محافظة خراسان رضوي تزدان جمالاً وقدسية بضريح ثامن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) +صور وفيديو
محافظة خراسان رضوي مزدانة جمالاً وقدسية بمركزية مدينة مشهد التي تحتضن ضريح الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، وعتبته المباركة بمساحتها الشاسعة مزينة بزخارف ونقوش معمارية إيرانية وإسلامية لا نظير لها.
خاص بوكالة تسنيم الدولية للأنباء- هذا التقرير هو من سلسلة التقارير الخاصة بوكالة تسنيم الدولية للأنباء حول أجمل المعالم الأثرية والأماكن السياحية والدينية في إيران والتي تستقطب سنوياً الملايين من السائحين والزائرين المحليين والأجانب، وهناك الكثير من المناطق التي ما زالت بكراً ولم تشيد فيها مواقع خاصة لتقديم خدمات سياحية لكن يمكن للمتكتشفين ومحبي الطبيعة شد الرحال إليها لاستطلاع معالمها عن كثب والتلذذ بمناظرها الطبيعية والجغرافية الفريدة من نوعها، وإيران هي واحدة من البلدان الأكثر أماناً في العالم وجميع السائحين والزائرين يمضون أوقات ممتعة في أجواء آمنة حين يقصدونها كما أن نفقاتهم المالية أقل بكثير مما ينفقونه فيما لو قصدوا أي بلد سياحي آخر، لذلك فإن أعدادهم تتزايد عاماً بعد عام.
مدينة مشهد هي مركز محافظة خراسان رضوي، وقد وسمت هذه المحافظة العريقة بهذا الاسم تيمناً بثامن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، وطوال أيام العام تستقبل أعداداً هائلة من الزائرين والسائحين الذين يفدون إليها من شتى أرجاء الجمهورية الإسلامية والعالم لكنها في فصل الصيف تكتسب طابعاً آخر وروحانية فريدة من نوعها حيث تتضاعف أعداد الزائرين الذين يقصدونها للزيارة والسياحة في آن واحد خلال أيام العطلة نظراً لأجوائها الملائمة معالمها السياحية والدينية المتناثرة في كل بقعة منها، فهي تعد ملاذاً آمناً لعشاق آل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) من كل مكان.
* فن معماري لا نظير له
فضلاً عن المكانة الدينية السامية لضريح الإمام الرضا (عليه السلام) فقد تم تشييد جميع أروقته وملحقاته في إطار فنون معمارية تذهل الناظر لكونها تجمع بين العمارة الإيرانية والإسلامية في آن واحد، وكما هو متعارف فإن باحات أضرحة الأئمة المعصومين (عليهم السلام) يطلق عليها أتباعهم ومحبوهم اسم "صحن"، والعتبة الرضوية بدورها مكونة من عدة باحات جميلة نتطرق فيما يلي إلى بيان جانب من معالمها المعمارية الأصيلة.
* الباحة القديمة (صحن انقلاب) أو (صحن عتيق)
الباحة القديمة في العتبة الرضوية المباركة تسمى "صحن انقلاب" وهذا الاسم أطلق عليها بعد انتصار الثورة الإسلامية المباركة عام 1979 م وكلمة "انقلاب" تعني الثورة، وهي قبل ذلك كانت تسمى "صحن عتيق".
تم تأسيس هذا الصحن بأمر من الأمير علي شير نوايي الذي كان عالماً معروفاً ويشغل منصب وزير في حكومة الملك سلطان حسين بايقرا التيموري، وبعد قرن ونصف القرن من تشييده وفي عهد الملك الصفوي شاه عباس بالتحديد تم ترميمه وتوسيع نطاقه.
الصحن الأول الذي شيده الأمير علي شير نوايي كان يتألف من إيوان جنوبي وباحة وقيل أيضاً أنه اشتمل على بعض المباني في جانبه الغربي، وفيما بعد بادر شاه عباس الصفوي إلى توسيعه من الناحية الشرقية وأضاف إليه إيوانين في الجهة الشمالية وما زالا على ذات الهيئة حتى عصرنا الراهن.
الإيوان الجنوبي من صحن انقلاب يطلق عليه اسم إيوان الذهب "إيوان طلا" أو صحن نادري "إيوان نادري"، ويبلغ ارتفاع سقفه 4,21 م وهو نفس الارتفاع الذي شيده فيه الأمير علي شير نوايي، وقد تم ترصيعه وتزيينه بالذهب في عهد الملك طهماسب الصفوي وفي سنة 1146 هـ أضيفت له قطع ذهبية أخرى.
في مدخل هذا الصحن هناك لوح حجري منقوش عليه اسم السلطان حسين بايقرا وهناك لوح منقوش آخر على جداره دونت فيه سورة مريم، وكلا اللوحين تم نقشهما بواسطة الفنان محمد رضا إمامي الخطاط الشهير في العصر الصفوي، ويرجع تأريخهما بالتحديد إلى سنة 1085 هـ، ويقال إن اللوح الأول كان موجوداً قبل العهد الصفوي ولكن بعد ترميم الإيوان تم تدوينها مرة أخرى بواسطة هذا الخطاط البارع.
المنارة التي تعلو الإيوان الذهب يبلغ ارتفاعها 5,40 م عن أرضية الصحن ويحتمل أنها بنيت في العهد الغزنوي أو السلجوقي، وبعض المصادر التأريخية تفيد بأنها طليت بالذهب في زمان حكومة الملك طهماسب الصفوي الأول، لكن هذا الذهب سرق فيما بعد بواسطة الأوزبك الذين اقتحموا المدينة، وفيما بعد أعيد التذهيب بأمر من الملك نادر شاه أفشار.
وأما الإيوان الشمالي المعروف باسم "إيوان عباسي" فيبلغ ارتفاعه عن أرضية الصحن 50,22 م وقد تم تشييده في عهد شاه عباس الصفوي الأول وتمت زخرفته وتزيينه بنقوش جميلة ونصبت فيها ألواح حجرية منقوشة خلال شتى العهود، وإلى جانبه دفن الأمير علي شير نوايي وتعلوه ثاني منارة في العتبة الرضوية المقدسة، وهذه المنارة الشاهقة المغطاة بقوالب الذهب الخالص تم بناؤها في سنة 1136 هـ بأمر من الملك نادر شاه أفشار، وقد نصبت بشكل يجعل الزائر الذي يدخل مدينة مشهد من الناحية الجنوبية يرى القبة الكبيرة للعتبة متوسطة بين المنارتين الذهبيتين، ولكن لا أحد يعلم ما إن كان هذا الأمر مقصوداً أو أنه مجرّد صدفة.
وأما الإيوان الشرقي لصحن الثورة "صحن انقلاب" فهو يرتفع عن الأرضية بمستوى 26 م وفوقه بنيت "نقاره خانه" التي تعني النقر على الطبل وعزف الأبواق بأسلوب خاص في إيران احتراماً لإحدى الشخصيات؛ وقد تم تشييد هذا الإيوان الجميل في عهد شاه عباس الصفوي ومنذ تلك الآونة وحتى يومنا هذا تم ترميمه عدة مرات، وما زاد من جماله أنه يشتمل على الكثير من الزخارف والأحجار المنقوشة التي تضرب بجذورها في شتى العصور ولا سيما العصرين القاجاري والبهلوي.
المبنى الحالي لنقار خانه يرجع تأريخه إلى العهد البهلوي وهو مكون من طابقين، الطابق الأسفل مخصص للنقر على الطبل المتعارف والعزف على الأبواق وتحفظ فيها بعض الوسائل الخاصة بذلك، وأما الطابق الثاني فهو مخصص للنقر على الطبل المسمى "نقاره".
