السيد عمار الحكيم في حديثه لـ"تسنيم" : الخطط العسكرية لقاسم سليماني كانت تحقق اكبر النصر بأقل التكاليف
أشار رئيس تيار الحكمة الوطنية في العراق الى دور الشهيد سليماني في محاربة تنظيم داعش الارهابي، وقال: ان خططه العسكرية كانت تحقق اكبر النصر بأقل التكاليف.
استشهد القائد الفريق قاسم سليماني القائد السابق لقوة القدس لحرس الثورة الاسلامية في الساعات الاولى من فجر يوم الجمعة الثالث من كانون الثاني/يناير 2020، عندما كان برفقة عدد من القوات الايرانية والعراقية بمن فيهم الشهيد ابو مهدي المهندس قائد كتائب حزب الله العراق ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي لدى مغادرته مطار بغداد، وذلك بصواريخ اطلقتها طائرات مسيرة تابعة للجيش الاميركي الارهابي، وقد أدى استشهاده الى حصول موجة عظيمة من الغضب والكراهية تجاه اميركا بين شعوب المنطقة وخاصة الشعب الايراني والعراقي.
ومن بين المسؤولين والشخصيات العراقية، الذين كان لديهم صلة مباشرة كبيرة مع هذا الشهيد ؛ " السيد عمار الحكيم" رئيس تيار الحكمة الوطنية في العراق.
إن اسرة الحكيم معروفة وبارزة في العراق وهي من الأسر العلمائية المؤثرة على الساحتين السياسية والاجتماعية في هذا البلد، برز من بينهم آية الله السيد محسن الحكيم والشهيد السيد محمد باقر الحكيم والمرحوم عبدالعزيز الحكيم.
وفي حوار أجرته وكالة تسنيم الدولية للأنباء مع السيد عمار الحكيم، بحثنا دور القائد سليماني في تشكيل وقيادة جبهة المقاومة في مواجهة المحتلين والجماعات الارهابية خاصة في العراق، وقد أجاب مشكورا على اسئلتنا خطيا.
** التقيت للمرة الاولى مع القائد سليماني في حضور الشهيد محمد باقر الحكيم
تسنيم: لقد كنتم من بين الاشخاص ذوي الصلة القريبة طيلة السنوات الماضية مع القائد الشهيد قاسم سليماني، وقد عملتم معه في مختلف المواضيع. فمتى بدأت معرفتكم بالقائد سليماني؟
السيد عمار الحكيم: بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله ، أقدم مجددا التعازي باستشهاد قائد الاسلام العظيم الشهيد قاسم سليماني الى سماحة قائد الثورة والشعب الايراني العظيم وأسرته المحترمة، بدأت معرفتي بالشهيد العزيز منذ عام 2003، اي عندما كنا نستعد للعودة الى العراق بعد سقوط نظام البعث الصدامي.
وفي تلك الفترة، تم تكليفي من قبل شهيد المحراب ( الشهيد السيد محمد باقر الحكيم ) بمسؤولية تنظيم وابتعاث طلبة العلوم الدينية من حوزة قم الى العراق، وقد رأيت القائد سليماني للمرة الاولى في حضور الشهيد الحكيم، وتعرفت عليه، ومنذ ذلك الوقت، اجرينا تنسيقا جيدا للغاية معه في نقل هؤلاء الاعزاء. وبعد ذلك بما أن القائد سليماني كان مسؤولا عن ملف العراق في الجمهورية الاسلامية، كان لدينا تواصل وثيق مع بعض.
تسنيم: كيف كانت صلة القائد الشهيد سليماني مع الشخصيات العراقية البارزة بمن فيهم الشهيد السيد محمد باقر الحكيم والمرحوم السيد عبدالعزيز الحكيم وسائر الشخصيات العراقية؟
السيد عمار الحكيم: كانت بينهم صلة اخوة ودية وحميمة للغاية، وبالحقيقة كانت حديث الخاص والعام، فلا يمكن نسيان توديعه للشهيد الحكيم الى العراق واهتمام الشهيد الخاص بالمرحوم السيد عبدالعزيز الحكيم خلال فترة مرضه.
تسنيم: ما هو تحليلكم عن الميزات الشخصية والادارية للقائد سليماني من حيث الناحية الاخلاقية والتعامل مع الاشخاص وقدرته على توقع الاحداث وتحليلها وإدارة الازمات؟
السيد عمار الحكيم: كان المرحوم الشهيد سليماني شخصا فريدا واستثنائيا. كان يمثل انموذجيا واضحا للإدارة الجهادية سواء في سلوكه الفردي وتعامله الاخلاقي وسواء في مهامه التنظيمية والادارية، بشكل يندر وجوده، لقد كان يتحلى بذكاء تحليلي عالي وقدرة خاصة لتنظيم القوى الميدانية وفاعلية فريدة لا يمكن وصفها في التخطيط للعمليات العسكرية والحروب غير النظامية.
