من الذي سرّب أسرار العلماء النووين الإيرانيين وقدمها للموساد؟ + فيديو
طهران / تسنيم // عقب عمليات الاغتيال التي طالت العلماء والخبراء النووين في الجمهورية الإسلامية قبل سنوات، تمكنت قوى الأمن من حل اللغز الأخير في هذه العمليات الإرهابية واعتقال الشخص الذي منح جهاز المخابرات "الإسرائيلي" الموساد معلومات عنهم.
منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران ولا سيما في عام 1981م بدأت موجة محمومة لاغتيال الشخصيات المرموقة في البلاد على يد منظمات إرهابية، والهدف من وراء ذلك هو ضرب الثورة الإسلامية من الصميم، وعلى هذا الأساس شهدت الساحة طوال العقود الأربعة الماضية اغتيال الكثير من الشخصيات البارزة والمؤثّرة في شتى المجالات السياسية وغير السياسية.
في السنوات الأولى من عمر الثورة الإسلامية تركزت عمليات الاغتيال على الشخصيات السياسية والأمنية في الجمهورية الإسلامية الفتية، ولكن على مرّ الزمان وبعد التطور الذي شهدته البلاد على صعيد التقنية النووية وتألق العديد من الخبراء والعلماء النووين الإيرانيين، عجزت القوى المعادية للثورة من عرقلة هذه المسيرة المتنامية ولم تجد بداً سوى التهديد بفرض حظر جائر واللجوء إلى وسائل خبيثة مثل اغتيال الخبراء والعلماء النويين؛ وعلى هذا الأساس اغتيل أول عالم نووي إيراني بتأريخ 12 كانون الثاني / يناير عام 2010م، وهو الدكتور مسعود علي محمدي حين الخروج من منزله، حيث دلت الشواهد على أن التفجير الذي طاله كان بدراجة نارية مفخخة أركنها الإرهابيون أمام باب المنزل.
وبعد أقل من عام واحد من هذه الحادثة الإرهابية، وبتأريخ 29 تشرين الثاني / نوفمبر عام 2010م تعرض عالمان نوويان إلى محاولتي اغتيال على يد عملاء أجهزة مخابرات البلدان المعادية للجمهورية الإسلامية، وذلك في إطار عمليتين منفصلتين، الأولى استهدفت الدكتور مجيد شهرياري أستاذ علم الفيزياء في جامعة الشهيد بهشتي وأدت إلى استشهاده، والأخرى استهدفت الدكتور فريدون عباسي لكنها فشلت بفضل حذاقة هذا العالم.
بعد عدّة أيام من عملية اغتيال الدكتور مجيد شهرياري، أعلنت وزارة الأمن في الجمهورية الإسلامية عن اعتقال منفذ عملية اغتيال الدكتور علي محمدي، وهو الإرهابي مجيد جمالي فشي الذي اعترف بأن جهاز الاستخبارات "الإسرائيلي" (الموساد) هو الذي خطط لهذه العملية الإرهابية وسائر العمليات التي استهدفت العلماء والخبراء النووين في إيران، ولكن رغم ذلك وحتى تلك الآونة لم تتوفر معلومات دقيقة لجهاز الأمن في الجمهورية الإسلامية حول الشخص الذي سرب المعلومات السرية الخاصة بالخبراء والعلماء النووين الإيرانيين ومنحها للأعداء.
بعد ذلك وفي شهر تموز / يوليو عام 2011م اغتيل ثالث عالم نووي إيراني، وهو الخبير داريوش رضائي نجاد، والمؤلم في هذه العملية أن الاغتيال حدث أمام أنظار أسرته، وتوالت هذه العمليات الإرهابية لتبادر القوى الإرهابية المعادية إلى اغتيال الخبير والعالم النووي مصطفى أحمدي روشن بعد خمسة أشهر من اغتيال داريوش رضائي نجاد، ليصبح رابع عالم نووي تطاله المخططات المناهضة للثورة.