الإيوان الغربي في هذا الصحن يبلغ ارتفاعه 10,24 م عن سطح الأرضية وهو معروف باسم إيوان الساعة "إيوان ساعت" وفيه لوح حجري منقوش يقع تحت طوقه ودونت فيه كتابات بخط الثلث بيد الخطاط الشهير في العهد الصفوي علي رضا عباسي، وفي سنة 1130 هـ تعرض هذا الإيوان لبعض الأضرار جراء الحرب بين روسيا وإيران حيث قام الروس بقصف مدينة مشهد بالمدافع ولكن حينما تم ترميمه فيما بعد تم تحديد إطار محل إصابة القذائف بشكل دائري ودونت فيها عبارة "محل إصابة قذيفة".
الساعة التي تعلو هذا الإيوان تم نصبها في سنة 1336 هـ ش ويبدو أن أحد الأشخاص قد أهداها للعتبة الرضوية بعد أن أصيب بمرض عضال، حيث نذر أن يهدي هذه الساعة إذا نال شفاءه من الإمام الرضا (عليه السلام)، والجدير بالذكر هناك ساعات أخرى تم وقفها للعتبة الرضوية المقدّسة منذ العهد الصفوي وكل ساعة كانت لها موقوفات يتم استثمار واردها المالي لصيانتها والحفاظ عليها.
قبل هذه الساعة كانت هناك ساعة تعلو الإيوان قد أهديت من قبل الملك القاجاري مظفر الدين شاه قاجار لكنها نقلت إلى الإيوان الجنوبي للصحن وما زالت منصوبة فيه إلى اليوم.
الصحن العتيق فيه ثمانون غرفة وإيوان موزعة في الطابقين الأول والثاني بواقع أربعين إيواناً وغرفة في كلٍّ منهما، ويبدو أنّها شيدت في بادئ الأمر لإقامة الزائرين لكنها تحولت فيما بعد من قبل بعض الانتهازيين إلى محال تجارية حيث تحول الصحن في فترة إلى سوق! لكنها فيما بعد أصبحت مقابر لدفن الأثرياء والشخصيات المعروفة، ولكن في العهد البهلوي أوكلت إلى إدارة العتبة الرضوية لتخرج عن سيطرة الأثرياء الذين استحوذوا عليها.
الغرف الموجودة في الطابق العلوي كانت لفترة من الزمن محلاً لإقامة طلاب العلوم الدينية، وهذا يعني أنها طوال العصور لم تسخر لما قصده الواقف منها، أي أنها لم تخصص لإقامة الزائرين.
والجدير بالذكر أنّ أروع ما في الصحن العتيق "صحن الثورة" ما يسمى بـ "سقا خانه إسماعي طلايي" أو حسب ما يسميه السكنة المحليون "إسمال طلا" وهي موضع لسقاية الزائرين بالماء البارد والعذب تم تشييده في عهد الملك نادر شاه أفشار بواسطة شخص اسمه إسماعيل طلايي لذلك وسمت باسمه، حيث تتكون من حوض مشيد من حجر المرمر على هيئة ستة أضلاع، وقد جيء به من مدينة هرات الأفغانية. على مر الأيام تعرضت سقا خانه للتلف لذلك فقد تم ترميمها في سنة 1345 هـ ش لتظهر على هيئتها التي هي عليها اليوم.
* مسجد "گوهر شاد"
إحدى المعالم البارزة في العتبة الرضوية المقدسة مسجد شهير باسم " گوهر شاد" ويعرف بين الزائرين باسم صح گوهر شاد وهو يعتبر أحد الآثار المعمارية الفذة الموروثة من العهد التيموري حيث تم تشييده في أوائل القرن التاسع الهجري جنوبي ضريح الإمام الرضا (عليه السلام).
يتكون هذا المسجد من أربعة إيوانات وسبعة أروقة، وقد بني بأمر من السيدة گوهر شاد زوجة الميرزا شاهرخ التيموري، وعمارته الفريدة من نوعها أبدعتها أنامل المعمار الإيراني الشهير قوام الدين الشيرازي وذلك في سنة 821 هـ.
جميع جدران هذا المسجد مزينة بالفسفيساء النفيسة والزخارف الروحانية الفريدة من نوعها وقد دونت على جميع أكنافها أسماء الله تعالى وآيات قرآنية وبعض الأحاديث التي تتمحور مواضيعها حول فضل المساجد في الإسلام؛ وأجمل ما فيه منقوشة حجرية باسم "باي سنقر" ابن السيدة گوهر شاد حيث نقشت بخط الثلث الجميل وتم نصبها في أعلا إيوان المقصورة ومن جملة ما دون فيها تأريخ تشييد المسجد.
* صحن جمهوري إسلامي
الباحة الكبيرة في العتبة الرضوية اسمها صحن جمهوري اسلامي، أي صحن الجمهورية الإسلامية، وقد تم تدشين هذا الصحن الواسع الأكناف في عام 1989 م وفيه إيوانان مرتفعان في ناحيتيه الشمالية والجنوبية تعلو كلّ واحد منهما منارة يبلغ ارتفاعها عن سطح الأرضية 32 م، كما فيه إيوان مذهب يقع بناحيته الشرقية.
على جوانب هذا الصحن يوجد شباك من معدن البرونز يمكن للزائر من خلاله مشاهده ضريح الإمام الرضا (عليه السلام).
إذن، هذا الصحن الكبير يتكون من منارتين مذهبتين وإيوان مذهب وشباك من البرونز يطل على ضريح الإمام، وفي وسطه سقا خانه للمياه العذبة؛ لذا فهو يشابه صحن الثورة العتيق "صحن انقلاب" إلى حد كبير ، لذلك يبدو أن مصمميه قد راموا من ذلك بناء نسخة من الصحن العتيق في إطار جديد.
* صحن "نقار خانه"
كما ذكرنا آنفاً فعبارة نقار خانه تعني محل النقر على الطبل والعزف على البوق بأسلوب خاص احتراماً للشخصيات الكبيرة، وهذا الأمر يحدث في العتبة الرضوية المقدسة مرتان في اليوم، إحداهما قبل شروق الشمس بقليل والأخرى قبل غروبها، ومقر نقار خانه هذه فوق البوابة الشرقية لصحن الثورة العتيق "صحن انقلاب" وفي مكان مخصص يطلق عليه هذا الاسم.
عدد العازفين 11 شخصاً يتناوبون في النقر على الطبل والعزف على البوق ويطلق عليهم باللغة الفارسية اسم "عمله شكوه"، حيث يعزفون لإعلام الناس باقتراب نهاية وقت الصلاة واقتراب حلول الصلاة التالية، ولا يتوقف هذا العزف إلا في شهري محرم وصفر وسائر أيام العزاء الدينية.
يقع صحن نقار خانه شرقي العتبة الرضوية وفيه مباني يرجع تأريخها إلى عهد الملك القاجاري فتح علي شاه، ويبلغ طوله 85 م وعرضه 54 م، ويتكون من أربعة إيوانات أشهرها إيوان الذهب الذي يرتبط بشكل مباشر مع بناء الضريح المبارك، حيث تم تذهيبه بهذا الشكل في عهد الملك القاجاري ناصر الدين شاه.
* صحن قدس
الباحة المسماة بـ "صحن قدس" هي إحدى مكونات العتبة الرضوية المقدسة الهامة رغم أنه أصغر صحن فيها، فهو أول ما تم تشييده في العتبة الرضوية بعد انتصار الثورة الإسلامية المباركة، وبعد ذلك توالت الجهود لإعمار وتوسيع العتبة المباركة وتزيينها بشتى الزخارف والنقوش الجميلة.
يقع صحن قدس خلف إيوان مقصورة مسجد گوهر شاد، ويحاذيه من الناحية الشرقية صحن المتحف ومن ناحيته الغربية باحة الشيخ البهائي "بست شيخ بهائي" وأما من الجنوب فهو يجاور الصحن الرضوي الجامع.
