مساعد عراقجي: مفتشو الوكالة غادروا إيران طوعاً
أكّد مساعد وزير الخارجية الإيراني، سعيد خطيب زاده، في مقابلة مع شبكة "فونيكس" الصينية، أن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية غادروا إيران طوعاً، قائلاً: "نحن لم نطردهم، لكن بسبب الحرب وبسبب العدوان، شعروا بأن عليهم المغادرة".
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن خطيب زاده أضاف أن البرلمان الإيراني قد صادق على قرار يمنح المجلس الأعلى للأمن القومي الصلاحية الحصرية لتنظيم العلاقة مع الوكالة الدولية، موضحاً أن "العلاقات مع الوكالة ستستمر، لكن بطريقة جديدة تعتمد على المجلس الأعلى للأمن القومي، ولا نعتزم وقف التعاون".
وأشار إلى أن "المفتشين سيعودون إلى إيران خلال الأسابيع المقبلة".
وقال خطيب زاده إن التصعيد دائماً ممكن عندما تكون الولايات المتحدة وإسرائيل طرفاً على الطاولة، مذكّراً بأن إيران لم تبدأ حرباً خلال القرون الماضية وكانت دائماً عنصر استقرار في المنطقة. واعتبر أن "الوعي يتزايد في المنطقة، من مصر إلى تركيا والسعودية ودول الخليج الفارسي، بأن إسرائيل هي التهديد الحقيقي".
وأضاف: "إيران ودول مسؤولة مثل الصين تسعى إلى تفادي نشوب حرب شاملة، لكن إذا فُرض علينا واقع معين، فعلينا أن نُرسل رسالة واضحة: مستقبل المنطقة لا يجب أن يكون تحت الهيمنة الأمريكية-الإسرائيلية، والمفتاح هو قيام دولة فلسطينية".
وفي ما يلي نص مقابلة خطيب زاده:
سؤال: هل تعتقدون، في ظل التقارير الأخيرة حول الاشتباكات الجارية، أن هناك احتمالاً لتصعيد أكبر؟ وما هو الخط الأحمر بالنسبة لإيران؟
خطيب زاده: نعم، احتمالية التصعيد قائمة دوماً، وخصوصاً عندما يكون الطرف الآخر على الطاولة هو إسرائيل والولايات المتحدة. إيران دولة داعمة للسلام، وكانت كذلك دائماً. خلال القرون الماضية، لم تبدأ إيران أي حرب ضد أي طرف. لطالما كانت إيران عاملاً للاستقرار في المنطقة، وهي دولة حضارية تعود جذورها إلى آلاف السنين، وستبقى لآلاف أخرى. إسرائيل، من خلال جرائمها، تحاول أن تجعل إقامة دولة فلسطينية أمراً مستحيلاً. ولهذا، يبقى احتمال التصعيد قائماً. لكن الخط الأحمر اليوم هو الوعي المتزايد في المنطقة، من مصر إلى تركيا، ومن السعودية إلى الخليج الفارسي، بأن التهديد الحقيقي هو إسرائيل. الأمريكيون يحاولون استغلال علاقاتهم في المنطقة لتكريس هيمنتهم، ويعتقدون واهمين أن بإمكانهم من خلال الشرق الأوسط صياغة النظام العالمي المقبل.
هناك إرادة وقدرة في دول كإيران لمواجهة هذا المدّ الإمبراطوري الآتي من واشنطن، ولمقاومة جرائم إسرائيل في المنطقة. وهناك أيضاً مخاوف متزايدة من أن الأمور قد تتجه إلى صراع أوسع أو تصعيد أكبر. ما موقفكم من هذه المخاوف؟
خطيب زاده: نحن في إيران نبذل أقصى جهدنا لتجنّب ذلك. بل إننا، حتى قبل بداية هذا العدوان، حاولنا بكل السبل تفادي نشوب الحرب. لكن احتمال اندلاع حرب شاملة يبقى قائماً، لأن إسرائيل والولايات المتحدة لا تعترفان بأي حدود. يمكننا تغيير هذا الواقع فقط إذا وجّهنا جميعاً رسالة قوية تقول إن مستقبل المنطقة لن يكون كما يتصورونه — حيث تهيمن إسرائيل وأمريكا عسكرياً واستخباراتياً. المنطقة بحاجة إلى استقرار، ومفتاح ذلك هو قيام دولة فلسطينية. قضية فلسطين هي أصل كل ما نعانيه، وإذا رفضت إسرائيل هذا الحق، فهي تزرع كل هذه الأزمات. الحرب ليست بديلاً مقبولاً عمّا نقوم به، وإيران، إلى جانب الصين ودول مسؤولة أخرى، تبذل كل جهد ممكن لتفادي هذا السيناريو المدمر، ليس فقط للمنطقة بل أيضاً للولايات المتحدة نفسها، التي قد تجد نفسها في حرب لا نهاية لها.
