السفير الإيراني المعين في الرياض لـ"تسنيم": الاتفاق بين إيران والسعودية هو مقدمة لنظام جديد في منطقة الخليج الفارسي
اعتبر السفير الإيراني المعين في الرياض علي رضا عنايتي، أن الاتفاق بين إيران والسعودية هو مقدمة لنظام جديد في منطقة الخليج الفارسي.
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الرياض استأنفت نشاطها بعد سبع سنوات من الإغلاق حيث جاء ذلك عقب الاتفاق بين إيران والسعودية في بكين. الاتفاق الذي أنهى سبع سنوات من القطيعة في العلاقات وأدى إلى عقد اجتماع بين وزيري خارجية البلدين في بكين.
وللحديث عن المستجدات، أجرت وكالة تسنيم حواراً مع علي رضا عنايتي، مدير عام شؤون الخليج الفارسي بوزارة الخارجية وسفير إيران في الرياض. والذي يقف منذ سنوات عديدة على تطورات العلاقات بين إيران ودول الخليج الفارسي، وخاصة السعودية.
حيث أكد عنايتي أن ما حدث بين إيران والسعودية كان أمرا ثنائيا تماما ورغبة مشتركة بين طهران والرياض، وقال، منذ ذلك الحين، شهدنا تطوراً في العلاقات في أمثلة مختلفة، سواء في السعودية أو الكويت أو الإمارات.
وأضاف، يمكن أن يكون للعلاقة بين إيران والسعودية تداعيات مهمة على السلام والاستقرار والاستقلال وتعزيز ثقافة الحوار في المنطقة.
وتابع، الخطوة الأولى والأساسية هي تعيين السفراء، وقد تم ذلك من قبل الجانب السعودي، وتم الانتهاء من المراحل الإدارية الخاصة بالسفير السعودي في طهران، وأعلنا للرياض موافقتنا على السفير المقترح. كما أعلنوا هم عن موافقتهم أيضاً. إنها مسألة ترتيبات إدارية، كما سيرسل (السفراء) بعد استكمال تلك الترتيبات.
وأضاف، نعتقد أن العمل المنجز بين إيران والسعودية سيعود بالمنفعة على كلا البلدين والمنطقة ومحيط خارج المنطقة.
وتابع، نتوقع أن تكون اللجنة المشتركة للبلدين قادرة على أن تتشكل في ظل الفرصة التي أمامنا و أن تتمكن من تنسيق وتطوير محتوى مختلف جوانب العمل الاقتصادي والتجاري مع السعودية.
وأشار عنايتي إلى أن تطوير العلاقات الثنائية بين إيران والسعودية في منطقة الخليج الفارسي هو مقدمة للتعاون متعدد الأطراف بين الدول.
وأضاف، تصورنا هو أن دول المنطقة يمكن أن تساعد هذه المرحلة من خلال تعزيز الأعمال الموجهة نحو الثقافة والحوار وتمهيد الطريق لتنمية شاملة وليس فقط ذات توجه عسكري بمشاركة جميع دول المنطقة.
وتابع، أما بالنسبة لقضية اليمن، ركز الأشقاء السعوديون على هذه القضية، ولكن من جانب إيران موقفنا أن قضية اليمن قضية تتعلق باليمن نفسه، وهي قضية تدار من قبلهم.
وأضاف، نعتقد أن ما نواجهه في الفترات الحالية، بما في ذلك زيادة النزعة العسكرية، يمكن أن يسير في اتجاه آخر نتيجة هذه التفاهمات، وسنرى انخفاضا في القوات الأجنبية.
وتابع، اقترحنا فكرة منتدى حوار إقليمي مع دول الخليج الفارسي، ونأمل في هذه العملية أن يؤدي النظام والعلاقات الثنائية مع الدول إلى تعاون جماعي وإنشاء منتدى للحوار، وفي المستقبل الذي نأمل ألا يكون بعيدا جدا، سنتوصل إلى ترتيبات أمنية جديدة في المنطقة توفر مصالح الدول الإقليمية وخارج المنطقة.
