عراقجي: أمريكا والترويكا الأوروبية أغلقوا نافذة الفرصة التي زعموا أنهم يسعون إليها

عراقجی: أمریکا والترویکا الأوروبیة أغلقوا نافذة الفرصة التی زعموا أنهم یسعون إلیها

أكد وزير الخارجية الإيراني سيد عباس عراقجي أن أمريكا والدول الأوروبية الثلاث (الترويكا الأوروبية) قد أغلقوا نافذة الفرصة التي كانوا يدّعون البحث عنها.

وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأنه جاءت كلمة عراقجي خلال جلسة مجلس الأمن بعد فشل المجلس في اعتماد مشروع القرار الذي تقدمت به روسيا والصين، نتيجة العرقلة المتوقعة من جانب القوى الغربية.

وقال وزير الخارجية: "الوضع الراهن هو ثمرة انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وعدم التزام الأطراف الأوروبية بتعهداتها".

وفي ما يلي نص الكلمة:

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد الرئيس،

اسمحوا لي أن أبدأ كلمتي بالتعبير عن الامتنان للجزائر، الصين، باكستان، والاتحاد الروسي على تصويتهم الإيجابي لمشروع القرار الذي طُرح دعمًا للدبلوماسية، وسيادة القانون، والعدالة. كما أود أن أشكر الصين وروسيا لتقديمهما هذا المشروع، وللجهود التي بذلاها طوال المفاوضات غير الرسمية مع بقية الأطراف المعنية. كما نثمن قرار كل من غويانا وجمهورية كوريا بعدم التصويت سلبًا على مشروع القرار. هؤلاء جميعًا وقفوا في الجانب الصحيح من التاريخ، إذ إن هذا المشروع كان يعكس جهدًا صادقًا لإبقاء باب الدبلوماسية والحوار مفتوحًا، وتجنب المواجهة والتصعيد.

السيد الرئيس، الزملاء الأعزاء،

منذ عام 1970 وإيران عضو في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، وقد تصرفت دومًا كعضو مسؤول. مارسنا حقنا الأصيل، المنصوص عليه في المعاهدة، في تطوير الطاقة النووية السلمية بشفافية كاملة، ومع استعداد للإجابة على أي تساؤلات بحسن نية. قبل اثني عشر عامًا، دخلت إيران ودول مجموعة (5+1) في حوار؛ حيث اجتمع وزراء الخارجية في الأمم المتحدة واتفقوا على إيجاد حل للملف النووي الإيراني.

بعد مفاوضات جادة استمرت عامين، تم التوصل إلى الاتفاق النووي، وهو إنجاز تاريخي في الدبلوماسية متعددة الأطراف، صادق عليه بالإجماع مجلس الأمن في قراره 2231 (2015). إيران التزمت به بالكامل، وقد أكد ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية في خمسة عشر تقريرًا متتالياً. لم يخضع أي برنامج نووي في العالم لمثل هذه الرقابة الصارمة.

غير أن الولايات المتحدة انسحبت في مايو 2018 بشكل أحادي وغير قانوني من الاتفاق، منتهكة القرار 2231 والقانون الدولي، وأجبرت الدول الأخرى على اتباعها من دون تقديم أي مبرر. ومع ذلك، ظلت إيران ملتزمة بالاتفاق على أمل أن تفي أوروبا بوعودها وتوفر ما يحافظ على جوهر الصفقة، أي رفع العقوبات مقابل التزامات طوعية من جانب إيران. وبعد أكثر من عام من الصبر، وحين تبيّن أن الدول الأوروبية الثلاث لا تريد أو لا تستطيع الوفاء بوعودها، اضطرت إيران إلى اتخاذ خطوات تعويضية وخفض التزاماتها، وفقًا لما ينص عليه الاتفاق نفسه.

لقد كانت إجراءاتنا قانونية، تدريجية، ومطابقة لحقوقنا بموجب الاتفاق والقرار 2231، والأهم أنها صُممت لإعادة التوازن إلى أساس الاتفاق.

السيد الرئيس،

الوضع الحالي هو نتيجة مباشرة لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وفشل الدول الأوروبية الثلاث والاتحاد الأوروبي في الوفاء بالتزاماتهم. أمريكا خانت الدبلوماسية، لكن الأوروبيين هم الذين دفنوها.

لقد واصل الأمريكيون والأوروبيون على السواء تحريف طبيعة البرنامج النووي السلمي الإيراني، مكررين مزاعم كاذبة يروج لها الكيان الإسرائيلي. والحقيقة أن إيران لم تنتهك لا الاتفاق النووي، ولا معاهدة حظر الانتشار، ولا اتفاق الضمانات. والمفارقة أن الكيان الإسرائيلي، وهو الجهة الوحيدة التي تمتلك سلاحًا نوويًا في المنطقة، يواصل اعتداءاته وحروبه، في حين يكرر الغرب ادعاءاته.

إيران ترفض بشكل قاطع جميع أسلحة الدمار الشامل، بما فيها السلاح النووي. هذه الأسلحة محرمة إنسانيًا، وتتعارض مع تعاليم الإسلام ومع عقيدتنا الدفاعية. وقد أكد قائد الثورة الإسلامية مؤخرًا هذا الموقف المبدئي.

ورغم عقود من العقوبات غير المشروعة، واغتيال علماء نوويين، بل وحتى قصف منشآتنا النووية السلمية، فإن إيران لم تنتهك يومًا التزاماتها في إطار الاتفاق النووي أو المعاهدة أو اتفاق الضمانات.