سؤال: في السنوات الأخيرة، تعرض عدد من علمائكم العسكريين والنوويين لعمليات اغتيال. هل تعتبرون هذا دليلاً على وجود ثغرات في منظومتكم الاستخباراتية؟ وما الإجراءات المتخذة لمواجهة ذلك؟
خطيب زاده: ينبغي النظر إلى إسرائيل ككيان إرهابي. هذا ليس مجرد رأي، بل حقيقة موثقة تاريخياً. هم أفضل القتلة في العالم، نشأوا على الاغتيالات والتخريب والتضليل. كل من يعارضهم يتعرض للتصفية. هذه العمليات جبانة وخفية. من يعرف واقع العمل الأمني يعلم أنها تشكّل تحدياً كبيراً. نعم، نحن نعمل على مواجهتها. صحيح أن تأمين بلد ضخم كإيران، فيه أكثر من 90 مليون نسمة، ليس بالأمر الهيّن، وربما ترى إسرائيل في الاغتيال وسيلة تكتيكية. ولكننا مصرّون على إيقافهم وجعلهم يدفعون الثمن، ليفهموا أن هذا ليس أسلوباً يمكنهم به التعامل مع الشعب الإيراني.
سؤال: إيران أعلنت مراراً أنها كشفت شبكات مرتبطة بالموساد. هل تعتقدون أن ذلك سيكون رادعاً لمحاولات الاختراق المستقبلية؟
خطيب زاده: لا يجب حصر الأمر بالموساد فقط. ما يجري هو عملية منسقة تشمل الموساد، السي آي إيه، ووكالات غربية أخرى. أجهزتنا الاستخباراتية كانت فعالة جداً في إحباط مخططاتهم. هذه التحديات دفعتنا لإعادة النظر في طرق التصدي لهم داخل إيران. كما أن الموساد ليس وحده من يعمل ضدنا، بل ينشط أيضاً في الصين ودول أخرى. لذلك نحن نتعاون عن كثب مع شركائنا لحرمانهم من تحقيق أهدافهم.
سؤال: هناك تقارير غربية تشير إلى انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان في بعض هذه الاعتقالات. ما ردكم؟
خطيب زاده: حين يتحدث الغرب عن حقوق الإنسان، فهذه نكتة سوداء. بعد ما يجري في غزة من إبادة جماعية، لم يعد لديهم أي شرعية أخلاقية. أوروبا فقدت بوصلتها الاستراتيجية بعد فشلها في حماية مصالحها، وبعد أن تجاهلها ترامب. ما حدث في فلسطين أظهر أنهم فقدوا قيمهم الأخلاقية والثقافية. هم يبررون المجازر ولا يدينون الاعتداءات على منشآتنا النووية الخاضعة لإشراف الوكالة الدولية، وهذا يُسقط عنهم أي حق بالحديث عن القانون الدولي أو حقوق الإنسان. نحن نأخذ حقوق الشعوب على محمل الجد، لا كأداة سياسية كما يفعلون.
سؤال: هل يمكن أن تقدم إيران على إغلاق مضيق هرمز إذا تفاقم التوتر في المنطقة؟
خطيب زاده: حتى خلال حرب الناقلات في الثمانينات، سعت إيران لضمان حرية مرور النفط. نحن عامل استقرار، وهذا مبدأ ثابت. رغم استفزازات إسرائيل، تعاملنا بحكمة. إيران دولة عقلانية، تتصرف بأقصى درجات الحذر. لا نية لدينا لإغلاق المضيق، لكن إذا واجهنا تهديداً وجودياً من الولايات المتحدة، فلن نستبعد أي خيار. هذه منطقتنا، وهذه مياهنا الحيوية، وعلى واشنطن أن تدرك ذلك. اللعب بهذه الأوراق محفوف بالمخاطر.
سؤال: هل لديكم نية للدخول في مفاوضات جديدة شبيهة بالاتفاق النووي؟
خطيب زاده: كنا بالفعل في خضم مفاوضات. كنا في أوسلو قبل العدوان بساعات، ثم توجهنا إلى طهران، وفي فجر اليوم التالي بدأ الهجوم. كنا نتهيأ للجولة السادسة في مسقط. الطرف الآخر كان يبعث برسائل استعداده، لكن هذا العدوان غيّر المعادلة. إذا حصلت مفاوضات في المستقبل، فستكون "مفاوضات مسلحة"، فكلّنا في وضع تأهّب. فقدنا الثقة الكاملة بالطرف الآخر، الذي استغل المفاوضات لتحقيق أجندات خفية. نحن اليوم أكثر حذراً من أي وقت مضى.
سؤال: ما هي شروطكم الأساسية إذا قررتم استئناف التفاوض مع أمريكا؟
خطيب زاده: لسنا في عجلة، ما لم نحصل على ضمانات حقيقية بأن المفاوضات ستكون مجدية. إسرائيل ليست طرفاً معترفاً به بالنسبة لنا، بل هي كيان غاصب. القضية الفلسطينية هي أولويتنا. أما العلاقات مع أمريكا، فهي قائمة على العداء المتراكم منذ الثورة، من دعم صدام إلى إسقاط طائرتنا المدنية. نحن لا نثق بهم، وربما نحتاج إلى إدارة هذا العداء عبر آلية ما، لكننا لن نستعجل إلا إذا تأكدنا أنهم تخلوا عن أوهامهم القديمة.
/انتهى/