وفي ما يلي نص الحوار:
تسنيم: إذا كنت موافقاً سنبدأ بالعلاقات الثنائية بين إيران والسعودية. كيف سارت المفاوضات والاتفاق بين إيران والسعودية؟ ماذا حدث عندما توصل البلدان إلى اتفاق لاستئناف العلاقات السياسية؟
عنايتي: في عام 2021، انطلقت المفاوضات الأولى بين إيران والسعودية في بغداد، وجلس البلدان حول طاولة واحدة بحضور رئيس الوزراء العراقي. بعد الجولات الخمس التي جرت بين البلدين والمحادثات الجانبية التي عقدت في مسقط، كان هناك استعراض للعلاقات السابقة بين إيران والسعودية وضرورة الدخول في مرحلة جديدة في هذه العلاقات والإجراءات التي كان من المتوقع أن تصحح المسار السابق. انطلقت هذه المفاوضات بحضور مباشر من قبل العراقيين، وفي النهاية أتت ثمارها في بكين، وتم التوصل إلى اتفاق بين إيران والسعودية في 10 مارس، وبعد ذلك دخلنا مرحلة جديدة من العلاقات الإيرانية السعودية.
تسنيم: كيف تقيمون تقدم وتيرة الاتفاق بين إيران والسعودية؟ هل تمضي وتيرة الاتفاق خطوة بخطوة؟
عنايتي: ما حدث بين إيران والسعودية كان أمرا ثنائيا تماما ورغبة مشتركة بين طهران والرياض. لطالما استندت وجهة نظر طهران إلى أنه يجب توسيع العلاقات مع دول المنطقة. السيد رئيسي أكد في بداية رئاسته الجمهورية على هذه القضية، أي توسيع العلاقات مع الجيران ومراعاة مبدأ حسن الجوار كخارطة طريق لعلاقات إيران الخارجية وسياستها الخارجية، ومنذ ذلك الحين، شهدنا تطوراً في العلاقات في أمثلة مختلفة، سواء في السعودية أو الكويت أو الإمارات. لذلك، لطالما أكدت إيران هذا الأمر وأن تطوير العلاقات مع الجيران يجب أن يكون على رأس أولوياتها.
لمسنا نفس الشعور عند الجانب الآخر ورأينا مثل هذا الأمر. أظهرت السعودية من خلال الدخول في هذه المفاوضات، أنها مستعدة لتحديد صفحة جديدة من العلاقات مع إيران. لقد رحبنا بوجهة نظر السعودية هذه، والتي تتماشى مع وجهة نظر الجمهورية الإسلامية الإيرانية. بدأ البلدان مع بعضهما وأعتقد أن ما حدث بين إيران والسعودية لا يمكن أن يكون رغبة ثنائية فحسب، بل رغبة إقليمية أيضا.
يمكن أن يكون للعلاقة بين إيران والسعودية تداعيات مهمة على السلام والاستقرار والاستقلال وتعزيز ثقافة الحوار في المنطقة. لذلك أؤكد أن هناك وجهة نظر مشتركة على هذا الأساس. واجراءات الجانبين تعبر عن وجهة النظر هذه. جلس الجانبان في بكين، وتم الاعلان رسميا عن استئناف العلاقات في 7 أبريل 2023، وبعد ذلك أعلن الجانبان عن تعيين سفيرهما وكادرهما الدبلوماسي. قام الجانبان بتنشيط سفارتيهما في العاصمتين.
ما تم الاتفاق عليه في بكين كان إعلان العلاقات رسميا، وإعادة فتح السفارات، وتبادل الكار الدبلوماسي والسفراء.
تقدم هذا العمل بشكل متوازن بنسبة خطأ تقارب 5٪. بالطبع أود أن أؤكد أنه لغرض إرسال الحجاج إلى في 20 يونيو من هذا العام، أصررنا على تفعيل سفارتنا وقنصليتنا وإعادة فتحهما لتقديم الخدمات اللازمة لحجاجنا البالغ عددهم 80 ألفا. قمنا بتسريع هذا العمل من أجل دعم الرعايا الإيرانيين، والآن سفارة إيران في السعودية نشطة بشكل كامل، والمشرف على السفارة الإيرانية عقد لقاءات عديدة مع مسؤولي وزارة الخارجية. في هذا القسم، ما نراه من مذكرات واجراءات سعودية، تحاول هذه الدولة فتح سفارتها في الوقت الذي يرونه هم مناسبا.
تسنيم: وزير الخارجية المحترم أمير عبداللهيان أعلن في مقابلة أنه سيتم إرسال السفير إلى الرياض خلال الأيام المقبلة. هل هناك وقت محدد في هذا الصدد؟
عنايتي: الخطوة الأولى والأساسية هي تعيين السفراء، وقد تم ذلك من قبل الجانب السعودي، وتم الانتهاء من المراحل الإدارية الخاصة بالسفير السعودي في طهران، وأعلنا للرياض موافقتنا على السفير المقترح. كما أعلنوا هم عن موافقتهم أيضاً. إنها مسألة ترتيبات إدارية، كما سيرسل (السفراء) بعد استكمال تلك الترتيبات.
تسنيم: البعض يقول إن الفائز بهذا الاتفاق كانت السعودية التي حلت مشاكلها الأمنية. برأيك ما هي المنفعة الناجمة عن التفاهم بين إيران والسعودية لبلدنا؟
عنايتي: أعتقد أن هناك بالفعل منفعة مشتركة لإيران والسعودية في ظل هذا الاتفاق. الأمن ليس مسألة قابلة للتقسيم لتريد دولة حلها والدولة الأخرى لا يمكنها حلها. إذا تم تحديد منفعة، فهي منفعة جماعية لكل من إيران والسعودية ودول المنطقة التي تشملها هذه المنفعة. لذلك، نحن لا نتفق مع تقسيم هذه المنفعة.
نعتقد أن العمل المنجز بين إيران والسعودية سيعود بالمنفعة على كلا البلدين والمنطقة ومحيط خارج المنطقة.
لقد بدأنا نحن والسعودية معاً، وسنواصل العمل ونتوقع أن نحقق معاً نتائج مناسبة وملموسة في مختلف المجالات. العلاقات الإيرانية - السعودية واسعة وعميقة للغاية. نحن في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والنقل والاستثمار والقضايا الشعبية والحج والعمرة والسياحة والقضايا الثقافية وتقارب الشعبين الإيراني والسعودي من بعضهما البعض، هذه كلها عناصر محددة في ضوء العلاقات بين إيران والسعودية. يمكن توسيع هذا المساحة وتعميقها بعزيمة قادة البلدين وبتنفيذها من قبل المؤسسات ذات الصلة، بما في ذلك وزارة الخارجية ووزارة الصناعة ووزارة السياحة وجميع المؤسسات المعنية. نحن نرى العلاقات بين إيران والسعودية واسعة للغاية وسنعمل بجد عليها.
تسنيم: بالنظر إلى القضايا الاقتصادية التي ذكرتها في حديثك، ما هو برأيك مؤشر ومعيار تطور العلاقات الإيرانية السعودية فيما يتعلق بهذه القضايا؟
عنايتي: بالتأكيد، في القطاع الثنائي وحتى التعاون متعدد الأطراف، تعد مسألة الاقتصاد والتجارة وكذلك القضايا ذات الصلة مثل النقل والعبور والاستثمار أحد المؤشرات والمعايير المهمة لإيران والسعودية. لحسن الحظ، لدينا وثيقة مهمة موقعة في هذا المجال. اتفاقية عامة أو شاملة للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والشبابي والرياضي والتكنولوجيا. عندما دخلت العلاقات بين إيران والسعودية مرحلة جديدة تم توقيع هذه الاتفاقية في طهران عام 1998 بين السيد الدكتور خرازي وزير الخارجية المحترم آنذاك، والراحل السيد سعود الفيصل في طهران، ولا تزال هذه الاتفاقية سارية وفاعلة ويمكن أن تكون أساسا مناسبا للتعاون الاقتصادي بين إيران والسعودية. بالطبع نحن بحاجة إلى وثائق أخرى في هذا الصدد، مثل تجنب الازدواج الضريبي، وتشجيع ودعم الاستثمار المتبادل، والاتفاقية الجمركية، أو في قطاع النقل، لدينا اتفاقية نقل جوي.