يشتمل هذا الصحن الجميل على 14 غرفة في جهته الشمالية و 14 غرفة أخرى في الجهة الجنوبية، وفوق كل واحدة منها تم تدوين اسم أحد المعصومين (عليهم السلام)، ولكن الأمر الذي زاد من شهرته هو وجود محل السقاية الكبير والجميل، والذي يطلق عليه اسم "سقا خانه" وهو يشابه إلى حد كبير "قبة الصخرة" في بيت المقدس، ولكن حجمه يعادل ثمن حجمها وذلك تيمناً بالإمام الرضا (عليه السلام) الذي يعد ثامن أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
المخزن المخصص لمياه السقاية في صحن قدس تبلغ سعته 600 متر مكعب وأضيفت له ثلاجة لتبريد المياه، ونظراً لروعته وجماله فقد اشتهر صحن قدس بسببه.
* الباحة الجديدة "صحن آزادي"
"صحن آزادي" والذي يعني بالعربية صحن الحرية، هو واحد من الباحات الجديدة التي تم تغيير اسمها بعد انتصار الثورة الإسلامية، حيث كان اسمه الصحن الجديد في العهد القاجاري وذلك لأنه بني بعد الصحن العتيق "صحن انقلاب"، فقد تم تشييد الصحن القديم قبل الجديد بـ 200 عام أو 350 عاماً.
المباني والمعالم المعمارية في صحن الحرية هي الغاية في الروعة والجمال، فهو يزين الجانب الشرقي من العتبة الرضوية المقدسة وقد تم تدشينه في سنة 1323 هـ في عهد الملك القاجاري فتح علي شاه، بينما انتهى العمل من زخارفه ونقوشه في عهد حفيده الملك محمد شاه بن الملك ناصر الدين شاه القاجاري.
أبرز معلم في صحن الحرية هو إيوان الذهب الواقع في الجزء الغربي من الصحن، وهو مرتبط برواق دار السعادة، حيث يبلغ ارتفاعه 10,20 م عن سطح أرضية العتبة المقدسة، وقد تم تزيينه بالذهب في عهد الملك ناصر الدين شاه القاجاري، ومن هذا المنطلق سمي بإيوان ناصري.
وأما الإيوان الجنوبي فهو يشتمل على ساعة كبيرة وهي هدية من قبل الملك مظفر الدين شاه وكما ذكرنا سابقاً فهي كانت قبل ذلك تعلو إيوان الصحن العتيق "صحن الثورة"، وأهالي مدينة مشهد القدماء كانوا يعتمدون عليها في معرفة الوقت لأن مدينتهم آنذاك كانت صغيرة وقليلة الضوضاء لذلك كانوا يسمعون صوت ناقوسها حينما يرن معلناً ساعات الليل والنهار، لذلك لم تكن أنظارهم تنفك عن النظر إلى العتبة المباركة طوال الوقت.
يبلغ ارتفاع الإيوان الجنوبي 20 م بينما الإيوان الشرقي يبلغ ارتفاعه عن الأرضية 10,20 م والإيوان الشمالي 20 م حيث تم تزيين الإيوانان الجنوبي والشرقي بزخارف جميلة ونقوش رائعة من الفسيفساء والكتائب النفيسة في عهد الملك القاجاري ناصر الدين شاه، في حين أن الإيوان الشمالي تم تزيينه وزخرفته في العهد البهلوي فقد خضع مراراً لعمليات الصيانة والترميم وزخرفة الفسيفساء فيه يرجع تاريخها إلى سنة 1348 هـ ش.
يشتمل هذا الصحن على 56 غرفة في جانبه الأسفل وكذلك نفس العدد في الجانب الأعلا، وهي تحيط به من كل جوانبه وتشرف عليها إدارة العتبة الرضوية المقدسة، وفي هذه الغرف نقوش حجرية هي الغاية في الروعة والجمال حيث دونت فيها آيات قرآنية وأحاديث للمعصومين (عليهم السلام) وأدعية وأسامي البنائين والمعماريين الذين ساهموا في تشييد الصحن وأسماء الذين تبرعوا ببناء الغرف وأسماء المدفونين فيها، إضافة إلى بعض الأشعار الخاصة بمدح الإمام الرضا (عليه السلام).
