التحريض السعودي ضد ايران .. من الخفاء الى العلن
اذا كانت زمرة المنافقين لم تفعل شيئا عندما كانت في ذروة قوتها، وعندما كانت مقراتها ومعسكراتها تقع قرب ايران وكان صدام يمدها بكل ما تريد، فهل يا ترى ستفعل شيئا من فنادق باريس؟ من هنا فان ورقة زمرة المنافقين التي تسعى السعودية لاستخدامها ستفشل كما فشلت الأوراق الأخرى.
تسنيم/ خاص/-صالح السيد باقر- لا أدري ماهو القاسم المشترك بين رئيس الاستخبارات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل وزمرة "مجاهدي خلق" ليشارك في مؤتمرهم السنوي الذي عقد يوم أمس السبت في باريس ويلقي كلمة فيه ويعلن تضامنه معهم؟
ولكن كما قيل "اذا عُرف السبب بطل العجب" فاذا أمعنا النظر في تاريخ السياسة السعودية تجاه الجمهورية الاسلامية منذ انطلاقتها وتأسيسها عام 1979 وحتى اليوم، عرفنا لماذا يشارك أمير سعودي في مؤتمر زمرة المنافقين.
وهنا تجدر الاشارة الى انه لم يكن للمعارضين الايرانيين وجود حقيقي في المؤتمر سوى مريم رجوي وعدد من عناصر جماعتها الارهابية، وأما سائر المشاركين فاما أن يكونوا من اللاجئين الايرانيين أو السوريين أو غيرهم من الجنسيات الذين تقطعت بهم السبل وجمعهم البترودولار السعودي في ذلك المكان، أو الذين جمعتهم مؤسسات العلاقات العامة للمؤتمرات من شوارع باريس ليزيدوا من كثافة الحضور.
لذا لا نبالغ اذا قلنا أن المؤتمر كان مؤتمرا سعوديا بامتياز شارك فيه بعض الذين تجذرت الاحقاد في نفوسهم ضد الجمهورية الاسلامية، خاصة أن قناة العربية السعودية قطعت كل برامجها الاعتيادية وبثت بشكل مباشر فقرات المؤتمر ككلمتي مريم رجوي والأمير تركي الفيصل.
نعود الى سؤالنا، لماذا يشارك أمير سعودي في مؤتمر على افتراض انه للمعارضة الايرانية؟
يخطأ من يتصور أن السعودية انتهجت سياسة جديدة تجاه ايران، لان السياسة السعودية تجاه ايران هي هي وان النهج هو هو لم يختلف وان العداء متجذر في نفوس المسؤولين السعوديين تجاه ايران، غاية الأمر ان هذه السياسة انتقلت من الخفاء الى العلن.
وهنا نستعرض على عجالة أبرز نماذج التآمر السعودي ضد ايران، فقد كانت الرياض المشجع الرئيسي لنظام صدام في حربه ضد الجمهورية الاسلامية، ولم تكتف بفتح خزائنها واستيراد السلاح لهذا النظام وحسب بل حثت سائر الدول كالكويت في فتح خزائنها لصدام، بل وحتى السماح له باستخدام اراضيها، واستخراج النفط من حقولها.
وهذا ما أقر به تركي في كلمته بمؤتمر باريس فأكد أن السعودية بل وكافة الدول الخليج الفارسي وقفت الى جانب صدام في حربه ضد الجمهورية الاسلامية.
وقبل أن تنتهي الحرب التي فرضها نظام صدام ضد الجمهورية الاسلامية ارتكبت قوات النظام السعودي مجزرة ضد الحجاج الايرانيين استشهد خلالها أكثر من 400 حاج عام 1987 عندما حاصرت هذه القوات مسيرة البراءة من المشركين واطلقت عليها الرصاص.
وبعدها وخلال حرب صدام ضد ايران قامت السعودية بتجهيز زمرة خلق باحدث الأسلحة والمعدات ليهاجموا ايران من الأراضي العراقية ولكن القوات الايرانية كانت لهم بالمرصاد فدحرتهم في منطقة اسلام آباد غرب البلاد.
كل المؤشرات كانت تدلل على أن السعودية خططت للمجزرة ضد الحجاج من أجل قطع العلاقات مع ايران الى النهاية، غير أن حماقة صدام في غزو الكويت قلبت كل الموازين، فعادت العلاقات بين البلدين وشهدت بعض الهدوء خلال فترة حكم الرئيس هاشمي رفسنجاني والى حد ما خلال حكومة الرئيس خاتمي ولكنها عادت الى تدبير المؤامرات في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس أحمدي نجاد.
لم تعلن الرياض عدائها لايران طيلة الفترة السابقة وغالبا ما كانت تقوم بتحريك هذا البلد أو ذاك ضد الجمهورية الاسلامية، ولعل تحريك الرياض لأبو ظبي في اثارة قضية الجزر الثلاث أبرز مثال على ذلك، حتى بدأ الغرب بالتصعيد ضد ايران فرأت في ذلك فرصة من أجل دفعه لشن حرب ضد الجمهورية الاسلامية، وطالما طلبت الرياض من الجانب الغربي وخاصة الولايات المتحدة بارغام طهران على التخلي عن مواقفها ومبادئها في الدفاع عن المظلومين والقضايا العادلة.
والى جانب تحرك الرياض تحركت تل أبيب وطلبت من مجموعة1+5 بأن تتضمن المفاوضات مع ايران وأي اتفاق التوقيع على معاهدة سلام مع اسرائيل، غير أن طهران أعلنت منذ البداية بأنها لن تخوض في قضايا أخرى مع مجموعة 1+5 غير الملف النووي، ولذلك فان اسرائيل والسعودية كانتا من أشد المعارضين للاتفاق النووي لانه لم يلب مطالبهما.
بعد الاتفاق النووي وعندما فشلت السياسة السعودية فشلا ذريعا في دفع الغرب نحو المواجهة مع ايران، بدأت الرياض بسياسة المواجهة المباشرة مع طهران بعدما كانت تدفع هذا وذاك ضد الجمهورية الاسلامية.
الرياض ارادت توجيه رسالة الى ايران من خلال مشاركة تركي الفيصل في مؤتمر باريس مفادها انها ستستخدم زمرة المنافقين لتحقيق أغراضها.
ولكن هناك بعض الأمور على الرياض أن تدركها، هي:
• بما أن السعودية نقلت معركتها من الخفاء الى العلن، ولم يعد شيئا يردعها عن ذلك (لا علاقات الجوار ولا الاشتراك في الدين) فعلى الرياض أن تتحمل مسؤولية ذلك، وكما يقول المثل فان "البادئ أظلم".
• اذا كانت زمرة المنافقين لم تفعل شيئا عندما كانت في ذروة قوتها، وعندما كانت مقراتها ومعسكراتها تقع قرب ايران وكان صدام يمدها بكل ما تريد، فهل يا ترى ستفعل شيئا من فنادق باريس؟
• أقصى ما ستقوم به زمرة المنافقين هو تقديم معلومات ملفقة وكاذبة حول الوضع الايراني مقابل المال الذي تقدمه السعودية لها، الأمر الذي درجت عليه في السنوات السابقة عندما كان يستخدمها الغرب في التجسس على المنشآت النووية الايرانية.
من هنا فان ورقة زمرة المنافقين التي تسعى السعودية لاستخدامها ستفشل كما فشلت الأوراق الأخرى، هذا اذا كانت الرياض جادة في استخدامها ولم ترم من وراء مؤتمر باريس التهويل الاعلامي والحرب النفسية.
/انتهي/