في القطاعات الأخرى، يمكن اعتبار النقل البحري والبري، الذي أشرت إليه على أنه تعاون متعدد الأطراف، على سبيل المثال، المرور عبر الأراضي العراقية ودخول السعودية عبر طريق الكويت وغير الكويت، يمكن أن يطرح كرمز للتعاون الجماعي في مجال النقل البري أو القل المشترك بين إيران والسعودية. بالتأكيد نرى العديد من الفرص في هذا المجال.
نأمل أن يظهر حجم التبادل التجاري رقما جيدا كأحد المعايير. نتوقع أن تكون اللجنة المشتركة للبلدين قادرة على أن تتشكل في ظل الفرصة التي أمامنا و أن تتمكن من تنسيق وتطوير محتوى مختلف جوانب العمل الاقتصادي والتجاري مع السعودية. سيلعب القطاع الخاص دورا مهما للغاية في هذا المجال. وفي البيان المشترك الذي وقعه وزيرا خارجية البلدين، تم ذكر دور القطاع الخاص بشكل مباشر، وإن شاء الله، ستشهد مختلف جوانب هذه العلاقات تقدما وتوسعا، مما يمكن أن يظهر مدى تقدم هذه العلاقات بشكل عملي وملموس.
تسنيم: كيف تقيم العلاقات الإيرانية السعودية بعد استئناف العلاقات السياسية الثنائية؟
عنايتي: نحن بالتأكيد نرسم أفقا جيدا لهذا التعاون وبدأنا من نقطة مشتركة. حتى قبل اتفاق بكين، في المفاوضات التي جرت في بغداد، أتت بعض أجزاء هذه المفاوضات ثمارها. ذهب زملاؤنا في وزارة الخارجية إلى منظمة التعاون الإسلامي كموظفين دبلوماسيين وتمركزوا هناك.
لقد دخل تعاوننا في المنظمات الإقليمية مع السعودية مرحلة جديدة، ونتوقع في علاقاتنا مع السعودية أن هذه القضايا سيتم تعزيزها وتطويرها في المنظمات الإقليمية والدولية. نأمل أن ندخل من مجال التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف وأن نكون قادرين على تحديد احتياجات المنطقة على أساس التعاون الجماعي والمتبادل والمتكامل.
إن تطوير العلاقات الثنائية بين إيران والسعودية في منطقة الخليج الفارسي هو مقدمة للتعاون متعدد الأطراف بين الدول ونحن نشعر ونشجع وندعم بشكل كامل هذه القدرة في المنطقة أن منطقة الخليج الفارسي بوجود ثماني دول يمكن أن تحدد تعريفا جديدا في المنطقة على أساس التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والاجتماعي. يعني أننا سنشهد أجواء جديدة في المنطقة ونعمل في هذا الاتجاه. بطبيعة الحال، لن نكتفي بهذا الحد وسندخل مرحلة جديدة تقوم على تشكيل أو ايجاد ترتيب جديد للنظام الجديد للمنطقة. مما لا شك فيه أن هذا التعاون ضروري لخلق ورسم سياق جديد في منطقة الخليج الفارسي.
تسنيم: أشرت في حديثك إلى التعاون الجماعي، هل يمكن القول إن الاتفاق بين إيران والسعودية مقدمة لتغيير النظام الأمني في الخليج الفارسي؟
عنايتي: الاتفاق بين إيران والسعودية لا يندرج فقط في نطاق الاتفاق الثنائي وسيكون له أبعاد أخرى أيضا. الأبعاد التي ستشارك فيها دول أخرى أيضاً. وهذا يعني تعاونا ثماني الجوانب في منطقة الخليج الفارسي بمشاركة شمال وجنوب الخليج الفارسي.
في المستقبل، إذا تم وضع أساس التعاون حول خليج فارسي واحد، دون استقطابات وتمحورات إقليمية، سيتم تحديد كيان واحد للخليج الفارسي الذي يشارك فيه شمال وجنوب الخليج الفارسي معا، في ظل جميع الامكانات الموجودة، يمكن أن توفر القدرات الاقتصادية والأمن وأمن الطاقة والاتصالات والنقل، وربط موانئ المنطقة ببعضها البعض، واستخدام امكانات الموانئ الإيرانية للوصول إلى آسيا الوسطى وما وراء القوقاز وروسيا، وكذلك بالمقابل من شمال إيران للوصول إلى الخليج الفارسي، ودول شبه الجزيرة العربية، والوصول إلى المحيطات، كل هذا الفضاء يمكن تحقيقه في منطقة الخليج الفارسي. نحن نرى ونحدد هذا الأفق للخليج الفارسي. الخليج الفارسي الذي يدار من قبل دول المنطقة. من خلال العمل كعمل داخلي في المنطقة بمشاركة دول المنطقة، بالطبع، هذا بالتأكيد ليس بعيد المنال ومن الممكن تحقيقه.
تصورنا هو أن دول المنطقة يمكن أن تساعد هذه المرحلة من خلال تعزيز الأعمال الموجهة نحو الثقافة والحوار وتمهيد الطريق لتنمية شاملة وليس فقط ذات توجه عسكري بمشاركة جميع دول المنطقة وعدم استثناء بعض دول المنطقة، وإن شاء الله ستؤتي ثمارها.
تسنيم: إذا كنت موافق، يمكننا أن نبتعد قليلاً عن العلاقات الثنائية بين إيران والسعودية ونتطرق إلى التطورات الإقليمية. شهدنا في الأيام الماضية زيارة وزير خارجية سلطنة عمان إلى طهران ولقائه مع وزير الخارجية الدكتور أمير عبداللهيان. ما هي القضايا التي تمت مناقشتها في هذا اللقاء وما سبب زيارته إلى طهران؟
عنايتي: علاقاتنا مع سلطنة عمان هي علاقات خاصة، ودائما ما تجري مباحثات ومشاورات مستمرة بين إيران وسلطنة عمان في مختلف المجالات، سواء في الشأن الثنائي أو في مجال القضايا الإقليمية. استضفنا وزير الخارجية العماني السيد بدر بوسعيدي. تم في هذه الزيارة مناقشة العلاقات الثنائية بين إيران وسلطنة عمان. ومن بين القضايا التي تمت مناقشتها، التوضيحات التي قدمتها سابقاً في إطار تفعيل الترانزيت والنقل وما يعرف باتفاقية عشق أباد بين إيران وعمان وتركمانستان وأوزبكستان باعتبارها اتفاقية ملزمة التنفيذ. تم التأكيد على تنفيذ هذه الاتفاقية في الاجتماعات المشتركة للوزراء المعنيين بهذه الاتفاقية سواء وزراء الطرق أو النواب أو المدراء العامين للطرق.
نأمل أن نرى في المستقبل تفعيل هذه الاتفاقية بجدية. ومن القضايا الأخرى المتعلقة بأمن المنطقة، أثير موضوع مقترح إيران حول الحوار الثماني على شكل منتدى حوار إقليمي بين إيران وسلطنة عمان، ونعتبر دائما هذه المباحثات مع عمان ضرورية. لقد زاد حجم تبادلنا مع سلطنة عمان العام الماضي من 300 إلى 400 مليون دولار إلى أكثر من مليار دولار والآن إلى حوالي 2 مليار دولار. العمانيون شريك موثوق لنا، وبالتأكيد نتوقع مستقبلا جيدا للمنطقة في حوارهم مع دول الخليج الفارسي الأخرى.
تسنيم: كانت قضية اليمن من أهم الطروحات في النقاش بين إيران والسعودية. ما آخر المستجدات في هذا الشأن وما هو تقييمك لقضية اليمن؟
عنايتي: يجب أن أؤكد على هذه القضية أن ما بدأنا به مع السعودية، وتقدمت هذه العلاقات من وجهة نظر إيران، كان تصورا ثنائيا تم إيجاده على هذا الأساس، واستمر وأدى إلى النتيجة التي أكدناها على أنها استئناف العلاقات بين إيران والسعودية. أما بالنسبة لقضية اليمن ما هو الترتيب، ركز الأشقاء السعوديون على هذه القضية ، ولكن من جانب إيران موقفنا أن قضية اليمن قضية تتعلق باليمن نفسه، وهي قضية تدار من قبلهم. بالطبع ، كانت وجهة نظرنا بشأن اليمن واضحة منذ عام 2015 أننا لم نكن نعتبر الحرب حلاً لليمن، وفي ذلك الوقت قدمت إيران مبادرة لأربعة أشهر قائمة على الحل السياسي والمساعدات الإنسانية والحوار الشامل والحوار اليمني - اليمني وتشكيل حكومة شاملة. في الواقع ، كان هذا هو الموقف الذي طرحته إيران في عام 2015، ونعتقد أنه صيغة مناسبة لحل قضية اليمن.
لقد أيدنا بالكامل وقف إطلاق النار الذي أعلنته الأمم المتحدة في أبريل من العام الماضي. خلال الفترات التي تم فيها تمديد وقف إطلاق النار ، دعمنا تمديد وقف إطلاق النار. كان تركيزنا في الحديث مع ممثلي الأمم المتحدة وأنصار الله والإخوة العمانيين حول تحقيق الحل السياسي كقضية يمنية بالكامل وأن الشعب اليمني أكثر دراية ووعيا بقضاياه.
ومن بين مواقفنا، أكدنا دائما على ضرورة رفع الحصار وإرسال المساعدات الإنسانية إلى اليمن، ونأمل أن تؤدي الظروف التي يمكن أن تستمر في ظل الهدوء القائم حاليا في اليمن إلى نتائج، وأن يتم حل المشاكل أو العقبات التي كانت قائمة، بما في ذلك قضية المساعدات الإنسانية ، وأن يتم ترتيب أوضاع اليمن، مثل أي دولة أخرى، من قبل أبناء اليمن أنفسهم.
تسنيم: الآن هناك آفاق لتشكيل نظام جديد في المنطقة. ما هو تحليلك لهذا النظام الجديد؟
عنايتي: نحن نواجه وضعا معقدا في منطقة الخليج الفارسي، وهذا النظام الأمني قد يدفع باتجاه أو آخر بالتوجهات التي نشهدها. في قضية الترتيبات الجديدة في منطقة الخليج الفارسي، نعتقد أن الأمن يجب أن يكون داخلياً أكثر وأن دول المنطقة يجب أن تأخذ حصة أكبر في هذا النظام الإقليمي.
نعتقد أن ما نواجهه في الفترات الحالية، بما في ذلك زيادة النزعة العسكرية، يمكن أن يسير في اتجاه آخر نتيجة هذه التفاهمات، وسنرى انخفاضا في القوات الأجنبية. نعتقد أن تعريف الأمن قد تغير من الأمن العسكري إلى الأمن الموجه نحو التنمية، وهو ما تؤكده إيران بشدة على أنه ينبغي عدم تعريف الأمن بمعناه التقليدي فقط، القائم على الأسلحة والقوات العسكرية. نُعرف الأمن على أساس التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والشعبية.
في الواقع، هذه الأبعاد مفيدة ولها تأثير في المفهوم الجديد لإرساء الأمن. هذه هي المفاهيم التي قد نراها في منطقة الخليج الفارسي. إن استبدال المفاهيم التقليدية بمفاهيم جديدة تقوم على التعاون بدلاً من المنافسة والأمن المؤمن داخليا بدلاً من استخدام أو تواجد قوات أجنبية والجمع بين التعاون في منطقة الخليج الفارسي بهذه الطريقة قد يحدد الترتيبات الأمنية لمنطقتنا. بالطبع، في مجال الترتيبات الأمنية الإقليمية، نحن نواجه عنصرا مخربا ومدمرا ومثيرا للفتنة تماما يسمى الكيان الصهيوني، والذي وجد مؤخرا موطئ قدم في منطقة الخليج الفارسي.
