خبراء أمميون يفنّدون خطة ترامب لغزة: فرض "سلام" بأي ثمن وصفة لعدم استقرار أكثر

خبراء أممیون یفنّدون خطة ترامب لغزة: فرض "سلام" بأی ثمن وصفة لعدم استقرار أکثر

أكد خبراء في الأمم المتحدة أنّ العناصر الرئيسية للخطة التي طرحها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لا تتفق بشكل كبير مع القواعد الأساسية للقانون الدولي والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية لعام 2024، "الذي يطالب إسرائيل بإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

 وحذّر الخبراء، في بيان لهم من جنيف، من أنّ أي خطة سلام "يجب أن تحمي حقوق الإنسان للفلسطينيين تماماً، وألا تخلق مزيداً من ظروف القمع"، موضحين أنّ "فرض سلام فوري بأي ثمن، بغض النظر عن القانون والعدالة أو ضدّهما بوقاحة، هو وصفة لمزيد من الظلم والعنف وعدم الاستقرار في المستقبل".

وأوضحوا أيضاً أنّ إعلان إنهاء الحرب ووقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى وتدفق المساعدات الإنسانية وعدم النزوح القسري من غزة وانسحاب القوات الإسرائيلية وعدم ضم الأراضي، هي أمور مرحّب بها، لكنها كلها "تبقى جزءاً من متطلبات واسعة للقانون الدولي، وينبغي ألا تعتمد على خطة سلام من طرف واحد".

في هذا الإطار، فنّد الخبراء النقاط الأساسية التي تطرحها خطة ترامب، مسلّطين الضوء على الثغرات الرئيسية بشأن الجوانب التالية:

1- إنّ حق الفلسطينيين في تقرير المصير، بما في ذلك من خلال إقامة دولة مستقلة، غير مضمون كما يتطلب القانون الدولي، ويخضع لشروط مسبقة غامضة تتعلق بإعادة تطوير غزة، وإصلاح السلطة الفلسطينية، و"حوار" بين "إسرائيل" وفلسطين.

وبالتالي، فإنّ مستقبل فلسطين سيكون تحت رحمة قرارات الغرباء، وليس في أيدي الفلسطينيين كما هي الحال في القانون الدولي. كما تحافظ الخطة على الوضع الراهن الفاشل المتمثّل في طلب مزيد من المفاوضات مع "إسرائيل"، عندما أعلن رئيس الحكومة  الإسرائيلي أنّ "إسرائيل ستقاوم بالقوة" إقامة دولة. وهذا يتعارض بشكل صارخ مع قرار محكمة العدل الدولية، بأنّ الوفاء بحق تقرير المصير لا يمكن أن يكون مشروطاً بالمفاوضات.

2- "الحكومة الانتقالية المؤقتة" لا تمثّل الفلسطينيين، بل وتستبعد السلطة الفلسطينية، وتزيد من انتهاك تقرير المصير وتفتقر إلى الشرعية. ولا توجد معايير أو أطر زمنية ملموسة للانتقال إلى الحكم التمثيلي، الذي ينتمي إلى الفلسطينيين فقط، من دون تدخل أجنبي.

إنّ الرقابة التي يقوم بها "مجلس السلام" برئاسة الرئيس الأميركي ليست تحت سلطة الأمم المتحدة أو سيطرة متعددة الأطراف وشفافة، في حين أنّ الولايات المتحدة مؤيدة لـ"إسرائيل" للغاية وليست "وسيطاً صادقاً". ويذكّر هذا الاقتراح للأسف بالممارسات الاستعمارية ويجب رفضه.

3- إنّ "قوة تحقيق الاستقرار الدولية"، الخارجة عن سيطرة الشعب الفلسطيني والأمم المتحدة كضامن، ستستبدل الاحتلال الإسرائيلي باحتلال تقوده الولايات المتحدة، على عكس تقرير المصير الفلسطيني، ويمكن أن يستمر الاحتلال الإسرائيلي الجزئي إلى أجل غير مسمى من خلال "محيط أمني" داخل حدود غزة، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق.