تسنيم: يوجد في جبهة المقاومة الكثير من الاشخاص من مختلف القوميات؛ من ايراني وعراقي وافغاني وسوري ولبناني و... ولكل منهم ثقافته وعقائده. وإلى جانب هذا التباين في القوميات، كان هناك اشخاص من مختلف المذاهب والاديان كالشيعة والسنة والمسيحيين و.. يحاربون جنبا الى جنبا ضد العدو المشترك، كيف تمكن القائد سليماني من جمع كل هؤلاء الاشخاص وكيف أوجد الأجواء الأخوية ليحارب هؤلاء جنبا الى جنب؟
السيد عمار الحكيم: لقد اشرتم الى ملاحظة هامة ودقيقة. لقد كان (سليماني) يتعامل مع كل الاشخاص على السواء بعيدا عن عنصر القومية او العرق او المذهب او الدين. ولم تكن هذه الخلافات مهمة بالنسبة له، بل كان من المهم له تحقيق اهداف الاسلام والثورة. وهذه القضية كانت احد اهم الخصائص الفريدة لشهيدنا العزيز.
* خطط الشهيد سليماني كانت تحقق اكبر النصر بأقل التكاليف
تسنيم: ماذا كان دور القائد سليماني وقوة القدس في مواجهة الازمات الاخيرة بالمنطقة وخاصة مواجهة الجماعات التكفيرية – الارهابية في العراق وسوريا؟
السيد عمار الحكيم: مثلما أشرت آنفا، كان الشهيد يتحلى بذكاء خاص في الحرب غير النظامية وهذه الميزة هي التي أدت الى ان تكون خططه مصحوبة بأقل التكاليف وأكبر الانتصارات.
فعندما احتل داعش الموصل، دخل (سليماني) الى بغداد. وقد كانت اجواء حالكة سائدة على بغداد والمناطق الاخرى. الا انه وبثقته العالية، قدم خطة شاملة لوقف زحف داعش، وكان يعمل على رفع نقاط الضعف والعجز لدى القوات الامنية. وبعد ذلك بدأت موجة الهجمات، وبدأت المناطق تتحرر الواحدة تلو الاخرى من سيطرة داعش.
ان قدرته العالية على التعبئة والتقييم الدقيق لقدرات العدو وتحديد القوة النارية للقوات الموالية والادراك الصحيح عن الحرب النفسية للعدو، أدت الى إضعاف قوة كبيرة كداعش بالتدريج ثم القضاء عليها.
ان التواجد الميداني للشهيد في الجبهات والخطوط الاولى للجبهات، وتفقده شخصيا لمحاور العمليات رغم الاخطار الكبيرة، كان له الدور الهام في إدارة الحروب غير النظامية، وكان مثالا منقطع النظير.
تسنيم: نظرا للتشييع المهيب لهؤلاء الشهداء في ايران والعراق، كيف ترون تأثير دماء الحاج قاسم ورفاقه الى جانب دماء الشهيد ابو مهدي المهندس وسائر الشهداء العراقيين، في الوحدة والتقارب بين الشعبين؟
السيد عمار الحكيم: نظرا لدور هذا الشهيد العظيم ومهامه، فإنه كان يبذل جهوده دوما لتحقيق هذا التقارب في جميع المجالات. ورغم كل مؤامرات الاعداء في المساس بهذه العلاقات الهامة والاستراتيجية ولكن ببركة دماء هؤلاء الشهداء ان شاء الله نشهد مزيدا من توثيق وترسيخ هذه العلاقات، فالمشتركات الموجودة بين الشعبين واسعة وكبيرة، ولابد من وضعها بعين الاعتبار.
تسنيم: كيف تقيمون مستقبل جبهة المقاومة بعد استشهاد الحاج قاسم؟
السيد عمار الحكيم: لا شك ان الدور الخاص للشهيد العزيز في تعزيز جبهة المقاومة كان دورا لا بديل له، ولكننا نأمل ومن خلال تواجد الاخ الفاضل والمجاهد، رفيق الدرب القديم، القائد قاآني وكل الاعزاء معه، بأن نشهد المزيد من تقوية عناصر هذه الجبهة في مختلف المناطق.
تسنيم: لقد ارتكب الاميركان باغتيالهم الشهيد سليماني وابو مهدي المهندس بهذا النحو، ارهابا رسميا، وبطبيعة الحال سيكون له تبعات عليهم، خاصة انهم شاهدوا ردود الفعل على خطوتهم من قبل مختلف الدول وخاصة من قبل الشعبين الايراني والعراقي، فما هي برأيكم تبعات هذه العملية الارهابية على الاميركان؟
السيد عمار الحكيم: ان اهم انتقام لدماء هذا الشهيد العظيم، يتمثل في مواصلة دربه وتحقيق الاهداف التي بذل نفسه من اجل تحقيقها، ونحن في العراق نعتقد انه يجب ان تغادر القوات العسكرية الاجنبية من الاراضي المقدسة لهذا البلد، وان تتحقق السيادة الوطنية والاستقلال السياسي للعراق على يد ابناء الشعب العراقي.
تسنيم: في الختام اذا كان لديكم كلام توجهونه الى الشهيد قاسم سليماني، فماذا ستقولون؟
السيد عمار الحكيم: نقول لشهيدنا الكبير حاج قاسم رحلت عنا وتركت في قلوبنا جرحا غائرا فهنيئا لك الشهادة في سبيل الله لجهادك وجهودك ورزقنا الله اللحاق بك في الدفاع عن الإسلام العظيم وقيمه السامية. وأنت حاضر فينا نهجا وعزما وثباتا.
/ انتهى/