حينما عاد الرئيس الأمريكي ترامب إلى البيت الأبيض مطلع هذا العام ودعا إلى الحوار، استجابت إيران بحسن نية. عقدت خمس جولات تفاوضية، لكن قبيل الجولة السادسة تعرضت منشآتنا النووية ـ الخاضعة لرقابة الوكالة ـ لاعتداء من جانب الكيان الإسرائيلي بدعم أمريكي. كما ارتكب هذا الكيان جرائم إرهابية باغتيال علماء نوويين إيرانيين مع أسرهم، بينهم نساء وأطفال. لم يُدن الأوروبيون ذلك، ولا حتى الوكالة الدولية، بل وصل الأمر بمسؤولين غربيين، مثل المستشار الألماني، إلى الإشادة بدور إسرائيل باعتبارها تؤدي "العمل القذر لأوروبا".

لقد قوبلت مساعي إيران الدبلوماسية بالعدوان، وخيانة أمريكية، وتواطؤ أوروبي. بدل أن ينخرطوا في إحياء الحوار، اختار الأوروبيون التصعيد بتفعيل ما يُسمى آلية "العودة السريعة". لكن إيران اختارت التعاون، ووقّعت مذكرة تفاهم مع الوكالة في القاهرة بتاريخ 9 سبتمبر. ومع ذلك، واجهنا فورًا عراقيل من واشنطن والترويكا الأوروبية.

قدمت إيران عدة مقترحات بنّاءة هنا في نيويورك لتفادي أزمة غير ضرورية، لكن جميعها رُفضت. الأوروبيون والأمريكيون ادعوا دعم الدبلوماسية بينما عملوا على إغلاقها. لقد أثبتت التجربة مجددًا أن التفاوض مع الولايات المتحدة لا يقود إلا إلى "طريق مسدود".

السيد الرئيس،

مشروع القرار الذي قدمته الصين وروسيا كان مبادرة مسؤولة لتجنب التصعيد وإتاحة المجال للدبلوماسية. لكن الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية رفضوه وضغطوا على الآخرين لعدم دعمه. أقوالهم لا تتطابق مع أفعالهم؛ هدفهم تأجيج الأزمة لا إطلاق الدبلوماسية. برفضهم هذه المبادرة، عمّقوا الانقسامات في المجلس وأغلقوا "نافذة الفرصة" التي يزعمون البحث عنها.

موقف إيران واضح:

هذه الآلية التي تحاول الترويكا الأوروبية تفعيلها غير شرعية قانونًا، غير مسؤولة سياسيًا، ومعيبة إجرائيًا. وقد بيّنا ذلك مرارًا في رسائل لمجلس الأمن والأمين العام، كان آخرها الرسالة المشتركة مع روسيا والصين بتاريخ 28 آب/أغسطس 2025، التي أكدت أن تحرك الترويكا لا يشكّل بدءًا قانونيًا لآلية "العودة السريعة".

إيران لا تعترف بأي التزامات ناتجة عن هذه الإجراءات للأسباب التالية:

الأوروبيون الثلاثة خالفوا التزاماتهم بموجب الاتفاق والقرار 2231، وبالتالي فقدوا أي حق في المطالبة بعدم التنفيذ.

مشروع القرار المطروح في 19 أيلول/سبتمبر لم يستوفِ شروط القرار 2231، ولا يمكن أن يعيد عقوبات منتهية. الأمر ذاته ينطبق على مشروع القرار الكوري الجنوبي.

محاولات ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لإحياء العقوبات المنتهية باطلة ولاغية.

بموجب القرار 2231، تنتهي جميع القيود النووية في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2025 بشكل نهائي. وإيران، إلى جانب كثير من الدول، لن تعترف بأي محاولة لإحيائها أو تمديدها بعد هذا التاريخ.

نطالب رئيس مجلس الأمن باعتبار قرار اليوم غير قانوني، ونطلب من الأمين العام الامتناع عن أي دور في إحياء هذه الآليات. وأي محاولة لإعادة فرض عقوبات منتهية يجب أن تُرفض.

السيد الرئيس،

ما جرى اليوم سابقة خطيرة. فإذا أمكن نقض الاتفاقات الدولية بقرار أحادي، فإن الثقة في التزامات الدول ستنهار، وسيخسر مجلس الأمن مصداقيته وسلطته. وهذا يضر ليس فقط بإيران، بل بالنظام القانوني والأمن الجماعي الدولي بأسره.

إن الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث تتحمل المسؤولية الكاملة عن العواقب الجسيمة لهذا القرار. إنهم، عبر تجاهل الحقائق، وتكرار الادعاءات الكاذبة، وتشويه البرنامج السلمي الإيراني، وعرقلة الدبلوماسية، فتحوا الطريق عمدًا أمام تصعيد خطير.

الزملاء الأعزاء،

كما فشلت الهجمات العسكرية في تحقيق أهدافها، ستفشل أيضًا هذه الآلية المزعومة. الحل الوحيد هو الحوار. الاتفاق النووي أثبت ذلك. وإيران لن تستجيب للتهديد أو الضغط، بل فقط للاحترام.

قرار اليوم قضى على ما تبقى من ثقة الشعب الإيراني بوعود الغرب، خصوصًا الترويكا الأوروبية. إن السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية تستند إلى إرادة شعبها. ويقع على عاتق الأوروبيين والأمريكيين تصحيح مسارهم واتخاذ خطوات لبناء الثقة.

أما نحن فسوف نلتزم بما ينص عليه القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة بوضوح: الالتزامات لا يمكن أن تنشأ من آليات غير شرعية أو من غياب الإجماع في مجلس الأمن.

شكرًا لكم.

/انتهى/

المواضيع ذات الصلة
المواضيع ذات الصلة
الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة