود بعدها الطائرة والمسافرون المختطفون الى إيران.
بعد هذا الحادث، تم اختطاف طائرة بوينغ 727 كانت تنفذ رحلة بين مدينة دبي الإماراتية وشيراز (جنوب) بعد تدخل طائرتين مقاتلتين عراقيّتين (في عهد صدام البائد) ومساعدة عدد من الخاطفين لتصل هذه الطائرة الى بغداد. وعلى الرغم من أن المسافرين استطاعوا العودة في نهاية المطاف الى إيران على عدة مراحل بوساطة الصليب الأحمر الدّولي، إلّا أن عدد الخاطفين في إيران وباقي الدول كان يتزايد بشكل كبير ما دعا وزير الخارجية السويدي وعددا من الدول الأخرى إلى إطلاق دعوة لمواجهة عمليات اختطاف الطائرات.
حرس الثورة الإسلامية يتوجّه الى المطارات
خلال تلك الفترة الزمنية اتّخذ الامام الخميني (رض) قرارا جديا في مواجهة اختطاف الطائرات، وفي معرض الاشارة الى هذا القرار، الصادر من قبل سماحته، يقول محسن رضائي: لقد"اتصل بي حجة الاسلام السيد أحمد (نجل الامام الخميني) ونقل لي عن الامام قوله بأن يذهب حرس الثورة الإسلامية الى المطارات لاستلامها حيث لا يحق لأي طائرة الإقلاع من دون تواجد حرس الثورة الإسلامية، وعقب ذلك أبلغت قوات حرس الثورة الإسلامية في طهران وقوات الحماية بهذا الأمر".
وبعد 4 أيام من قرار الأمام الخميني (رض) اختُطفت أول طائرة وحاول الخاطفون إجبار قائد الطائرة بالتوجه الى العراق، لكن رجال حرس الثورة الإسلامية الذي كانوا متواجدين على متن الطائرة بلباس مدني أطلقوا النار على المنافقين ليقتلوا أحدهم دون أن تصاب الطائرة بـ أي مكروه واعادوا الركاب الذين كانوا على متنها بسلامة تامة الى المطار.
الحرس الثوري يؤسس قوات حماية للمطارات
في ضوء هذه الاحداث خلال العام 1988، ومع انتهاء الحرب العراقية المفروضة ضد ايران، أصدر الامام الخميني (رض) أمرا الى قائد حرس الثورة الإسلامية في 22 من كانون الأول/ ديسمبر للعام 1988 يقضي بتشكيل قوة حماية المطارات؛ جاء فيه :
" قائد حرس الثورة الإسلامية السيد محسن رضائي
مع الشكر لجهود حرس الثورة الإسلامية في حماية الطائرات والتصدي لخاطفي الطائرات، فإني احييكم وأعتبر أن حرس الثورة الإسلامية وكما في السّابق مسؤول عن حماية الطائرات، وفي حال حدوث حالة اختطاف فإن حرس الثورة الإسلامية هو المسؤول.
روح الله الموسوي الخميني 30/03/1988
عقب ذلك، بعث وزراء الأمن والمواصلات في إيران رسالة الى الإمام الخميني (رض) لمعرفة حدود مسؤولية حرس الثورة الإسلامية في هذا الاطار، ليصرح سماحته في معرض تحديده مسؤولية الحرس الثوري، التي هي "حماية المطارات والطائرات"؛ قائلا:
باسمه تعالى
بناء على التقارير، فإن وضع المطارات في البلاد هو سيء للغاية. بعض الأحيان ومن أجل قطعة من الذهب او هذا القبيل يتم ايذاء المسافرين. المطار يشكل واجهة أي بلد أمام الأجانب. لقد قلت سابقا إن حماية الطائرات تقع على عهدة حرس الثورة الإسلامية. وجزئيات هذا الأمر تقع على عاتق رئيس الوزراء الذي عليه أن يعقد اجتماعا مع المسؤولين المعنيين وأن يحلّوا الأمر. وأنا أؤكد الآن ضرورة أن يشكل السيد رئيس الوزراء جلسة في أسرع وقت ممكن من أجل حل هذه القضية وتقديم تقرير حول الأمر إلي، لكيلا يعاني الناس الألم أكثر من ذلك.
30 عاما من دون عمليات خطف طائرات
منذ ذلك الحين وحتى اليوم حيث مرور 30 عاما، ولم نشهد فيها حادثة اختطاف طائرات في ايران، إضافة كما أننا لم نشهد أي عمليّة إرهابية في مطارات البلاد الى اليوم.
ربّما لم يتصور أحد عندما وضعت هذه المسؤولية على عاتق حرس الثورة الإسلامية في تلك المرحلة، أن يصل الحرس الى هذا المستوى من القوة والاقتدار حيث نجح بنسبة مائة بالمئة في تنفيذ هذه المهمة؛ الأمر الذي يشير الى القدرات الفائقة لحرس الثورة الإسلامية في حماية الرحلات الجوية ومطارات البلاد.
وفي سياق متصل ينقل مسؤولو حماية الطائرات استنادا الى المنظمة الدولية للملاحة أن الخطوط الجوية الإيرانية هي من اكثر الخطوط الجوية امانا في العالم.
/انتهى/