قصة مثل.. رُبَّ رمية من غير رامٍ
طهران / تسنيم // الأمثال وسيلة للوصف والحكمة والتدليل على الرأي و وجهة النظر والفلسفة في الناس والعادات والتقاليد والقيم والسلوك والصفات والسمات للآخرين، فهي أبقى من الشعر وأرق من الخطابة ولم يسر شىء سيرها.
هناك مثل يقول " رُبَّ رمية من غير رامٍ" ؛ ومعنى المثل ان الغرض قد يصبه ليس من اهل الرماية فيضرب عندما يتفق الشىء بواسطة مَن ليس من شأنه أن يصدر منه.
والقصة.. "الحكم المنقري" كان أرمى أهل زمانه ، أي اكثر الناس مهارة في الرماية وإصابة الهدف، فلم يكن الحكم المنقري يوجه سهمه تجاه هدف معين ، إلا ويحسن إصابة الهدف ببراعة ومهارة فائقة، حتى لُقب أرمى أهل زمانه .
وفى يوم من الأيام استيقظ الحكم المنقري، وتطلع إلى أحد الأصنام الموجودة في منزله ، وقال لنفسه : أليت أن اذبح على هذا الصنم مهاة، والمهاة هي البقرة الوحشية الأفريقية ، وتتميز بالقرون الطويلة المنحنية والعيون الواسعة .
وكانت تلك المهمة سهلة بالنسبة للحكم المنقري ، لأنه رام ماهر ويصيب هدفه بسهوله ، فخرج الحكم المنقري للصيد ، فمرت أمامه مهاة فشد قوسه وصوبه نحو المهاة ، لكن لم يصب السهم هدفه وهربت المهاة .
ثم انتظر قليلًا ومرت من أمامه مهاة أخرى ، فشد قوسه وصوب سهمه نحو المهاة ، لكن أيضاً لم يكن الحظ حليفه، وهربت المهاة ولم يتمكن الحكم المنقري ، في ذلك اليوم من اصطياد المهاة ، التي عزم على صيدها .
تحير المنقري بداخله فلم تكن عادته الفشل في إصابة أي هدف ، فأنتظر حتى مرت مهاة أخرى فشد قوسه نحوها ، ولكن مر السهم بجانبها ولم يصبح الهدف، عاد الحكم المنقري إلى قومه خجولًا فقالوا له : خيرًا إن شاء الله .
فقال : لا والله لا خير عندي ، وظن أنه جني جناية فعزم على قتل نفسه .
فتساءل قومه : لماذا تريد أن تقتل نفسك ؟ ، فقال المنقري : لأنى أليت أن أذبح مهاة وأقدمها لصنمي ، ولم استطع فأخشى أن يصيبني سوء من هذا الصنم .
فقال له أحد الجالسين : يا أخى إذبح عشرة من الإبل ، بدلاً من تلك المهاة ولا تقتل نفسك ، فتكون قد تقربت من الصنم بتقديم قربان أكثر ، فرد المنقري : لا يمكن أن أخلف قسمي .
فطلب منه ابنه الغلام الصغير ، أن يحمله معه للصيد ، فرد المنقري في سخرية ، وقال : هل تستطع أن تصيد ما أعجز أنا عن صيده؛ فأنت غلام ضعيف ، وفي اليوم التالي خرج المنقري مع ولده، وما أن وصلا إلى الصحراء مرت مهاة، فطلب الابن قوس والده، وشد قوسه نحو المهاة وأصاب الهدف، فنظر الأب إلى ابنه وهو مندهشاً فقال له : يا ابة، ربٌ رمية من غير رام.
المصدر : كتاب المنتقى من أمثال العرب وقصصهم.
/انتهى/