قاليباف: حزب الله يجري في دماء وعروق الناس… «الوعد الصادق» رد على جرائم الكيان الصهيوني
أكد محمد باقر قاليباف، رئيس مجلس الشورى الإسلامي، أن حزب الله أصبح جزءًا من وجدان الأمة، يسري في دمائها وعروقها وقلوبها، مشددًا على أن عمليات «الوعد الصادق» لم تكن سوى رد طبيعي على جرائم الكيان الصهيوني.
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأنه جاءت تصريحات قاليباف مساء الخميس، خلال مشاركته في مراسم إحياء الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الأمينين العامين لحزب الله، في مدرسة الإمام الكاظم (ع) بمدينة قم، وذلك ضمن زيارته التي استغرقت يومين للمحافظة.
الكيان الصهيوني يسعى لفرض الحروب والسلام بالقوة
وقال قاليباف في كلمته: «لقد سلك الكيان الصهيوني منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حين ثُبّت وجوده بصفقة خيانة بين بريطانيا الملعونة وأمريكا المجرمة واعتُرف به عام 1944، مسارًا واحدًا: حرب ثم صلح ثم حرب ثم هدنة ثم حرب، وهذا هو تاريخه حتى اليوم».
وأشار إلى أن «هذا الكيان كان وما يزال يبحث عن حرب مفروضة أو صلح مفروض»، مؤكداً أن قائد الثورة أشار مراراً إلى أن هذا النهج واضح عبر 76 عاماً من التوسع والعدوان. وأضاف: «حتى في مسار المفاوضات، كما حدث مع ياسر عرفات، لم يتورعوا عن اغتياله بالسم البيولوجي بعد وفاته، وهذا يثبت أن هذا الكيان يقتل حتى من يتفاوض معه».
ولادة حزب الله وتغيير المعادلة
وأضاف رئيس البرلمان الإيراني: «في هذا السياق عاش سيدنا العزيز في عام 1982 حين اجتاح مناحيم بيغن جنوب لبنان، فأسس حزب الله وثبت أقدامه، وحمل الأمناء العامون هذا اللواء وتقدموا به. الإمام الخميني (رض) لطالما أكد قبل وبعد الثورة أن فلسطين هي القضية الأولى للعالم الإسلامي، وبُعيد الانتصار أعلن أن آخر جمعة من رمضان هو يوم القدس لتذكير الأمة بأن هذا الكيان المجرم هو عدو الإسلام والإنسانية جمعاء».
وشدد قاليباف على أن «ثمار وحدة الشيعة في حزب الله تمثلت في انتصارهم على الكيان الصهيوني، فقد استطاع الشهداء العظام، ومنهم السيد عباس والسيد هاشم والسيد حسن الذين تخرجوا من حوزة قم، أن يغيروا المسار ويطردوا إسرائيل من بيروت إلى حدود لبنان، رافعين راية العزة والمقاومة».
من ساحة المقاومة إلى المجتمع والسياسة
وتابع قائلاً: «في حرب تموز عام 2006 أثبتت المقاومة أنها لا تعرف التردد ولا المساومة، وحافظت على وحدتها. لقد شهدنا كيف تجاوز حزب الله وحركة أمل خلافاتهما الداخلية ليتوحدا في مواجهة العدو، وكانت النتيجة انتصارات سياسية واجتماعية لاحقة. فعندما خاض حزب الله الانتخابات لأول مرة وانتصر، خرجت الجماهير في بعلبك والبقاع وبيروت في احتفالات حاشدة، وكل ذلك كان ثمرة جهاد الشهداء».
وأوضح قاليباف أن «القضية الفلسطينية لم تعد قضية إسلامية فقط بل تحولت إلى قضية إنسانية عالمية»، مستشهداً باستطلاع للرأي نشرته نيويورك تايمز أظهر أنه قبل الحرب كان 47% من الأمريكيين يؤيدون إسرائيل مقابل 20% مع فلسطين، لكن بعد الحرب تراجعت نسبة المؤيدين لإسرائيل إلى 34%، فيما ارتفعت نسبة مؤيدي فلسطين إلى 35%.
حزب الله باقٍ في وجدان الأمة
وأكد رئيس البرلمان الإيراني: «رغم الصعوبات، فإن حزب الله حيّ أكثر من أي وقت مضى، وهذه ليست شعارات بل حقيقة. قد تكون هناك إخفاقات أو خسائر، لكن من الخطأ أن يُظن أن المقاومة ضعفت. حزب الله حيّ في دماء وعروق وقلوب الناس».