* الباحة الرضوية الجامعة "صحن جامع رضوي"
الباحة الجامعة في العتبة الرضوية المقدسة تسمى "صحن جامع رضوي" وهذا الصحن يعتبر المقر الأساسي لإقامة أهم المراسيم والطقوس الدينية وسائر التجمعات التي تقام في الحرم، وتجدر الإشارة إلى أن قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله الإمام السيد علي الخامنئي "حفظه الله" عادة ما يلقي خطاباته في هذا الصحن حينما يتشرف بزيارة جده الإمام الرضا (عليه السلام) ولا سيما في بداية السنة الهجرية الشمسية الجديدة، ناهيك عن أنه محل لإقامة عزاء أيام عاشوراء في شهري محرم وصفر وإقامة سائر مراسيم العزاء للمعصومين (عليهم السلام).
هذا الصحن في غاية الجمال وفيه لوحات كبيرة دونت فيها زيارة الإمام والاستئذان في الدخول، ويمكن للزائر فيه مشاهدة القبة الكبيرة والمنارتين المذهبتين بوضوح، وتبلغ مساحة هذا الصحن الكبير 117 ألف و 584 متراً مربعاً وفيه 55 غرفة وهو يقع في الناحية الجنوبية من الضريح المبارك، ويرتبط برواق الإمام الخميني (رحمه الله) وصحن قدس وباحة الشيخ البهائي، وفيه ثلاثة إيوانات وبوابة كبيرة.
إيوان ولي عصر يقع في جانبه الجنوبي، وإيوان باب الكوثر يقع جانبه الشرقي، وباب الغدير يقع جانبه الغربي، وعلى جانبي كل إيوان تم تشييد منارتين مرتفعتين، ومساحته الشاسعة تدل بوضوح على أنه أكبر صحن في العتبة الرضوية المقدسة حيث يبلغ طوله 363 م وعرضه 167 م.
الجزء المقابل للقبلة في الصحن الرضوي الجامع يحظى بأهمية خاصة، ففيه أكبر إيوان وأعلا منارتين من سائر أجزاء الصحن ويبلغ ارتفاع كل منارة 70 م بينما سائر المنارات لا يتجاوز ارتفاع كل منها 57 م، وهاتان المنارتان هما أعلا منارتين في العتبة الرضوية المقدسة.
في عام 1998 م تم توسيع هذا الصحن وبناء طريق سفلي تحته تمر السيارات من خلاله إلى جانب موقف مخصص لسيارات الزائرين، وأرضيته مغطاة بأجمل أحجار الرخام ذات الألوان الجميلة والمتنوعة، وأما البوابتان الشرقية والغربية فيبلغ ارتفاع كل واحدة منهما 26 م في إطار خمسة طوابق، فالبوابة الرئيسية لدخول الزائرين فيه اسمها باب الكوثر وأما الغربية فهي باب الغدير، وكل إيوان في هاتين البوابتين يبلغ عرضه 17,3 م وتعلوه منارة كبيرة مشيدة من الخرسانة المغطاة بحجر الرخام والفسيفساء والنقوش الجميلة.
يشتمل هذا الصحن الكبير على 6 منارات و 3 إيوانات، وهو يضج بالزائرين في أيام الصيف وأيام عطلة النيروز - رأس السنة الهجرية الشمسية - وهو موضع للتهجد والعبادة.
