اعتقالات جماعية في السعودية؛ محاربة فساد أم قمع للمعارضة
بدأت موجة جديدة من الاعتقالات لمسؤولين سعوديين بتهم فساد في البلاد، لكن لم يتم الإفصاح عن أي تفاصيل بشأن التهم الموجهة اليهم أو هوياتهم.
بينما يستعد المسؤولون السعوديون للمرحلة التالية وسط تغيير ظاهر في نهج الولايات المتحدة تجاه السعودية في عهد الرئيس جو بايدن، لا سيما بسبب ملفها المرتبط بحقوق الانسان، تستمر موجة الاعتقالات والقمع في السعودية في بُعد جديد.
إصلاحات سعودية شكلية لجذب انتباه الديمقراطيين الأمريكيين
اضطر النظام السعودي للإفراج عن الناشطة السعودية البارزة لجين الهذلول، بعد ثلاث سنوات على اعتقالها، إثر الضغوط الدولية والمنظمات الحقوقية، خاصة بعد تغيير الحكومة الامريكية. وبحسب ناشط إعلامي، فإن ظهور لجين الهذلول بوجهها النحيف وشعرها الأبيض يدل على التعذيب المروع الذي تعرضت له في السجن.
كما قالت هيئة حقوق الإنسان السعودية في بيان لها يوم الاثنين 8 فبراير إنه بموجب القوانين السعودية الجديدة التي تحظر عقوبة الإعدام لمن هم دون سن 18 عاما، حكمت محكمة جنايات الرياض على ثلاثة متهمين بالإعدام لارتكاب جرائم مختلفة بالسجن 10 سنوات بدلا من الاعدام.
وأضافت هيئة حقوق الإنسان السعودية ، أنه بالإضافة إلى علي النمر (ابن شقيق الشهيد النمر)، فقد تم تخفيض الحكمين اللذين صدرا بحق المتهمين داود المرهون وعبد الله الزاهر إلى 10 سنوات سجن لكل منهما، حيث سيتم إطلاق سراح كلا المتهمين في عام 2022.
في غضون ذلك، أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الأسبوع الماضي أنه في خطوة قال إنها ستؤدي إلى نظام قانوني كامل، يعتزم تمرير سلسلة من القوانين الجديدة التي تهدف إلى زيادة كفاءة ونزاهة النظام القضائي في البلاد حسب زعمه.
قمع بن سلمان بذريعة محاربة الفساد وبهدف القضاء على المعارضة
لكن محمد بن سلمان يتحدث عن العدالة وهو يواصل الأمر باعتقال المئات من رجال الأعمال والشعراء والأمراء وعلى وجه الخصوص الاختطاف والاغتيال الوحشي للصحفي المعارض السعودي جمال خاشقجي.
في 4 نوفمبر 2017، أمر العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز بتشكيل منظمة لمكافحة الفساد برئاسة نجله محمد، وبعد ذلك تم اعتقال العشرات من الأمراء والمسؤولين السعوديين الحاليين والسابقين.
وفي أعقاب الاعتقالات، تمكن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من الحصول على أكثر من 106 مليار دولار نقدا وأشياء ثمينة أخرى مقابل الإفراج عن بعض الأمراء.
وفي نوفمبر 2017 اعتقل نحو 381 شخصا في السعودية بتهم الفساد والاختلاس، كان معظمهم في فندق ريتز كارلتون بالرياض. ولا يزال العديد منهم رهن الاعتقال.
وفي الآونة الأخيرة، عاد محمد بن سلمان إلى القمع الجماعي للمسؤولين والأمراء وأصحاب النفوذ بإنشاء ما يسمى لجنة مكافحة الفساد. حيث بدأت هذه العملية بمرسوم ملكي، عندما أقال الملك سلمان بن عبد العزيز عددا من المسؤولين، وخاصة عواد بن عيد البلوي قائد حرس الحدود. كما تم فصل ضابطين ومحافظي منطقة تبوك وعدد من المسؤولين في مشروع البحر الأحمر بتهمة الفساد والاستيلاء على الأراضي.
وفي منتصف عام 2020، أمر ملك السعودية بإقالة الأمير فهد بن تركي قائد القوات المشتركة للتحالف العربي ضد اليمن، وعدد من ضباط وزارة الدفاع تحت مسمى مكافحة الفساد. وصدر أمر الملك سلمان بناء على ما قدمته لجنة مكافحة الفساد السعودية للتحقيق في المعاملات المالية المشبوهة في وزارة الدفاع. كما أمر الملك سلمان بعزل عبد العزيز بن فهد بن تركي أمير منطقة الجوف، والتحقيق في قضية فساده.
وفي أكتوبر / تشرين الأول 2020، اعتقلت هيئة مكافحة الفساد السعودية 45 شخصا، بينهم ستة ضباط بالجيش والشرطة السعوديين، بعد تحقيق بتهم الفساد. وكان من بينهم 13 موظفا حكوميا وأربعة رجال أعمال وخمسة سعوديين يعملون لحساب متعاقدين مع وزارة الدفاع.
وفي نوفمبر / تشرين الثاني من ذلك العام، أعلنت هيئة مراقبة مكافحة الفساد التابعة للحكومة السعودية أن 51 ضابطا في الجيش وموظفا والعديد من الرعايا الأجانب قد اتهموا بالفساد. وتم استجواب تسعة عشر ضابطا بوزارة الدفاع وثلاثة موظفين حكوميين و 18 من رجال الأعمال والمستثمرين وثمانية موظفين في القطاع الخاص وثلاثة أجانب والتحقيق معهم في ست قضايا فساد بلغ مجموعها 328 مليون دولار.
وأعلنت ما يسمى بالهيئة السعودية لمكافحة الفساد عن اعتقال 65 شخصا على صلة بالفساد في البلاد وكان من بين المعتقلين موظفين في الأجهزة الأمنية، وهيئة الغذاء والدواء والبيئة، ووزارة الدفاع. وقالت انهم قد أساءوا استخدام وظائفهم وتلقوا رشاوى.
ويأتي توقيف واحتجاز مسؤولين سعوديين بتهمة الفساد في وقت لم يكشف فيه المسؤولون السعوديون عن تفاصيل حول التهم الموجهة إليهم؛ في الواقع لا توجد شفافية مطلوبة للتعامل مع مثل هذه القضايا في عملية القبض على المتهمين المعنيين في السعودية.
وزعم بن سلمان مدافعا عن موجة الاعتقالات التي طالت مسؤولين سعوديين حاليين وسابقين وما أسماه مكافحة الفساد، بأنه كان يحاول إصلاح اقتصاد بلاده.
في غضون ذلك، وصفت جماعات حقوق الإنسان اعتقال السعودية لمن وصفته بـ "المفسد الاقتصادي" بإبعاد المعارضين لولي العهد السعودي بدلاً من والده وهي خطوة يفسرها الإعلام السعودي على أنها قضية لمكافحة الفساد. وعليه، يعتقد الخبراء أن إقالة المسؤولين عادة ما تكون بسبب الاشتباه في الولاء لولي العهد.
بن سلمان زعيم الفساد في السعودية
في ديسمبر 2020 ، قال "عبد الحكيم الدخيل" نجل "عبد العزيز الدخيل" المساعد السابق لوزارة المالية السعودية المحتجز: نحن لا نعلم شيئا حتى الان عن والدي ولا يسمحون لنا بمكالمته هاتفيا ايضا ولا يوجد نظام قانوني للسجناء السياسيين، ولا يمكننا توكيل محام.
وقال إن محمد بن سلمان ومن حوله يرتكبون أكبر وأخطر أشكال الفساد في البلاد، وتحويل عائدات البلاد إلى حساباتهم الخاصة، ويقومون بمصادرة أراضي المواطنين وممتلكاتهم وشركاتهم.
وفي الآونة الأخيرة، قال المعارض السعودي عبد الرحمن الصحيمي أن محمد بن سلمان يعتزم اتخاذ إجراءات احترازية في الأيام المقبلة، وبالتالي دون إبلاغ الملك سلمان بن عبد العزيز سيصدر أمرا ملكيا بحل هيئة البيعة في السعودية.
وحذر من أن بن سلمان يعتزم اتهام بعض أعضاء هيئة البيعة بالفساد وأن هذا هو النهج الذي اتبعه ولي العهد السعودي في السعودية منذ عدة سنوات للقضاء على منافسيه السياسيين وخصومه.
/انتهى/