الغارديان: دلالات حملة اعتقالات محمد بن سلمان الجديدة
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا أعده مارتن شولوف، يتحدث فيه عن اعتقالات السعودية الأخيرة، واصفا إياها بأنها عملية تطهير استمرت يوم السبت في أنحاء السعودية كلها، بعد زعم محمد بن سلمان أنه أحبط انقلابا كان يحضر له أميران بارزان، ينظر إليهما على أنهما عقبة أمام وصوله إلى العرش.
ويشير التقرير، إلى أن محمد بن سلمان اتهم عمه أحمد بن سلمان، وولي العهد السابق، ابن عمه محمد بن نايف، بالتخطيط للانقلاب ضده، لافتا إلى أنه ينظر إلى هذين الأميرين على أنهما عقبة أمام وصوله إلى العرش.
ويقول شولوف إن اعتقال الأميرين يوم الجمعة صدم السعوديين، وأثار الكثير من التكهنات حول صحة الملك سلمان البالغ من العمر 84 عاما، مشيرا إلى أن المعارضين السعوديين توقعوا أن الإعلان عن حملة الاعتقالات علم محاولة جديدة للدفع باتجاه تولي العرش.
وتفيد الصحيفة بأن تصريحات من داخل البلاط الملكي دعمت هذه التكهنات، التي نقلها مصدر قال إن عملية الاعتقال جاءت بصفتها إجراء وقائيا بعد اعتلال صحة الملك، إلا أن المسؤولين السعوديين نفوا هذه المزاعم بشكل قاطع.
ويذكر التقرير أنه يعتقد أن الملك هو الذي وقع على بلاغ اعتقال شقيقه مع الرجل الذي اختاره أولا ليكون وريث عرشه حتى جاء محمد بن سلمان إلى المشهد وتم تعيينه وليا للعهد في عام 2017، مشيرا إلى أن الأمير قام منذ ذلك الوقت وبشكل مستمر بإزالة كل تهديد له، كما فعل حين اعتقاله رجال المال والأعمال والمسؤولين والأمراء البارزين واحتجازهم في فندق ريتز كارلتون، وإجبارهم على التنازل عن جزء من أموالهم وأرصدتهم، فيما جرد آخرين من مناصبهم.
ويلفت الكاتب إلى أنه بعد عام من الاعتقالات الجماعية قام عملاء للحكومة السعودية بقتل الصحافي جمال خاشقجي وتقطيع جثته عندما دخل القنصلية السعودية في إسطنبول.
وتكشف الصحيفة عن أنه تم إغراء الأمير أحمد، الذي عرف بانتقاداته لولي العهد، بالعودة إلى السعودية، بعد سنوات من المنفى في لندن، لافتة إلى أنه تم النظر إلى عودته على أن الأمير المتشدد بات يتسامح مع الآراء الناقدة له داخل العائلة، وهو رأي رفضه نقاد محمد بن سلمان في الداخل والخارج.
وينوه التقرير إلى أن موقع كل من أحمد ومحمد بن نايف كان بمثابة حماية لهما، فمنذ عزل ابن نايف عن ولاية العهد منع من مغادرة المملكة، وصار يقضي معظم وقته في بيت ريفي خارج الرياض، وتم رصد حركاته ومن عملوا معه، في وقت زادت فيه عمليات القمع ضد المعارضين داخل البلاد.
ويعلق شولوف قائلا إن الملك سلمان ظل صامتا طوال الفترة التي صعد فيها ابنه إلى السلطة، وحول له المشاريع الباذخة، وإعادة هندسة ثقافة المجتمع، التي رفضت الفصل بين الجنسين والتدين، ما كان علامة للدولة السعودية الحديثة.
وتشير الصحيفة إلى أنه يعتقد أن الملك كان على خلاف مع الأمير محمد حول مقتل خاشقجي، الذي قالت المخابرات الأمريكية (سي آي إيه) إنه لم يكن ليتم دون أمر ولي العهد، لافتة إلى أنه اختلف معه أيضا حول بعض التعيينات، لكنه لم يتخذ قرارات للتدخل وسط عمليات التطهير السياسي.
ويذكر التقرير أن الملك استقبل وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب يوم الخميس، وترأس اجتماعا لمجلس الوزراء، وبدا متزنا في كلا اللقاءين، مشيرا إلى أن صحته ظلت محلا للتكهنات، إلا أن من زاروه في الفترة الماضية تحدثوا عن وعيه لما حوله ومشاركته في النقاشات.
ويقول الكاتب إن قوات الأمن السعودية وضعت يوم السبت حواجز في مناطق عدة من الرياض، ما أثار مخاوف عن اضطرابات وأحاديث دون أساس عن قرب تولي ابن سلمان السلطة في بلاده، لافتا إلى أن الملك يخطط لاستقبال قادة مجموعة العشرين في تشرين الثاني/ نوفمبر، وهي المناسبة الأهم في برامج المملكة هذا العام.
وتنقل الصحيفة عن مساعد سابق لوزير سعودي، قوله: "من الصعب التأكد 100% مما يجري"، مشيرا إلى أن الملك بات معزولا، فيما قال دبلوماسي سابق يعرف بالوضع السعودي ومؤامرات القصر، إن عمليات التطهير الجديدة هي جزء من نهج مدروس لإزالة أي معارضة في وقت يحضر فيه محمد بن سلمان نفسه لتولي السلطة.
وتختم "الغارديان" تقريره بالإشارة إلى قول الدبلوماسي، إن ولي العهد لاحق "بني عبدالله وبني فهد وبني سلطان" وجاء دور بني نايف، "ولا يزال هناك واحد من أبنائهم، سعود بن نايف (شقيق محمد بن نايف)، في الرئاسة العامة للمخابرات ويجب أن يذهب، وهذا مثل بغداد في الستينيات من القرن الماضي"، في إشارة إلى الانقلاب الذي شنه صدام حسين، وعزز سلطته داخل حزب البعث ليقود العراق مدة 3 عقود.
/انتهى/