* صحن هدايت
الباحة المسماة "صحن هدايت" هي الأخرى من المعالم العظيمة في العتبة الرضوية المقدسة، وهذا الصحن تبلغ مساحته 16414 متراً مربعاً ويقع في الجانب الشمال شرقي من الضريح المبارك، وهو يحاذي من جهته الشمال شرقية مركز الدراسات والبحوث الإسلامية والمدرسة الدينية وبوابة الشيخ الطبرسي، وأما من الناحية الجنوب غربية فهو يقابل جامعة العلوم الإسلامية الرضوية وباحية الشيخ الطبرسي ودار الضيافة، ومن الناحية الجنوبية والجنوب شرقية فهو على مقربة من المبنى الإداري لجامعة العلوم الإسلامية الرضوية وسوق "بير بالان دوز" التراثي وبوابة نواب صفوي.
* صحن الكوثر
صحن الكوثر هو باحة جميلة من باحات العتبة الرضوية المقدسة، ويقع في الجانب الشمال شرقي للصحن الرضوي الجامع ويحاذي الجانب الجنوب شرقي من الضريح المبارك، وتبلغ المساحة الإجمالية لجميع مبانيه 15266 متراً مربعاً، في حين أن مساحة أرضه تبلغ 10268 متراً مربعاً، إذ مساحة جميع غرفه تبلغ 4958 متراً مربعاً.
في الناحية الغربية من هذا الصحن يقع رواق جديد اسمه رواق الإمام الخميني (رحمه الله) وكذلك يحاذيه من هذه الناحية صحن الحرية "صحن آزادي"، ويقع في الناحية الجنوب غربية من الصحن الجامع الرضوي وجنوب رغبي حديقة جميلة تم تشييدها هناك، وأما من الناحية الشمال شرقية فهو يقابل بوابة نواب صفوي.
* صحن الغدير
الباحة المسماة "صحن غدير" هي الأخرى من الباحات الرائعة في العتبة الرضوية المباركة.
صحن الغدير تبلغ مساحة بنائه الإجمالية 14414 متراً مربعاً ويقع في الجانب الغربي للصحن الجامع الرضوي وجنوب غربي الضريح المقدس، إذ تبلغ مساحة أرضه 9092 متراً مربعاً في حين أن مساحة غرفه تبلغ 5322 متراً مربعاً.
يحاذي هذا الصحن من ناحيتيه الشرقية والجنوبية الصحن الجامع والحديقة، ومن الناحية الغربية فهو يجاور مجمع الغدير التجاري، وشرقاً يجاور صحن الجمهورية الإسلامية، وأما من جهته الشمال غربية فهو يقابل بوابة الشيرازي.
* صحن الإمام الخميني (رحمه الله) أو صحن المتحف
صحن الإمام الخميني (رحمه الله) الذي كان يسمى قديماً صحن المتحف "صحن موزه" يعد ثالث أقدم باحة في العتبة الرضوية المقدسة، وقبل العهد البهلوي كان يجاور سوقاً قديمة باسم "تيمچه پايين پا" ومدرسة باسم مدرسة سعد الدين، لكن تم هدمهما فيما بعد لتوسيع العتبة.
في عهد الملك رضا شاه تم شراء الأماكن المحاذية للعتبة الرضوية المقدسة لتوسيع نطاقها ومنذ سنة 1316 هـ ش بدأ العمل ببناء الصحن الجديد الذي تم تدشينه في سنة 1324 هـ ش، وفيما بعد تم العمل فيه على قدم وساق للزخرفة والنقوش المختلفة.
كان هذا الصحن في العهد البهلوي مقراً لاستقبال الضيوف الرسميين ولم يكن مفتوحاً أمام الزائرين من عامة الناس، حيث خصص للوفود الرسمية وزعماء مختلف البلدان حينما يقصدون زيارة العتبة الرضوية المقدسة، كما كانت تقام فيه بعض الطقوس والمراسم الخاصة، لكن الأمر تغير بعد انتصار الثورة الإسلامية فشرعت أبوابه لجيمع الزائرين دون استثناء.
هذا الصحن يختلف عن سائر باحات العتبة الرضوية المباركة، فهو لا يشتمل إلا على إيوانين فقط أحدهما يقع في الجهة الشمالية منه والآخر في الجهة الغربية، بينما سائر الباحات تتكون من أربعة إيوانات أساسية.