4- إنّ نزع السلاح من غزة ليس له تاريخ انتهاء، وإذا كان دائماً، فقد يجعلها عرضةً للعدوان الإسرائيلي. لا شيء يُقال فيما يتعلق بنزع السلاح من "إسرائيل"، التي ارتكبت جرائم دولية ضدّ الفلسطينيين وهدّدت السلام والأمن في المنطقة، من خلال العدوان ضدّ الدول الأخرى.

5- يتم فرض القضاء على التطرف على غزة فقط، في حين أنّ المشاعر المعادية للفلسطينيين والعرب والتطرف والتحريض العلني على الإبادة الجماعية كانت سمات مميزة للخطاب السائد في "إسرائيل" على مدى العامين الماضيين. وتتعامل الخطة إلى حد كبير مع غزة بمعزل عن الضفة الغربية، بما في ذلك شرقي القدس، في حين يجب اعتبار هذه المناطق أرضاً ودولةً فلسطينيةً موحدة.

6- يمكن أن تؤدي "خطة التنمية الاقتصادية" و"المنطقة الاقتصادية الخاصة" إلى استغلال أجنبي غير قانوني للموارد من دون موافقة الفلسطينيين.

7- ليس هناك واجب على "إسرائيل" وأولئك الذين واصلوا هجماتها غير القانونية في غزة لتعويض الفلسطينيين عن الأضرار غير القانونية التي لحقت بالحرب.

8- تنصّ الخطة على إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، وفقط بعض الفلسطينيين المحتجزين تعسفاً، ويبدو أنّ "العفو المقدّم لحماس غير مشروط، حتى لو ارتكبوا جرائم دولية" وفق تعبير الخبراء، ما ينكر العدالة لضحايا الجرائم الدولية.

9- لا تتناول الخطة المساءلة على الإطلاق عن الجرائم الدولية الإسرائيلية وانتهاكات حقوق الإنسان ضدّ الشعب الفلسطيني. لا يوجد التزام بالعدالة الانتقالية أو قول الحقيقة التاريخية أو المصالحة الحقيقية. كما لا يوجد وصول مضمون للصحافيين المستقلين. والمساءلة والعدالة جزء لا يتجزأ من السلام المستدام.

10- لا تتناول الخطة قضايا أساسية أخرى مثل إنهاء المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية، بما في ذلك شرقي القدس، والحدود والتعويضات واللاجئين.

11- لا توفر الخطة دوراً رائداً للأمم المتحدة أو الجمعية العامة أو مجلس الأمن، أو على وجه التحديد لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، "الأونروا"، وهو أمر حيوي لمساعدة الفلسطينيين وحمايتهم.

إزاء هذه الملاحظات، أكد الخبراء الأمميون أنّ أي خطة سلام "يجب أن تحترم القواعد الأساسية للقانون الدولي"، وأنّ مستقبل فلسطين يجب أن يكون في أيدي الشعب الفلسطيني، "وليس من قبل الغرباء، في ظل ظروف الإكراه القاسية في مخطط آخر للسيطرة على مصيرهم".

وأشار الخبراء إلى أنّ محكمة العدل الدولية "كانت واضحةً تماماً: لا يمكن وضع شروط على حق الفلسطينيين في تقرير المصير. يجب أن ينتهي الاحتلال الإسرائيلي فوراً، كلياً ومن دون قيد أو شرط، مع تقديم التعويضات الواجبة إلى الفلسطينيين".

وأضافوا أنّ محكمة العدل الدولية "حدّدت الأمم المتحدة على أنّها السلطة الشرعية للإشراف على نهاية الاحتلال والانتقال نحو حل سياسي، يتم فيه تحقيق حقهم في تقرير المصير بشكل كامل، وليس إسرائيل أو أقرب حليف لها".

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة