طلال عتريسي لـ "تسنيم": المسيرات الإسرائيلية خطر كبير يجب التصدي له لأنه يهدد كل اللبنانيين وليس فقط المقاومة
أكد الأستاذ في الجامعة اللبنانية د. طلال عتريسي ان الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان حدثت دون أي مبرر، حيث كانت الجبهة هادئة وحصلت هذه الاعتداءات، مما أدى ذلك الى بلورة "إجماع لبناني على أن هذا عدوان يجب الرد عليه".
وأشار المحلل السياسي اللبناني والأستاذ في الجامعة اللبنانية الدكتور "طلال عتريسي" في حوار خاص مع وكالة تسنيم الدولية للأنباء الى انه في حال "تم تحييد سلاح الجو الإسرائيلي أو إضعاف تأثيره (من قبل حزب الله)، فإن الحرب الإسرائيلية على لبنان ستنتهي لأن القوات المدرعة الإسرائيلية تلقت هزيمة كبرى عام 2006 وكان الطيران وحده هو الفاعل في هذه المعركة.
موضحا ان استخدام الطائرات المسيرة من قبل الكيان الإسرائيلي، في حال عدم التصدي له من قبل المقاومة، سيوفر على إسرائيل مهمة أن يقترب الجاسوس من الهدف ويكون ملاصق له.
وانتقد عتريسي صمت الدول العربية إزاء الاعتداءات السافرة المتكررة من قبل الكيان الإسرائيلي على الدول العربية من بينها لبنان، موضحا، ان الخطر الذي بات يعتبر أكبر من عدم إدانة العدوان الإسرائيلي من قبل هذه الدول العربية، هو ان هذه الدول أصبحت في مكان أبعد بكثير عن القضية الفلسطينية وأقرب بكثير إلى الموقف الإسرائيلي.
وفي مايلي نصل الحوار الكامل مع الدكتور طلال عتريسي:
تسنيم: السيد حسن نصر الله قال قبل ايام أن هذه المسيرات الإسرائيلية تفتح باب القتل والاغتيال والإرهاب على امتداد الساحة اللبنانية ولذلك لا يمكن التسامح معها، ونظرا الى الخطر المحدق الذي بات يهدد لبنان من قبل هذه المسيرات، هل بات اللبنانيون اليوم يجمعون أكثر من أي وقت مضى على أن يكون هناك رد من قبل حزب الله على الكيان الإسرائيلي؟
عتريسي: الهدف من كلام السيد نصرالله الرد على بعض المواقف والتصريحات اللبنانية وغير اللبنانية التي قالت أن هذه الطائرات المسيرة غير خطيرة ولم تقم بأي عملية أمنية أو تفجير، أو ما شابه لهذا، هو قام بالتوضيح أن هذه الطائرات المسيرة يمكن أن تقوم بعمليات اغتيال، وأن التدقيق بهذه الطائرات بين أنها تحمل متفجرات وبالتالي أنها تشكل خطرا بأي وقت ممكن، ان تدخل إلى أي غرفة، أي طابق أو شقة وتنفجر و لا يعرف أحد المصدر، لهذا السبب كان يركز على هذه النقطة بأنها خطر وبالتالي أن الإسرائيلي يمكن أن ينفذ أي عملية اغتيال، ويمكن أن يزعزع الوضع الداخلي ويمكن أن تكون الاتهامات داخلية وهذا يؤدي لعدم الاستقرار، لهذا السبب اعتبر أن هذا خطرا كبيرا يجب التصدي له وأنه يهدد كل اللبنانيين وليس فقط المقاومة، هذه هي النقطة الأساسية التي عبر عنها السيد وأراد أن يوضحها للجميع.
النقطة الثانية أنه ركز على الموقف الإيجابي للمسؤولين اللبنانيين يعني رئيس الحكومة، رئيس الجمهورية، ورئيس المجلس النيابي كلهم أجمعوا أن ما حصل هو اعتداء يستحق الرد، خصوصاً أن هذا الاعتداء حدث دون أي مبرر، حيث كانت الجبهة هادئة وحصل الاعتداء وهو أمر مهم للرأي العام اللبناني لأن البعض يقول لا تفعلوا كذا ولا تفعلوا كذا.
اذاً هذه هي المسألة المهمة، النقطة الأولى هي وجود إجماع لبناني على أن هذا عدوان يجب الرد عليه والنقطة الثانية أن هذه الطائرات هي أداة خطيرة يمكن أن تمارس الاغتيال في لبنان ولهذا السبب يجب الرد على هذا الاعتداء.
تسنيم: نحن نعرف انه لحد الآن هناك مازال ملف اغتيال رفيق الحريري مفتوحا وهو يسبب اتهامات متبادلة، ولو حصلت الاغتيالات التي أشار إليها السيد نصر الله من قبل الكيان الإسرائيلي عبر هذه الطائرات المسيرة، دون ان تترك بصمات تؤدي الى اتهام إسرائيل، فان هذا لا شك يمكن أن يشكل عاملا جديدا لانطلاق مثل تلك الاتهامات التي شهدناها خلال عملية اغتيال الحريري، من قبل الأحزاب والتيارات اللبنانية تجاه بعضها البعض، فهل ان مثل هذا الخطر المحتمل في حال عدم التصدي له، من الممكن ان يهدد مستقبل لبنان؟
عتريسي: لهذا السبب السيد كان واضحا وصريحا بأن الاغتيالات يمكن أن تقوم بها هذه الطائرات وإسرائيل خلفها وبالتالي ندخل في دوامة اتهامات داخلية، لهذا السبب المطلوب هو العودة إلى الوضع السابق للردع المتبادل يعني المطلوب هو عدم السماح لإسرائيل باستخدام هذه الطائرات مجدداً لتخريب الوضع الداخلي، اذاً المطلوب العودة لوضع الردع المتبادل لكي تتوقف إسرائيل كلياً عن أي تهديد سواء للمقاومة او للوضع الداخلي اللبناني.
تسنيم: نعرف أن إسرائيل كانت لها سيطرة شبه تامة من الجو على قوات حزب الله خلال حروبها السابقة على لبنان وذلك من خلال اعتمادها بشكل أساسي على سلاح الجو ومن بينها الطائرات المسيرة لجمع المعلومات ومعرفة تحرك القوات وكذلك تحديد أماكن منصات إطلاق الصواريخ، اذن بناء على هذا وإذا ما خرج سلاح الجو الإسرائيلي خلال أي اشتباك قادم هل يمكن القول أن هزيمة إسرائيل القادمة ستكون أضعاف الهزيمة التي لحقت بها عام 2006؟
عتريسي: نعم، بكل تأكيد إذا تم تحييد سلاح الجو أو إضعاف تأثيره فإن الحرب الإسرائيلية ستنتهي لأن القوات المدرعة الإسرائيلية تلقت هزيمة كبرى عام 2006 وكان الطيران وحده هو الفاعل في هذه المعركة من حيث التدمير والقتل وقطع الطرقات وما شابه ذلك. إذا تم تحييد سلاح الجو الإسرائيلي من خلال ما تمتلكه المقاومة، هذا يعني أن اسطورة إسرائيل الكبرى ستكون انتهت.