وأشار إلى أن «بعد اغتيال القيادات وشنّ العدو هجمات متواصلة بالطائرات المسيّرة والطيران والمدرعات، أرسل خمسة أو ستة ألوية كاملة إلى الجنوب اللبناني لكنه عجز عن التقدم خطوة واحدة. كل هذا جرى بعد استشهاد القادة الكبار، وهو ما يثبت أن المقاومة حيّة وقوية».
وأكد بالقول: «عمليات الوعد الصادق جاءت رداً طبيعياً على جرائم الكيان الصهيوني. المقاومة اليوم ليست مجرد تنظيم، بل عقيدة تجري في دماء الأمة».
مسار المقاومة غير قابل للتغيير لأن الشعب هو من حضر الميدان
وأكد محمد باقر قاليباف، رئيس مجلس الشورى الإسلامي، أن المقاومة لم ولن تكون قابلة للتغيير، لأنها تستند إلى حضور الشعب ودعمه المباشر، مضيفًا أن الضغوط الأمريكية والبريطانية المستمرة لإضعاف حزب الله ومحاولات نزع سلاحه أكبر دليل على إدراكهم لقوة المقاومة وخطرها على مشاريعهم.
وقال قاليباف خلال كلمته: «لو كانت المقاومة ضعيفة لما شاهدنا ممثلي أمريكا وبريطانيا يضغطون يوميًا في هذه المنطقة للمطالبة بنزع سلاح حزب الله. إنهم يدركون قوة هذه الجبهة. الدرس الذي نتعلمه هو أن الأمة الإسلامية وقفت إلى جانب المقاومة، وأي تهاون من بعض الحكومات أو تعاونها مع الكيان الصهيوني عبر مشاريع مثل اتفاقيات أبراهام، لا يعني أنهم قادرون على تغيير مسار المقاومة. نجاحنا بدأ منذ اللحظة التي نزل فيها الشعب إلى الميدان».
وأضاف: «كما قال الإمام الخميني (رض): إذا ألقى كل فرد دلوًا من الماء سيغرق الكيان الصهيوني. علينا أن نفهم هذه المقولة بعمق، ونحدد كيف نسير في هذا الطريق. الصراع مع هذا الكيان ليس مجرد نزاع سياسي أو اقتصادي، بل هو حرب وجودية وجوهرية. هذه عقيدتنا وهذا هو الطريق الذي يجب أن نواصل السير فيه».
عمليات «الوعد الصادق» ردّ مباشر على جرائم الكيان الصهيوني
وتابع رئيس البرلمان الإيراني قائلاً: «هذه المجالس التي نُقيمها لذكر الشهداء ليست فقط لتكريمهم، بل لتذكير أنفسنا بأننا مدينون لهم وللإمام الراحل. واليوم، بفضل القيادة الحكيمة لقائد الثورة بعد الإمام، رُفع لواء المقاومة وتحقق لنا نصر لم يسبق أن تحقق خلال سبعين عامًا، إذ تذوّق الكيان الغاصب لأول مرة طعم الهزيمة، بعدما اعتاد أن يعتدي من طرف واحد من دون أن تسقط حتى رصاصة على تل أبيب».
وأوضح: «نحن لم نبدأ أي حرب ولم نسعَ إليها، بل كنا فقط نتمسك بمبادئنا، لكنهم هم من بادروا بالعدوان. ومن هنا جاءت عمليات "الوعد الصادق 1 و2 و3" ردًا طبيعيًا على جرائم الكيان».
وكشف قاليباف أن «قوة المقاومة في تلك العمليات أجبرت قادة الولايات المتحدة على التدخل لوقف الحرب»، موضحًا: «من اليوم السابع والثامن للحرب التي استمرت 12 يومًا، كان المسؤولون الأمريكيون، من نائب الرئيس وصولًا إلى كبار مستشاري البيت الأبيض، يضغطون بشكل محموم من أجل وقف القتال، بعدما تبيّن لهم حجم قوة النار التي واجهوها. صحيح أننا فوجئنا في البداية بتكتيكات العدو في الميدان، لكن خلال ساعات قليلة تبيّن للجميع قوة المقاومة وضعف العدو».
