كهف "ماهي كور" أو السمك الأعمى في قلب سلسلة جبال زاگرس + صور
محافظة لرستان تجمع بين تراث الماضي وجمال الطبيعة، فهي ذات جبال خضراء شاهقة وسهول غناء شاعة ومعالم تأريخية وطبيعية قل نظيرها في إيران وسائر البلدان، وبما فيها كهف تقطن مياهه أسماك عمياء لا عيون لها من الأساس، لذا فهي فريدة من نوعها في العالم ولأجلها أطلق على محل سكناها اسم كهف "ماهي كور" أي كهف السمك الأعمى.
خاص بوكالة تسنيم الدولية للأنباء- هذا التقرير هو من سلسلة التقارير الخاصة بوكالة تسنيم الدولية للأنباء حول أجمل المعالم الأثرية والأماكن السياحية والدينية في إيران والتي تستقطب سنوياً الملايين من السائحين والزائرين المحليين والأجانب، وهناك الكثير من المناطق التي ما زالت بكراً ولم تشيد فيها مواقع خاصة لتقديم خدمات سياحية لكن يمكن للمتكتشفين ومحبي الطبيعة شد الرحال إليها لاستطلاع معالمها عن كثب والتلذذ بمناظرها الطبيعية والجغرافية الفريدة من نوعها، وإيران هي واحدة من البلدان الأكثر أماناً في العالم وجميع السائحين والزائرين يمضون أوقات ممتعة في أجواء آمنة حين يقصدونها كما أن نفقاتهم المالية أقل بكثير مما ينفقونه فيما لو قصدوا أي بلد سياحي آخر، لذلك فإن أعدادهم تتزايد عاماً بعد عام.
محافظة لرستان تمتاز بخصائص طبيعية لا نظير لها ولا مثيل، فمناظرها تتنوع بين الجبال الشاهقة الخضراء والسهول الفسيحة والأودية الزاخرة بالمياه إلى جانب بوادي قاحلة قفراء، وهذه الميزات تتجلى بأجمعها في مركزها، أي مدينة خرم آباد التي توصف بأنها ديار الفصول الأربعة نظراً لتنوع أجوائها ومعالمها ومناظرها الطبيعية، لذلك اعتبرت بأنها عاصمة طبيعة إيران فهي تستقر بين سلسلة جبال زاگرس الشاهقة الممتدة من أقصى المحافظة إلى أقصاها والتي تغطيها الغابات الغضة الطرية والورود الجميلة الزاهية، لذلك يقصدها السائحون من شتى أرجاء الجمهورية الإسلامية والعالم للراحة والتجوال والاستجمام.
* السمك الأعمى أعجوبة من عجائب الخلقة
من المؤكد أنّنا غير قادرين على إحصاء جميع المعالم الطبيعية في محافظة لرستان ضمن هذا التقرير المقتضب، لذا سوف نسلط الضوء فيه على أحد هذه المعالم الفذة الفريدة من نوعها، ألا وهو كهف "ماهي كور" أي السمك الأعمى، فهذا النوع من السمك ليس لديه عيون وبدنه شفاف كالزجاج ولا يوجد مثيل له في أي مكان آخر في إيران والعالم.
غار "ماهي كور" يقع في منطقة "تنگ هفت" التابعة لمدينة خرم آباد، والسمك المذكور بميزاته الخاصة يعتبر آية من آيات الرب العزيز القدير وأعجوبة من عجائب الخلقة العظيمة، وقد افتقد القدرة على البصر واتسم بجسم شفاف لكونه يعيش في مياه مستقرة داخل كهف مظلم بالكامل تنعدم فيه الرؤية.
الخبير البيئي والمسؤول عن المحميات الطبيعية والبرية في محافظة لرستان السيد محسن أميري صرح لمراسل وكالة تسنيم موضحاً ميزة هذا السمك الأعمى: تم اكتشاف نوعين من السمك الأعمى في هذا الكهف خلال السنوات الماضية، وهو سمك ذو ميزات بدنية وتكوينية خاصة ولا يوجد نظير له في أي مكان آخر من العالم، لذا يمكن للسائح مشاهدته في هذا الكهف فقط.
وأضاف هذا الخبير البيئي أنّه إضافة إلى النوعين المشار إليهما، فقد تم مؤخراً اكتشاف نوع ثالث بواسطة أحد حراس المحمية التي يقع فيها الكهف وهو السيد عيدي حيدري، وأما الأسماء العلمية للانواع الثلاثة من السمك الأعمى فهي كالتالي:
Garratyphlops» » و « «Garralorestanensis و «Eidinemachelius»
وأكد السيد محسن أميري على أنّ هذا السمك لا يمتلك عيون من الأساس وبدنه شفاف بالكامل وكأنه ماء زلال لذلك يمكن مشاهدة أحشائه الداخلية بالعين المجردة، ويبلغ السمكة الواحدة 6 إلى 7 سم فقط، وقال: هذا النوع من السمك اتصف بهذه الميزة لكونه يعيش في داخل كهف مظلم ولا يرى النور طوال حياته، وهذا الأمر بطبيعة الحال أثر على هيئته التكوينية، وفي عام 2003 م تم إدراجها ضمن قائمة الثروات الوطنية التي يجب الحفاظ عليها تحت إشراف دائرة الحفاظ على البيئة في محافظة لرستان، لذلك فإن صيده يعتبر مخالفاً للقانون ويتحمل من يقوم به غرامة مالية، ومن المؤسف أن بناء بعض السدود يهدد حياة هذا النوع من السمك لأن الناس يتسنى لهم اليوم التجوال في هذه المنطقة بسياراتهم الأمر الذي يزيد من صعوبة الحفاظ على طبيعة المنطقة.
* تأريخ اكتشاف السمك الأعمى في كهف "ماهي كور"
في عام 1930 م حينما كانت الأعمال جارية في تشييد سكك الحديد التي تربط بين العاصمة طهران والمناطق الجنوبية، رافق فريق العمل اثنان مع علماء الطبيعة الدنماركيين لأن السكك الحديدية هذه كانت تجتاز معالم طبيعية لم تطلها يد الإنسان بعد لذلك استغل هذان العالمان الفرصة التي أتيحت لهم لاستكشاف معالم إيران الطبيعية.
وخلال تتبعهما لمسير روافد نهري "سيرم" و "كايرود" وجدا حوضاً مائياً على مقربة من قرية "لون" ليكتشفا فيه نوعاً من السمك لم يعرفه علماء الطبيعة قبل ذلك، وهو السمك الأعمى، وإثر ذلك بادرا إلى نقل عدد من الأسماك إلى الدنمارك وأطلق على هذا النوع اسم "إيرانو سيبريس" ليسجل ضمن قائمة الكائنات الحية في الكرة الأرضية، لكن لم يتم إعلان مكان اكتشافه لوسائل الإعلام.
* محافظة لرستان الموطن الوحيد للسمك الأعمى
بعد أن اكتشف علماء الطبيعة الدنماركيون السمك الأعمى في ضواحي محافظة لرستان، زار إيران باحث بريطاني من جامعة أوكسفورد، وهم العالم أنطوني جون سميث في عام 1951 م وحاول اكتشاف هذا النوع من السمك في الكهوف الواقعة بمحافظة كرمان، لكنه عاد خالي الوفاض إلى بلده، فالسلطات الدنماركية لم تعلن محل اكتشافه، ولكنه علم فيما بعد أن مقصوده هو كهف "ماهي كور" في محافظة لرستان، لذلك تتبع آثار العلماء الدنماركيين وفي عام 1956 م قصد هذه المحافظة ليعثر على ضالته ومن ثم نقل عدداً منها إلى بريطانيا.
* النوع الثاني من السمك الأعمى
الطريف فيما حدث أن هذا الخبير البريطان نقل نوعاً آخر من السمك الأعمى يختلف عن ذلك النوع الذي نقله الباحثان الدنماركيان إلى بلدهما، لذلك تم تسجيل هذا النوع باسم علمي هو "باراتشوبيتس سميثي".
بعد عدة سنوات عاد هذا العالم في الشؤون الطبيعية إلى إيران برفقة عدد من الغواصين المختصين بهدف الغوص في أعماق مياة الكف لاستكشاف خفاياه وعجائبه، وقد فعل ذات الأمر الذي بادر إليه الباحثان الدنماركيان حيث لم يصرح لوسائل الإعلام عن مكان تواجد هذه الفصيلة الفريدة من نوعها من السمك الأعمى واكتفى بالقول إنها فصيلة تعيش في أحد كهوف سلسلة جبال زاگرس.
* الطريق المؤدية إلى كهف السمك الأعمى
يقع كهف "ماهي كور" السمك الأعمى شمال غربي قرية "لون" الواقعة في ضواحي محطة قطار منطقة "تنگ هفت" التابعة لمدينة خرم آباد، وهناك طريق بري يؤدي إليه إضافة إلى سكة القطار، والجدير بالذكر أن جميع القطارات التي تمر من ذلك المكان لا تتوقف في هذه المحطة الواقعة في قلب السلسلة الجبلية المذكورة، وإنما يتوقف فيها بعض القطارات فقط.
* البيئة التي يعيش فيها السمك الأعمى
بما أن هذا السمك قد اعتاد على الظلام الدامس، فهو في النهار يغور في أعماق البحيرة الواقعة في باطن الكهف وفي المساء يصعد إلى السطح، وذلك طبعاً في أيام فصل الصيف حينما يعتدل الجو، وتجدر الإشارة إلى أن مياه هذا الكف متصلة بالمياه الجوفية في تلك المنطقة.
/ انتهى/