الموضوع الجدير بالاهتمام في عمليات الاغتيال هذه أن جميع الشهداء من الخبراء والعلماء النووين الإيرانيين، قد اغتيلوا بطريقة مشابهة وذلك عن طريق عبوات لاصقة باستثناء الشهيد رضائي نجاد الذي اغتيل رمياً بالرصاص.
هذه الشواهد لفتت انتباه جهاز الأمن في الجمهورية الإسلامية، حيث أدركت أن جميع عمليات الاغتيال قد تم التخطيط لها في غرفة عمليات مشتركة وتم تنفيذها بأمر من مصدر واحد، ولكن بقيت مسألة غامضة فيها؛ فيا ترى من الذي سرب المعلومات السرية الخاصة بالعلماء والخبراء النووين الإيرانيين ومنحها للأعداء؟
في شهر نيسان / أبريل عام 2015م اعتقلت قوى الأمن في الجمهورية الإسلامية المشتبه به أحمد رضا جلالي، وهو طبيب تخرج من كلية الطب في إيران ثم أكمل دراسته في الطب النووي بالسويد، ونظراً لتخصصه فقد تم تعيينه كطبيب معتمد في المشاريع الخاصة بالبحوث النووية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
في عام 2008م سافر أحمد رضا جلالي إلى بلجيكا والسويد لمواصلة دراساته، وقد ضاع صيته بعد أن درس في الجامعات الأوروبية وشارك في العديد من المؤتمرات العلمية، حيث قال إنّ إحدى الشركات الأوروبية وظفته بعد إكماله دراسة الدكتوراه، ثم كانت له نشاطات في عدد من الشركات الأمريكية والأوروبية الأخرى، كما أنه كان مسؤولاً عن بعض المشاريع الخاصة التي نفذتها البلدان الأوربية السبعة.
نظراً لتخصصه وشهرته، كانت لجلالي علاقات وثيقة مع العلماء والخبراء النووين في الجمهورية الإسلامية، لذلك دون قائمة بأسمائهم وقدمها لجهاز المخابرات "الإسرائيلي" (الموساد)، لذلك بادر عملاء الصهاينة إلى اغتيال العلماء الذين ذكرناهم على أساس هذه القائمة.
الإجراءات الجاسوسية التي اتخذها هذا العميل كانت تحت مظلة التعاون مع وكالة الأمن في الاتحاد الأوروبي، واعترف حول القضايا التي طلبها منه الموساد قائلاً: في بادئ الأمر عرضوا لي صوراً للمراكز النووية في إيران وطلبوا مني جمع معلومات حولها وإعطائها لهم، وبعد ذلك طلبوا مني معلومات أخرى دقيقة عن الأعمال التي يقوم بها العلماء النوويون.
كما ذكر نوع التوجيات التي تلقاها من جهاز الموساد "الإسرائيلي"، وقال: طلبوا مني كتمان علاقتي معهم بشكل مطلق وعدم البوح بها وكذلك كتمان تعاملي مع المراكز التي تعاونت معها في الاتحاد الأوروبي، أي يجب أن لا أخبر أحداً في إيران بهذه العلاقات.
وقد كانت للموساد أساليب خاصة للارتباط بالعميل أحمد رضا جلالي، وحسب اعترافاته فإن الصهاينة حينما كانوا يريدون طرح موضوع هام عليه في بادئ الأمر يتصلون بهاتفه النقال ثم يطلبون منه الانتظار كي يتصلوا به بهاتف نقال خصصوه لهذا الغرض.
وقد عده الصهاينة في مقابل هذه الأعمال التجسسية، منحه إقامة في إحدي البلدان الأوروبية، وهذا الوعد أغراه كثيراً في التعاون معهم.
ومن جملة الأضرار التي ألحقها هذا الجاسوس بالبرنامج النووي الإيراني، تلك المعلومات التي منحها للمنظمة الدولية للطاقة الذرية والتي أصبحت ذريعة للضغط على الجمهورية الإسلامية وعرقلة برنامجها النووي السلمي.
/ انتهى /