نعتقد أن هذا العنصر يشكل تهديدا وعقبة في آن واحد أمام تشكيل نظام جديد بالتعاون مع دول المنطقة. لا يمكن لكيان جوهره الاحتلال والتهديد أن يكون حاضرا كطرف في منطقة الخليج الفارسي. بالطبع، أصدقائنا وأشقاؤنا، الدول التي تستضيف هذا الكيان ولها علاقات مع إسرائيل، أعطونا الضمانات اللازمة في مختلف المجالات. لكن هذه الثقة لا وجود لها بأي حال من الأحوال تجاه الكيان الصهيوني. على أي حال، يعتبر هذا (الكيان) عنصرا مدمرا، ولكن عموماً، كأفق جديد للخليج الفارسي، نتوقع أن تكون دول الخليج الفارسي، في ظل مشاركة ثماني دول في إطار تعاون واسع وقوي، قادرة على خلق حالة جديدة للمنطقة.
وكمقدمة لهذه القضية، اقترحنا فكرة منتدى حوار إقليمي مع دول الخليج الفارسي، ونأمل في هذه العملية أن يؤدي النظام والعلاقات الثنائية مع الدول إلى تعاون جماعي وإنشاء منتدى للحوار، وفي المستقبل الذي نأمل ألا يكون بعيدا جدا، سنتوصل إلى ترتيبات أمنية جديدة في المنطقة توفر مصالح الدول الإقليمية وخارج المنطقة.
تسنيم: سعادة الدكتور، في إطار تطوير العلاقات وسياسة الجوار للحكومة الثالثة عشر(الحالية)، ما هو تقييمك لتعاون إيران مع الدول الأخرى في منطقة الخليج الفارسي؟
عنايتي: سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت دائماً قائمة على تطوير العلاقات مع الجيران، وكان للجيران هذه الأولوية في سياسة إيران الخارجية. في عهد آية الله رئيسي وحكومته، تم تقديم ذلك على شكل لوحة وخريطة طريق، وبعد ذلك شهدنا بعض الإنجازات. وعاد سفير الإمارات إلى إيران ورفع مستوى العلاقات من مستوى القائم بالأعمال إلى مستوى السفير. عاد السفير الكويتي الذي كان في الكويت إلى إيران وقد أوصلنا جميع علاقاتنا مع دول الخليج الفارسي تقريبًا إلى مرحلة مثمرة وجديرة بالاهتمام. لقد اتخذنا هذه الخطوات مع السعودية، وفي الاتفاق الذي تم التوصل إليه، وضعنا الأساس للتعاون وتطوير العلاقات مع بعضنا البعض.
نحن متفائلون جدا بهذا الوضع ونأمل أن تتطور علاقاتنا مع السعودية ودول المنطقة وسنرى خطوات كبيرة في هذه العلاقات في المستقبل. نحن نبذل كل جهودنا في هذا الاتجاه ونهدف إلى تطوير هذه العلاقات وتعميقها قدر الإمكان. لدينا علاقات قوية جدا وقيمة مع العراق. منذ عام 2003 وحتى الآن، توطدت العلاقات بين إيران والعراق. في السنوات الأخيرة، عندما واجهتنا قضية كورونا، لم تتأثر العلاقات التجارية والاقتصادية بين العراق وإيران بهذا الموضوع. لقد تطورت هذه العلاقات وتوسعت في مختلف القطاعات لدرجة أنها لم تتأثر حتى بمثل هذه القضايا. يجري تبادل الزيارات بين إيران والعراق على قدم وساق.
في القطاع العام، والشعبي، وزيارة الأربعين، والمواطنين العراقيين وزيارة الإمام علي بن موسى الرضا، والسياحة تتم بسلاسة. يبلغ طول الحدود بين البلدين أكثر من 1400 كيلومتر مع منافذ حدودية نشطة بالكامل، وقد أكدت إيران على هذه العلاقات في المجالين الثنائي والمتعدد الأطراف للدور الإيجابي الذي يلعبه العراق في المعادلات الإقليمية. لطالما دعمت إيران بشكل كامل الاستقلال والسلام والتقدم والازدهار ووحدة الأراضي والعملية السياسية في هذا البلد، وكان العراقيون دائما يعتبروننا صديقا جيدا. فيما يتعلق بداعش، كان الجنرال الشهيد سليماني وأبو مهدي المهندس رمزا للتعاون بين إيران والعراق. ونأمل أن تتطور العلاقات بين إيران ودول المنطقة وعلاقات دول المنطقة مع بعضها البعض بحيث تشهد هذه المنطقة تعاونا جماعيا.
/انتهى/