العقيدة العسكرية الإيرانية صاروخية… والكيان الصهيوني يواجه هشاشة اجتماعية وضعفًا في الصمود
قارن رئيس مجلس الشورى الإسلامي محمد باقر قاليباف بين العقيدة العسكرية الإيرانية وتلك التي يعتمدها الكيان الصهيوني، مؤكداً أن «العدو يبني عقيدته على التفوق الجوي، فيما تستند عقيدتنا إلى الصواريخ». وأضاف: «إذا كنا نعاني من ضعف في الجو، فإنهم يعانون من ضعف في الجو والبر معًا. لقد رأيتم كيف واجههم حزب الله على الأرض، واليوم حماس والجهاد الإسلامي يواصلان المقاومة في غزة منذ ما يقارب السنتين، رغم أنها سجن مفتوح، ومع ذلك ما زالت الصواريخ تنطلق منها وتكبّدهم خسائر لم تنجح منظومة القبة الحديدية بكل تقنياتها في إيقافها».
دقة صاروخية أربكت العدو
وأشار قاليباف إلى الفارق بين عمليات «الوعد الصادق» قائلاً: «في العملية الثالثة، التي استمرت 12 يومًا، كان هناك فرق جوهري بين بدايتها ونهايتها. ففي مرحلة ما، اكتشف العدو أننا لم نعد بحاجة إلى مئات الطائرات المسيّرة وعشرات الصواريخ لإصابة أهدافه، بل إن صاروخًا واحدًا أصاب أهم مركز أبحاثه. هذا وحده كشف ضعفهم وأربك حساباتهم».
شهداء الحرب الأخيرة حصيلة 40 عامًا من الجهاد
وتابع رئيس البرلمان الإيراني: «لقد دفعنا ثمنًا غاليًا بخسارة جيل من خيرة القادة الذين كانوا ثمرة أربعة عقود من الثورة والمقاومة. من بينهم الشهيد باقري، الشهيد رشيد، الشهيد سلامي، الشهيد حاجي زاده، الشهيد محرابي وغيرهم. هؤلاء كانوا ذخيرة الثورة منذ بداياتها، وبعضهم كرشيد دخل السجون قبل الثورة وهو في العشرين من عمره وحُكم بالإعدام من قبل السافاك، ثم صار من أبرز قادة الحرب المفروضة. خسارتهم مؤلمة لكن طريقهم باقٍ».
وأكد: «نحن نعترف بوجود ثغرات وأخطاء، فالحرب دائمًا تحمل صعودًا وهبوطًا كما كان الحال مع صدام، لكننا لن نتراجع عن مسيرتنا. لقد شعرت بالفخر عندما قال الشيخ نعيم قاسم الأمين العام لحزب الله، وهو تحت ضغط الوفد الأمريكي في لبنان: إذا خُيّرنا بين التخلي عن السلاح أو الشهادة، فإننا نختار الشهادة. هذا الوضوح هو الذي أجبرهم على التراجع، وهو طريقنا الذي لن نحيد عنه».
أزمة تحمل داخل المجتمع الإسرائيلي
كما تطرق قاليباف إلى الأوضاع الاجتماعية في الكيان الصهيوني، قائلاً: «الإحصاءات التي نشرها العدو نفسه تكشف ضعف تحمل مجتمعه؛ فوفق استطلاعاتهم، 37% فقط من الإسرائيليين متفائلون بالنصر في الحرب، و27% يثقون في تماسك مجتمعهم، و30% فقط يبدون تفاؤلاً بشأن اقتصادهم. هذا ليس مجتمعًا حقيقيًا بل تجمّع مؤقت من مهاجرين، يتركون الأرض عند أول أزمة. خلال فترة قصيرة دخل 20 ألفًا لكن 70 ألفًا غادروا فلسطين المحتلة».
الحفاظ على التماسك الداخلي واجب وطني
وختم رئيس مجلس الشورى بالتأكيد على أن «واجبنا في مثل هذه الظروف هو تعزيز الوحدة الوطنية وحماية التماسك الداخلي». وقال: «شعبنا أظهر أرقى صور النضج والتضحية رغم كل المشكلات والتقصير من قبلنا كمسؤولين. لم يقف إلى جانب النظام مليونان أو عشرون مليونًا فقط، بل لدينا في الداخل والخارج 90 مليونًا يشكلون جبهة صلبة في مواجهة الكيان الصهيوني، وعلينا أن نصون هذه الوحدة وهذا التلاحم».
/انتهى/