تسنيم: نعرف ان الكيان الإسرائيلي مارس العديد من الجرائم الإرهابية التي تمثلت في اغتيال العديد من المسؤولين اللبنانيين خلال العقود الماضية وجرت تلك العمليات الإرهابية عادة على يد عملاء لهذا الكيان داخل لبنان، فلماذا باتت تحاول تل أبيب اليوم ممارسة هذه الاغتيالات عبر استخدام الطائرات المسيرة، هل ان المخابرات اللبنانية أفشلت مساعيها لتجنيد العملاء ام ان المرحلة الجديدة تتطلب استخدام تكنولوجيا جديدة؟
عتريسي: أولاً هذه الطائرات المسيرة هي نفسها فشلت في مهمتها، ربما الصدفة ساهمت بهذا الفشل من خلال انفجار الطائرة الأولى وتفكيك الطائرة الثانية التي كانت تحمل متفجرات في داخلها، لكن اسرائيل اليوم بسبب هذا التطور التكنولوجي واستخدام هذه الطائرات المسيرة لم تعد بحاجة أن يأتي جاسوس ويضع قنبلة أو عبوة قرب بيت هذا القائد الفلاني، أو في سيارة القائد الأمني الفلاني أو ما شابه ذلك، هي تستطيع أن تستقدم الجواسيس عن بعد، لكن هذه الطائرات تقوم بالمهمة، ومن هنا تأتي خطورة هذه الطائرات وتركيز السيد نصرالله على خطورة هذه الطائرات، هذا يوفر على إسرائيل مهمة أن يقترب الجاسوس من الهدف ويكون ملاصق للهدف، وبعد ذلك تبقى مهمة الجاسوس عن بعد، وتأتي هذه الطائرة المسيرة لاستهداف الشخص المطلوب، اذا من جهة استخدام هذه الطائرات المسيرة يعتبر خوف من قبل إسرائيل من أن يقترب الجاسوس من الهدف، ومن جهة ثانية، تعتبر الاستفادة من هذه الطائرات بمثابة استخدام للتطور التكنولوجي.
تسنيم: للأسف تعودنا دائما أن نرى الدول العربية تمارس الصمت إزاء أي اعتداء يمارسه الكيان الإسرائيلي على لبنان وهذا ما شهدناه بالتحديد خلال الأيام الماضية حيث لم تدين الدول العربية ماعدا سوريا الاعتداء السافر الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت بالمسيرات الإسرائيلية، لا بل على العكس من ذلك وبمجرد أن أكد السيد حسن نصر الله أن حزب الله سيرد على هذا الاعتداء، أصبحت الماكنة والامبراطورية الإعلامية المعادية لمحور المقاومة تصرخ أن حزب الله يحاول ان يجعل من الشعب اللبناني رهينة، وانه سيعرض لبنان والمنطقة الى الخطر في حال رد على الاعتداءات الإسرائيلية، كيف تفسر هذه المواقف المؤيدة للاعتداءات الإسرائيلية والتي تحاول بث الخوف في نفوس الناس من الرد عليها؟
عتريسي: بعض الدول العربية ودول الخليج (الفارسي) تقوم بالتطبيع العلني مع إسرائيل وتعمل كمن أجل تشكيل تحالف أمني وسياسي مع إسرائيل في مواجهة إيران وحلفاء إيران، لهذا السبب ليس من المستغرب أن تصدر هذه المواقف من بعض المسؤولين في هذه الدول الخليجية ومن قبل ماكنتهم الإعلامية، يؤيد إسرائيل، يؤيد العدوان على حزب الله والمقاومة، هذه المسألة لم تعد جديدة، لم تعد مستغربة، طالما أن زيارات الإسرائيليين إلى هذه الدول أصبحت علنية، المقابلات الإعلامية أصبحت علنية، التطبيع الاقتصادي حصل منذ أسابيع في البحرين، والكلام عن صفقة القرن ومشاركة وتمويل هذه الدول لصفقة القرن لإنهاء القضية الفلسطينية، هذا كله بتقديري أخطر وأكبر من عدم إدانة العدوان الإسرائيلي لأن هذه الدول أصبحت في مكان أبعد بكثير عن القضية الفلسطينية وأقرب بكثير إلى الموقف الإسرائيلي والعلاقات مع إسرائيل.
حاوره / سعيد شاوردي
/انتهى/